المنتدى الأوروبي للحوار وثقافة الانتماء

المنتدى الأوروبي للحوار وثقافة الانتماء

المنتدى الأوروبي للحوار وثقافة الانتماء

 العرب اليوم -

المنتدى الأوروبي للحوار وثقافة الانتماء

بقلم - إميل أمين

تبدو الأوضاع الحالية لعالمنا المعاصر مخيفة إلى حد المرعبة؛ نتيجة لأسباب متعددة، منها زيادة عدد سكان العالم وتراجع الموارد، والعولمة الاقتصادية المتوحشة، ثم صعود التيارات القومية، ونهضة الجماعات اليمينية، عطفاً على الأزمات الإيكولوجية، وصولاً إلى الخوف من حدوث حرب عالمية ثالثة.

في هذا السياق، تبقى الحاجة الماسة إلى الحضارات العقلانية، لا العاطفية الغائية، وتشتد الحاجة إلى تفعيل الحوار الإنساني البنّاء، وعلى جميع الصعد؛ الأمر الذي يستطيع أن يعيد للبشرية الأمل في البقاء.

ورغم الأنواء العاصفة، تبقى هناك ركبٌ لم ولن تجثو للكراهية، وإنما تفتح مساقات التلاقي، وتدفع في مسارات المشترك الإنساني الواحد؛ بهدف النماء والبقاء، وليس للعداوات والفناء.

بين 13 و15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، شهدت مدينة روتردام الهولندية، فعاليات «المنتدى الأوروبي الخامس للحوار بشأن سياسات اللاجئين والمهاجرين»، والذي ينظمه «مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات» (كايسيد)، في لشبونة، وبالتعاون مع الكثير من المنظمات الحوارية الأوروبية والدولية.

يخطر لنا أن نتساءل أول الأمر عن اهتمام «كايسيد» بقضية اللاجئين والمهاجرين، وهل للأمر صلة ما بفكرة تعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، ودفع عجلة الاندماج الاجتماعي، وتعزيز فكرة قبول الآخر؟

يبدو شعار المنتدى هذا العام، وكأنه يحمل الجواب، وهو كذلك بالفعل: «إلهام، تواصل، إشراك»، لا سيما في ضوء معرفة أنه يضم مجموعة متنوعة من سبع ديانات، في مقدمتهم قيادات دينية، وصانعو سياسات، ومنظمات المجتمع المدني، أما «الخبر السار» وعن حق في هذا العمل الحواري الخلاق، فيتمثل في أن نسبة الحاضرين من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاماً، تصل إلى 33 في المائة من المشاركين في أعمال المنتدى؛ ما يجعل منه منصة رئيسية لتعزيز الاندماج الاجتماعي في أوروبا.

بدا هدف المؤتمر واضحاً، وهو تأكيد الدور الحاسم للمدن وتخطيطها في إشراك أفراد المجتمع بفاعلية لتقديم حلول متوازنة للمشكلات، ليس هذا فحسب، بل تسليط الضوء أيضاً على إسهامات اللاجئين والمهاجرين الشباب في تمتين العلاقة بين مختلف المجتمعات المحلية.

يبدو المؤتمر وبحسب الأمين العام لـ«كايسيد» الدكتور زهير الحارثي، ثمرة جديدة من الثمار الناضجة لأعمال مركز الملك عبد الله العالمي، وخطوة تنويرية تتساوق مع «رؤية 2030» للمملكة العربية السعودية، والتي يقودها باقتدار ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، خطوة في طريق الغد المستنير بأضواء التلاقي لا بظلمات التنافر.

يرى الدكتور الحارثي أن المنتدى شهادة على التزام «كايسيد» بتعزيز الحوار والتفاهم بين المجموعات المتنوعة، وبخاصة في ظل عالم اليوم، حيث أصبحت مسـألة الاندماج الاجتماعي أكثر أهمية من أي وقت مضى.

جاء المنتدى الأوروبي للحوار هذا العام ليمثل منصة لبناء الجسور، وبدء محادثات عميقة وهادفة وإيجاد حلول قابلة للتنفيذ.

هل هذا هو بالفعل الوقت القيّم لعقد مثل هذا المؤتمر؟

ليس سراً القول إن هناك إرتفاعاً واضحاً في نبرة صوت خطابات الكراهية، بل أشد هولاً من ذلك، الترويج لأفكار التشكيك في نوايا الآخر ونوازعه.

أسوأ دليل على ما نقول به، نظرية «الاستبدال الكبير» لصاحبها الكاتب الفرنسي اليميني، رينو كامو، ومفادها أن شعوباً عربية وأفريقية، مغايرة في العرق والدين والثقافة، تسعى لأن تحتل أوروبا ديموغرافياً، عبر الهجرة سواء القانونية أو غير القانونية، ومن خلال تسلق سلم الديمقراطيات الأوروبية، والإطاحة به لاحقاً.

لم يكن كامو وحده من أثار الذعر في نفوس الأوروبيين، فقد تابعنا أوائل الشهر الحالي، تصريحات «الفتى العجيب»، إيلون ماسك، والذي رجّح في منشور على حسابه بمنصة التواصل الاجتماعي «إكس» أن «أوروبا تسير في اتجاه الحرب الأهلية». ماسك تكلم على هذا النحو عند تعليقه على مقاطع فيديو للاشتباكات التي جرت في المملكة المتحدة بين مواطني البلاد والمهاجرين، وغالب الظن أنها اندلعت على هامش أزمة غزة الأخيرة.

ولعل ما زاد الطين بلة كما يقال، تصريح أحد مستخدمي الشبكات الاجتماعية بأن «المسؤولين الفاسدين في الاتحاد الأوروبي يستحقون الفوضى التي يريدونها»، وهي إشارة لا تخطئها العين، للسماح بالمزيد من الهجرة والمهاجرين واللجوء واللاجئين.

هل تعمّق مثل هذه الخطابات مشاعر الكراهية؟

دارت موضوعات المنتدى حول ثلاث أوراق عميقة المعنى والمبنى، كفيلة بأن تغير الأوضاع وتبدل الطباع:

الأولى: «كلمات تضمد الجراح»، وفيها تتبدى القيمة المضافة لكل عمل حواري خلاق.

الثانية: «مدن تعزز الانتماء»، وتهدف لإنشاء مساحات حضرية شاملة تحتوي الجميع.

الثالثة: «القيادة في العمل»، وتسعى لإظهار دور الشباب في صنع القرار والتغيير وتعزيز ثقتهم بالقيادة العلمانية والدينية على حد سواء.

يؤكد الحارثي بأن جوهر مهمة «كايسيد» هو «بناء ثقافة الانتماء»؛ سعياً نحو التضمين الاجتماعي للجميع، بما في ذلك الدور الحيوي للشباب اللاجئ والمهاجر.

أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي عدّ البابا فرنسيس اللاجئين والمهاجرين بأنهم «ليسوا غزاة»، وإنما إخوة في إنسانية واحدة يتألمون ويعانون.

الخلاصة، منتديات «كايسيد» تدفعنا إلى إعادة النظر في طرائق تفكيرنا، وما يتوجب على العالم فعله لوضع الأمور في نصابها، وتصحيح الخلل الذي أصاب العيش الإنساني الواحد.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المنتدى الأوروبي للحوار وثقافة الانتماء المنتدى الأوروبي للحوار وثقافة الانتماء



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!

GMT 11:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab