مهرجان البحر الأحمر صفحة حضارية جديدة

مهرجان البحر الأحمر... صفحة حضارية جديدة

مهرجان البحر الأحمر... صفحة حضارية جديدة

 العرب اليوم -

مهرجان البحر الأحمر صفحة حضارية جديدة

بقلم - إميل أمين

هذا حدث تنويري تأخر الكلام عنه بسبب تداعيات المشهد الدولي سياسياً، ومع نهاية عام، وبداية آخر، وفي ظل سلسلة من الأزمات التي لا تتوقف طالما هناك بشرية تحيا وتتحرك وتوجد.
طوال عشرة أيام تقريباً شهدت مدينة جدة على ساحل البحر الأحمر، أول مهرجان سينمائي سعودي من نوعه في المملكة، الأمر الذي يعد علامة في طريق تأكيد المؤكد من الانفتاح التنويري المكتسي برغبة حقيقية في استنهاض حضارة عميقة وعريقة، عرفت مختلف ألوان الفنون والإبداعات على مسار القرون الغابرة.
يجيء المهرجان بعد قرارات جريئة تفتح مساقات الأنوار أمام الانفتاح على العالم، والتثاقف معه، ومن غير خشية منظومات من الرطانة اللغوية وليس أكثر، كالقول بالغزو الثقافي، الأمر الذي يرتب ضعفاً وانعزالاً لا يليقان بأجيال سعودية صاعدة في مدارات إعادة تشكيل العالم، قبل السياقات الإقليمية.
من أجمل ما قيل في هذا المهرجان وعلى لسان المخرجة السعودية المبدعة، هيفاء المنصور، التي شاركت ببعض أعمالها في المهرجان، هو أن المملكة تعيش «صفحة جديدة من وجهها الحضاري».
ولعله من نافلة القول القطع بأن المهرجان - والاهتمام بصناعة السينما في المملكة - نتاج مباشر لرؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان 2030 التي تبغي وضع السعودية في مصاف الدول الكبرى، بما تقدمه من مساهمات في ترقية الأمم وتطور الشعوب.
تقارن هيفاء المنصور بين ما تعيشه بلادها اليوم، وما كانت تحلم به كامرأة سعودية قبل بضعة عقود، حين كانت مشاهدة فيلم سينمائي على جهاز فيديو منزلي بمثابة حلم، وللمرء أن يتخيل حال شباب سعودي يرفل اليوم في رفاهية المعرفة والانطلاق في آفاق العالم الواسع، عبر مختلف آلياته وأدواته، وبين ضيق الآيديولوجيات التي حجبت أشعة الشمس لعقود قريبة.
اعتبر النقاد الفنيون في المملكة أن السينما تمنحهم صوتاً، وتجعل العالم أقرب إليهم، وتجعلهم أقرب إلى العالم، ويكفي التفكر في الدور الذي لعبته ولا تزال هوليوود، عاصمة السينما في الولايات المتحدة، في الترويج للحلم الأميركي منذ أربعينات القرن الماضي، فقد كانت إحدى أهم أذرع القوى الناعمة لإيصال صورة الحياة في الداخل الأميركي إلى بقية قارات العالم، وقد نجحت في رسم ملامح ومعالم الإمبراطورية الوليدة الجديدة في مخيّلة ملايين البشر.
في أبريل (نيسان) 2018، حين أعادت المملكة فتح دور السينما، بعد إغلاق استمر عقوداً، بدا كأن رئة جديدة تضاف إلى أجواء المملكة، يمكن التنفس من خلالها هواء نقياً، يحمل معه مزيداً من التصالح مع العالم، وهو أمر لم يكن ليحدث لولا الأيادي القوية العفية القابضة على جمر التغيير الخيّر والإيجابي على أصعدة متعددة وليس على صعيد واحد.
المصالحة السعودية مع التنوير التي تتم في هذه المرحلة على يد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تحمل في طياتها ثقافة كاملة وشاملة، تليق بالمجتمع الذي يضحى مؤهلاً يوماً تلو الآخر، لاستخدام أدوات العصر في توفير حياة أرفع وأنفع.
اقتصادياً يفتح المهرجان دروباً من الأمل في نشوء وارتقاء صناعة سينما تدر الملايين - بل المليارات - على الدولة، وهنا تتوجب الإشارة إلى الذكاء القائم والمقبل وراء الحدث عينه، لا سيما أنه يجذب موارد جديدة للدولة، وبعيداً عن الريع النفطي التقليدي الذي عاشت عليه البلاد لعقود تقارب المائة عام.
من هنا يمكن للمرء أن يتفهم فلسفة مبادرة هيئة الأفلام التي تسعى وراء معالجة صناعة السينما في المملكة التي تعاني من نقص الكوادر المحترفة وفرص التدريب، وهو ما يتوقع تغيير مساره في مقبلات الأيام، بل وفتح أبواب العمل أمام الاستثمار المحلي والأجنبي على حد سواء.
تبدو رؤية الهيئة تكاملية، ففي وقت مواكب لانطلاق مهرجان البحر الأحمر، أطلقت استراتيجية لتطوير صناعة الأفلام السعودية تتضمن 19 مبادرة تهدف إلى إحداث حراك كبير في قطاع الأفلام بالمملكة وتوفير بنية تحتية للإنتاج السينمائي، وتمكين المواهب والقدرات السعودية.
يفتح الإنتاج السينمائي أبواب الاستثمار في داخل المملكة، ويكفي النظر إلى الفرص المتاحة اليوم، والمتوالدة غداً في منطقة مثل نيوم، ليدرك المرء كيف لشركات الإنتاج العالمية أن تجد هناك ضالتها المنشودة، ولتضخ مليارات الدولارات لإنتاج أفلام سينمائية سعودية وأوروبية وأميركية، وعلى غير المصدق أن يراجع إيرادات فيلم «سبايدر مان»، الذي عرضته دور السينما الأميركية مؤخراً، فعلى الرغم من تفشي جائحة فيروس «كوفيد - 19» ومتحوره أوميكرون في الداخل الأميركي، فقد حقق الفيلم في الأسبوع الأول لعرضه، مليار دولار.
مهرجان البحر الأحمر عنوان للقوة الناعمة السعودية التي تعد القاطرة المؤهلة لقيادة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي تحدث حالياً في المملكة.
تلعب الفنون دوماً وأبداً، من زمن المسارح الإغريقية إلى نظيرتها في برودواي، دوراً مهماً في تهيئة المجتمعات الإنسانية في طريق التحضر والرقي، ودائماً ما كانت الفنون سلّماً لصعود مدارك الإبداع والعبقرية.
أنوار مهرجان البحر الأحمر طاردة لظلاميات العتم في الحال والاستقبال.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مهرجان البحر الأحمر صفحة حضارية جديدة مهرجان البحر الأحمر صفحة حضارية جديدة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - الأسد يؤكد قدرة سوريا على دحر الإرهابيين رغم شدة الهجمات

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
 العرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 00:06 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الغاوي يجمع أحمد مكي وعائشة بن أحمد في رمضان 2025
 العرب اليوم - الغاوي يجمع أحمد مكي وعائشة بن أحمد في رمضان 2025

GMT 06:22 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الخروج إلى البراح!

GMT 13:18 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتفاق.. ونصر حزب الله!

GMT 16:01 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف فوري لانتهاكات الهدنة في لبنان

GMT 06:56 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حلب... ليالي الشتاء الحزينة

GMT 00:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab