زيارة ماكرون والفخ الأميركي للأوروبيين

زيارة ماكرون والفخ الأميركي للأوروبيين

زيارة ماكرون والفخ الأميركي للأوروبيين

 العرب اليوم -

زيارة ماكرون والفخ الأميركي للأوروبيين

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

قبل بضعة أيام، كتبت صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية، تقول إن الولايات المتحدة تستخدم حلف «الناتو» فخاً لتقويض الاقتصاد الأوروبي، وتشديد السيطرة على سياسات الاتحاد الأوروبي.
الرؤية التحليلية التي أوردتها الصحيفة الصينية، والتي لا تحمل بالقطع نيات طيبة للتوجهات الأميركية، تدفعنا للتساؤل: «هل الأمر مجرد فكر تآمري كلاسيكي؟ أم أن في المشهد نوازل جديدة تفتح الباب لقبس من الحقائق، بعيداً عن المكايدات السياسية التقليدية؟».
الشاهد أنه لا يمكننا تقديم جواب شافٍ وافٍ، إلا في ضوء جردة حساب مطولة، يضيق عنها المسطح المتاح للكتابة؛ لكن وبحال من الأحوال، يمكننا القطع بأن التحالف الأميركي - الأوروبي في العقد الماضي، كان مختلفاً اختلافاً جذرياً عما كان عليه في العقود السابقة التي تبعت الانتصار على النازية.
تغيرت الأوضاع وتبدلت الطباع، وبدا أن الأميركيين لديهم مخاوف عميقة من الصحوة الأوراسية أول الأمر، أي تعميق العلاقات الأوروبية - الروسية، وهذا ما كان قد أخذ يتجلى على الصعيد الروسي - الألماني بنوع خاص، وثانياً تعالت الرهبة الأميركية من أن تنجح الصين في أن تقيم جسوراً ذهنية ولوجستية مع الأوروبيين، دولة وراء الأخرى، بما يدفع واشنطن في الزاوية، وفي هذا خسارة فادحة لمربعات النفوذ الأميركية التقليدية.
بعد قرابة عشرة أشهر من الحرب الروسية - الأوكرانية، يتساءل الأوروبيون عما أصابهم، وهل دفعوا تكاليف صراع لم يكن على رأس أولوياتهم التنموية وصالح ومصالح الأجيال القادمة؟
المؤكد أن أوروبا لم تكد تلتقط أنفاسها بعد الخلاص من أزمة الفيروس الشائه، حتى وجدت نفسها مدفوعة دفعاً -باعتبارها جزءاً من «الناتو»- لمواجهة تعلم أنها لن تعود عليها بأي فائدة؛ بل على العكس، إذ بدأت الأحداث تختصم من قدرة أوروبا على الصمود، الأمر المتمثل في أزمة الطاقة المستمرة، والتضخم الجدي في عموم الاقتصادات الأوروبية، والنتيجة الحتمية صعود موجات اليمين السياسي المتطرف، وقد بلغ الأمر حد مظاهرات جرت الأسبوع الماضي في قلب ألمانيا، تطالب بطرد الأميركيين خارج القارة العجوز.
يكاد الأوروبيون اليوم، بعد نحو عامين من وصول الديمقراطيين إلى البيت الأبيض، يقطعون بأنهم لا يختلفون عن الجمهوريين كثيراً، فيما يختص بالخطط الاستراتيجية العريضة والواسعة للولايات المتحدة.
قبل عامين، كان الأوروبيون يتشكُّون من جنوح الرئيس السابق دونالد ترمب، ومطالباته التي لا تنقطع لدول «الناتو»، بزيادة مساهماتها في تمويل الحلف، الأمر الذي وضع أعباء على موازنات تلك الدول، تنتقص من قدراتها على التنمية المستدامة في داخل حدودها الإقليمية.
اليوم يكتشف الأوروبيون أن بايدن ليس الأفضل، فها هو يرهقهم على 3 أصعدة؛ أولاً ما تسمى الإعانات البيئية، وهذه مرتبطة بفكرة مساهمات دول القارة في مواجهة تحديات المناخ، ومعالجة هجمات الطبيعة على البشر.
والبُعد الثاني، ما بات يعرف باسم «ضريبة بايدن»، وفي جزئها الغالب تحميل على شركات الطاقة، ومطالبتها بمزيد من الضرائب وتخفيض الأسعار، وجزء كبير من شركات النفط الأميركية يعمل في أوروبا.
وثالثاً، العودة مرة أخرى إلى مربع ترمب، والخاص بتحميل الدول الأوروبية أعباء تاريخية عسكرية، سواء من خلال زيادة المساهمات في تمويل «الناتو»، أو العمل على دعم أوكرانيا بمزيد من الأسلحة، لمواصلة حربها ضد الروس.
لم يكن من المثير -بل ربما من الخطير- أن تجد كثيراً من دول «الناتو» -لا سيما الصغيرة منها- نفسها أمام أزمة داخلية؛ لا سيما بعد أن استنفدت إمكاناتها لتقديم الدعم العسكري لأوكرانيا، وهو ما أشارت إليه صحيفة «نيويورك تايمز» مؤخراً التي قالت بأن 20 دولة من أعضاء الحلف الثلاثين: «مرهقة للغاية»، من المساعدات العسكرية، بينما كتبت صحيفة «بوليتيكو» أن مخزونات الذخيرة للأسلحة الثقيلة التي قدمتها دول «الناتو» لأوكرانيا، قد تم بالفعل استنفادها من بقية مرافق التخزين.
هل بدأ الأوروبيون يعون أنهم -بصورة أو بأخرى- كانوا ضحايا الرؤى الأميركية لقطع الطريق على الأقطاب القائمة والقادمة، من موسكو إلى بكين؟
من الواضح جداً أن هناك حالة من الغضب المكبوت تارة، والمتفجر تارة أخرى، قد انطلقت في السماوات الأوروبية، تجاه «العم سام» الذي أثبت أنه صديق براغماتي.
تساءل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قبل نحو شهر، عن شكل هذا التحالف الأميركي - الأوروبي، وكيف له أن يستقيم حال تسعير النفط والغاز بأربعة أضعاف ثمنه في الأوضاع العادية!
يوماً تلو الآخر، وكلما طال عمر الأزمة الأوكرانية، يخلص الأوروبيون إلى أن المستفيد الحقيقي منها هو الولايات المتحدة؛ حيث تبيع الغاز والأسلحة بأسعار مضاعفة، بينما التجارة غير العادلة مع واشنطن ستقود حكماً إلى تهديد بتدمير الصناعات الأوروبية.
تأتي زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للولايات المتحدة، بهدف واضح للجميع، وهو محاولة تقويم المسارات وتعديل المساقات الأوروبية - الأميركية. وفرنسا تحديداً هي من دفعت ثمناً باهظاً من خلال إغراء أميركا لأستراليا، ودفعها لإلغاء صفقة الغواصات الشهيرة مع باريس.
وتبقى علامة الاستفهام قبل الانصراف: «هل من الوارد أن يتراجع الأميركيون؟».
بكل تأكيد وتحديد: هذا لن يحدث، في ظل أزمة ارتفاع الدين العام الأميركي، واحتمالات رفع أسعار الفائدة من جديد. ولا يبقى أمام القارة الأوروبية سوى إرهاصات انحلال عقد طال لثمانية عقود مع الجانب الآخر من الأطلسي، إن أرادوا الفكاك من الفخ الأميركي.
وغداً لناظره قريب.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زيارة ماكرون والفخ الأميركي للأوروبيين زيارة ماكرون والفخ الأميركي للأوروبيين



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab