شونباخ ـ بوتين وعالم الغرب المنقسم

شونباخ ـ بوتين.. وعالم الغرب المنقسم

شونباخ ـ بوتين.. وعالم الغرب المنقسم

 العرب اليوم -

شونباخ ـ بوتين وعالم الغرب المنقسم

بقلم - إميل أمين

هل نجح القيصر بوتين في شق صف الغرب في الوقت الذي تسمع فيه قعقعة الحرب على الحدود الأوكرانية؟
يمكن أن يكون ذلك كذلك بالفعل، وخير دليل الموقف الألماني عامة الذي رفض تزويد أوكرانيا بالأسلحة مثلما فعل العم سام، الذي أرسل ما قيمته 200 مليون دولار من أدوات الحرب استعداداً للهول القادم من الشرق الأوكراني.
على أن تصريحات قائد البحرية الألمانية الأميرال كاي إخيم شونباخ، الأخيرة، ورغم أنها قادته إلى الاستقالة لاحقاً، فإنها عكست موقف الكثيرين من الألمان في روسيا وقائدها، وفي الناتو والتحالف الأميركي - الأوروبي، وربما بيّنت بوضوح أن الشرخ في الجدار الأوروبي يتعمق ويتسع يوماً تلو الآخر.
خلال مؤتمر عُقد في نيودلهي في المعهد الهندي للدراسات الدفاعية (متنوهار باريكار)، ذهب شونباخ إلى أنه من المهم جداً احترام بوتين، ومضيفاً أن إظهار الاحترام لا يكلف شيئاً، وأن الزعيم الروسي يستحق هذا الاحترام.
شونباخ، أثار ثائرة أوكرانيا والأوكرانيين حين أشار إلى واقع حال شبه جزيرة القرم، وكيف أنها أضحت منطقة روسية إلى الأبد، ولن تعود إلى أوكرانيا مرة أخرى.
عطفاً على ذلك، وضع شونباخ الجميع أمام حقيقة باتت مؤكدة للكثير من الأوروبيين، وهي أن روسيا ليست العدو الحقيقي لألمانيا أو الهند، بل الصين، وعليه يتوجب الانتباه جيداً إلى التحدي الصيني.
تستدعي تصريحات شونباخ وقفة متأنية في محاولة لفهم تصريحات مسؤول عسكري ألماني كبير؛ ذلك أنه ومهما قيل في تبرير تصريحاته أو إنكارها لاحقاً، فإن الحقيقة واضحة، وهي أن الغرب ينقسم يوماً تلو الآخر.
البداية قطعاً من خلال جسم حلف الأطلسي، الذي يتلقى طعنات في السنوات الأخيرة، وقد خيّل للبعض أن الرئيس جو بايدن سيعيد المودات التي انقطعت بصورة أو بأخرى خلال إدارة سلفه دونالد ترمب اليتيمة، غير أن ذلك لم يحدث، وغالب الأمر أنه لن تجري به المقادير.
تصريحات شونباخ توضح لنا أن هناك تياراً ألمانياً ربما يرى الحلف الأوراسي، في الوقت الراهن، أكثر أهمية وفاعلية، من حلف الأطلسي، وأنه ليس من مصلحة ألمانيا الجيوسياسية الدخول في صراع عسكري مسلح من جديد مع روسيا.
يبدو الخوف الألماني الحقيقي من الصين، والجميع يعلم أن تجليات الاقتصاد عادة ما تستتبعها ثورات وفورات عسكرية، وهذا ديدن الإمبراطوريات عبر التاريخ وحتى اليوم، وعلى غير المصدق أن ينظر إلى حاملات الطائرات التي تبنيها الصين من جهة، وصوامع الصواريخ النووية التي تعدها تحت الأرض لقرابة عشرة آلاف رأس نووي، وما من أحد سيقدر على منعها، لا سيما أنها من يرفض الدخول في معاهدات نووية دولية.
يلفت الانتباه في تصريحات شونباخ أنها صدرت خلال لقاء عُقد في مركز دراسات هندية؛ ما يعني أن الهند ليست غافلة عما تجري به المقادير من حولها، والمراقب للشأن الهندي يعلم أن هناك تقارباً روسياً - هندياً بنوع خاص، هدفه الرئيس التحسب للنمو الصيني القائم والقادم، والذي يمكن أن يكون وبالاً على الدولتين، رغم التحالف البراغماتي الظاهر للعيان بين موسكو وبكين، والمرجح أن تنفصم عراه عند أقرب نقطة خلاف؛ إذ لا يزال الرماد تحت النيران بين الجانبين.
يمكن القطع أن شونباخ قد لامس الأسلاك العارية في شخصية الرئيس بوتين، لا سيما أن حديثه عن الاحترام تجاهه هو بيت القصيد، وهو ما لا تريد الدولة الأميركية العميقة فهمه، بل تمضي وراء مشروع القرن الأميركي للمحافظين الجدد حتى الساعة، والذي يبغي صبغ العالم برمته بلون العلم الأميركي، ومن غير أي اعتبار لمفاهيم الدولة الويستفالية.
لا يبدي الغرب احتراماً لبوتين، كما أن الناتو ينكص على وعوده يوماً تلو الآخر، فقد قطع على نفسه التزاماً في زمن تفكيك الاتحاد السوفياتي بألا يتقدم إلى الحدود الروسية، وها هو ينكر اليوم ما وعد به بالأمس.
يبدو الأميرال شونباخ من العارفين بشخصية بوتين بشكل معمق، ويدرك أن الجرح الغائر في قلب بوتين حتى الساعة يتمثل في المهانة والإذلال اللذين لاقاهما الروس من الدوائر الأميركية والغربية، ولا يزال ضابط الاستخبارات السوفياتية يشعر بأن سيف الغدر قد ذبح بلاده مرة، وعليه فإنه من المستحيل أن يسمح بتعرضها لسيناريو مشابه عبر اقتراب حوائط صواريخ الناتو من بلاده، وحتى لو كلف الأمر مواجهة لا تبقي ولا تذر.
في حديثه عن الدول التي ترغب في الانضمام إلى الناتو، بدا شونباخ رجل تفكير استراتيجي، وهذا ليس بغريب على أحد أبناء بسمارك؛ ذلك أنه أشار إلى أن جورجيا تستوفي معايير الانضمام إلى الحلف، لكن عضويتها، وعلى حد تعبيره، غير منطقية... لماذا؟
باختصار غير مخل؛ لأنها بذلك تخل بالتوازنات الجغرافية والديموغرافية التي تحفظ لأوروبا سلامها.
شونباخ يرى أن حرباً جديدة في القارة الأوروبية يمكن أن تبدأ في العقود القريبة... هل دق الرجل جرس إنذار للقارة العجوز؟

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شونباخ ـ بوتين وعالم الغرب المنقسم شونباخ ـ بوتين وعالم الغرب المنقسم



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام
 العرب اليوم - تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab