روسيا ــ «الناتو» ومتلازمة «الضفدع المسلوق»

روسيا ــ «الناتو» ومتلازمة «الضفدع المسلوق»

روسيا ــ «الناتو» ومتلازمة «الضفدع المسلوق»

 العرب اليوم -

روسيا ــ «الناتو» ومتلازمة «الضفدع المسلوق»

بقلم - إميل أمين

يبدو العالم وكأنه على شفا هاوية مواجهة عالمية، لا سيما في ظل علائم التصعيد العسكري، تلك التي تحلّق فوق سماوات مناطق النزاع الملتهبة، وبنوع خاص الروسي - الأوكراني.

مؤكد أن المخاوف تتزايد يوماً تلو الآخر، وبما ينذر بخطر داهم بين حلف «الناتو» وروسيا، تلك التي تقرأ الأزمنة والأحداث بعين رؤيوية استشرافية، تكاد تنطق بما تحمله الأيام من قدر مقدور في زمن منظور.

هل يتجهز «الناتو» لنقل قوات برية إلى أرض الصراع الأوكراني؛ الأمر الذي دعا أحدهم في موسكو للقول: «حسناً... إن هذا معناه أن تطير التوابيت إلى أوروبا؟».

الجواب دون شك يعكس نوايا الرد الروسي، بل وتحفزه، لا سيما بعد أن طرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخراً فكرة إرسال قوات برية إذا تخطى القيصر بوتين عتبات كييف أو أوديسا.

ألقت تصريحات ماكرون حجراً في مياه تكاد تلوثها الإشعاعات النووية عما قريب، ذلك رغم الانتقادات الشديدة التي تلقاها من داخل فرنسا عبر سياسيين وصفوه بأن «هاو» يريد إظهار نوع من الرجولة، وحتى من قائد الجيوش، وإنكار واشنطن نية القيام بهذا الفعل المثير لقرون استشعار الدب الروسي.

على أن قراءة معمقة تظهر بالفعل دوراً فرنسياً في إذكاء نيران المعركة على الأرض ضد الروس، فوزير الجيوش الفرنسية سيباستيان لو كونور، أشار تصريحاً لا تلميحاً إلى أن ثلاث شركات فرنسية ستنتج أو تتولى صيانة الأسلحة في أوكرانيا، عطفاً على نية فرنسا تدريب الجنود الأوكرانيين.

لم تكن فرنسا وحدها التي علت من قبلها أصوات الحديث العسكري لدعم أوكرانيا، فقد تحدث وزير الخارجية البولندي زاديك سيكورسكي، الجار الأقرب والعدو الأكبر لروسيا أمس واليوم وفي الغد، عن تقديره للرئيس الفرنسي ماكرون لعدم استبعاده إرسال قوات عسكرية، وملمحاً إلى إمكانية وجود مثل هذه الوحدات.

القيصر في مبناه الأحمر الفخيم، يتابع كذلك بأعين ملؤها القلق حالة الحصار الجيو - استراتيجي التي تضرب من حوله، وقد كان آخرها انضمام السويد الدولة التي كانت محايدة لعقود طوال إلى حلف «الناتو»، واليوم باتت العضو الـ32 في حلف شمال الأطلسي؛ ما يجعل هذا التكتل المزعج لروسيا أقوى، ويشعِر السويد بنوع من الأمن والاستقرار بشكل وافر على حد تعبير أمين عام الحلف ينس ستولتنبرغ، الرجل الثائر ضد بوتين بنوع خاص.

نجحت الاستخبارات الروسية في الحصول على صيد ثمين، قبل نحو أسبوعين، تمثل في تسجيلات صوتية لضباط كبار في الجيش الألماني يخططون سراً، لكيفية قصف جسر القرم، الأكبر في أوروبا، من خلال صواريخ «توروس» الفتاكة، عبر تهريبها إلى أوكرانيا، وكي لا تبدو ألمانيا ظاهرة في الصورة.

لم يقدر للهر شولتس أن ينفي، بعد أن استمع العالم للجرم المشهود مذاعاً عبر الأثير، الأمر الذي استحضر من غيابات الجب النازي، ذكريات الدموع والدماء والموت بالملايين للجنود الروس في ستالينغراد، كنهاية لمغامرة الفوهور خلال الحرب العالمية الثانية، ومحاولته غزو الاتحاد السوفياتي وقتها.

لم تتغافل العسكرية الروسية عن رصد هدير الدبابات والمجنزرات، ودوي المدافع الذي يصم الآذان، في أقصى شمال أوروبا، حيث تجري أضخم مناورات عسكرية منذ نهاية الحرب الباردة، «المدافع الصامت»، والتي يشارك فيها 20 ألف جندي من 13 دولة، والهدف الافتراضي هو صد هجوم على أراضي الحلف.

هل سينتظر الدب الروسي ليضحى مصيره مثل «الضفدع المسلوق» كما في القصة ذات الدلالات الاستراتيجية، لا سيما في الأوقات المصيرية؟

تخبرنا الرواية الشائعة أن الضفدع سوف يقفز فوراً عندما يوضع في ماء حار لينجو بحياته، أما إذا وضع في ماء معتدل الحرارة ثم تم تسخينه ببطء فإن الضفدع لن يقفز وسيبقى في الماء حتى يصير حاراً جداً؛ لأنه لن يشعر بالخطر التدريجي الحاصل، إلى أن يموت.

تبدو التغيرات التدريجية التي تجري من حول روسيا في عيون أحفاد القياصرة والبلاشفة، على حد سواء، سلبية إلى حد قاتلة، وبات الظن لديهم أن هناك تجهيزات تجري من جانب «الناتو» على قدم وساق لمواجهة مسلحة مع روسيا، سوف تقود حكماً إلى حرب شاملة في أوروبا.

يتلاعب بعض من السياسيين في الغرب بالقول إنه من الوارد إرسال قوات في «مهام غير قتالية»، وهو ما لا يمكن أن يتقبله الروس شكلاً أو موضوعاً، ذلك أن هذه القوات بداية الأمر، تعطي فرصة ذهبية لجنود كييف أن ينتشروا على الحدود لسد الثغرات في الجبهة الطويلة الممتدة مع روسيا.

بينما الأمر الأكبر والأخطر، يتمثل في أن قوات «الناتو» يمكن بالفعل ألا تتدخل في صراع مباشر مع القوات الروسية، لكن عند لحظة بعينها من سخونة الرؤوس ستكون هناك ظروف للصدام المحتوم.

أما الكارثة فتتمثل حال تقدم جنود «الناتو» إلى حدود كييف والاستمتاع بالحياة بعيداً عن المعارك، «مهام غير قتالية»، لكن عند اشتداد القتال سيتم استدعاؤها لوقف اختراقات القوات الروسية، ليحدث المحظور.

يبدو أنه لم يعد لدى روسيا أي خطوط حمراء، ليس تجاه فرنسا فحسب كما أكد ميدفيديف بل تجاه أوروبا برمتها.

هل فات «الناتو» أن روسيا دب قطبي وليس ضفدع شجر أوروبياً؟

arabstoday

GMT 02:43 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

4 ساعات مللاً

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!

GMT 02:31 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

رسائل محمد الطويّان المفتوحة والمغلقة

GMT 02:28 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

الشرق الأوسط... تشكلٌ جديدٌ

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 02:21 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

متى يراجع الفلسطينيون ما حدث؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا ــ «الناتو» ومتلازمة «الضفدع المسلوق» روسيا ــ «الناتو» ومتلازمة «الضفدع المسلوق»



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:08 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل
 العرب اليوم - أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل

GMT 13:03 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025
 العرب اليوم - البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025

GMT 13:51 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

إيران لم تيأس بعد من نجاح مشروعها!

GMT 17:42 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

برشلونة يتعاقد مع مهاجم شاب لتدعيم صفوفه

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 12:15 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب جنوب شرق تايوان

GMT 12:05 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

انفجار قنبلة وسط العاصمة السورية دمشق

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab