تايوان الاستفزاز الاستراتيجي

تايوان... الاستفزاز الاستراتيجي

تايوان... الاستفزاز الاستراتيجي

 العرب اليوم -

تايوان الاستفزاز الاستراتيجي

بقلم : إميل أمين

منذ أبريل (نيسان) الماضي، تروج في الأوساط الإعلامية الأميركية أنباء حول عزم رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، القيام بزيارة إلى جزيرة تايوان، هناك حيث فخ ثيوسيديديس التاريخي، لا يزال منصوباً، واحتمالات المواجهة المسلحة من جرائه بين واشنطن وبكين قائمة كل يوم صباح مساء.

تأجلت الرحلة قبل نحو ثلاثة أشهر بذريعة إصابة بيلوسي بفيروس «كوفيد - 19»، واليوم يشتد الجدل حولها مرة أخرى، وترتفع وتيرة المواجهات بين الولايات المتحدة والصين.
عُرفت بيلوسي، وبنوع خاص طوال سنوات إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب بأنها حجر عثرة لا حجر زاوية في المسار السياسي الداخلي، وإن ينسَ الأميركيون فلا ينسون تمزيقها لخطاب حالة الاتحاد الأخير لترمب، رداً على تجاهله مصافحتها.
خلال الأعوام القليلة المنصرمة شهدت جزيرة تايوان، التي تعتبرها الصين جزءاً من أراضيها التاريخية، زيارة لوفود أميركية عدة، لكن لم تطأها قدما مسؤول أميركي كبير منذ عام 1997، حين زارها رئيس مجلس النواب نيوت غينغريتش، وبذلك تضحى زيارة بيلوسي، علامة فارقة في التوجهات الأميركية نحو تايوان.
التساؤل الأولي الذي يتوارد على الخواطر: «ما الدافع وراء مثل هذه الزيارة، لا سيما في ظل حرب طاحنة، وليس عملية عسكرية فحسب، تدور في الجوار الروسي - الأوكراني؟».
يبدو أننا أمام طريقين في القراءة والتحليل: الأول يخص أصحاب الرؤية السياسية الواقعية، الذين يرون في رحلة بيلوسي حركة تكتيكية، ضمن رؤية استراتيجية تنزع نحو المزيد من الاستقطاب السياسي لصالح واشنطن شرق آسيا، وتالياً في مياه المحيط الهادئ، مع العمل من طرف خفي على محاولة دفع الصين بعيداً عن الاصطفاف بجوار روسيا في معركتها مع أوكرانيا.
أما الثاني، فيميل إليه أنصار التفسير التآمري للتاريخ - وبعضه صادق في ظروف بعينها - والذين يقطعون بأن هناك نوايا أميركية باطنية عميقة، لا تظهر على سطح الأحداث، تهدف إلى زج الصين في صدام مسلح عبر تايوان، لاستنزافها اقتصادياً من جهة، ومشاغلتها عسكرياً من جهة أخرى، وقطع الطريق على طموحاتها القطبية من طرف ثالث، لا سيما طريق الحرير، وتعاظم زمن جماعة البريكس.
على مر العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين، وحتى تاريخ الزيارة المثيرة، درجت القيادة السياسية الأميركية على اعتبار تايوان مدخلاً لممارسة الضغوطات الأميركية على الصين، ومثلت بوابة للتصعيد لا للتقارب بين واشنطن وبكين، وما يحدث الآن هو تأكيد جديد لهذه القاعدة.
منذ بداية الأزمة الروسية - الأوكرانية، وهناك أصوات ذات حيثية في الداخل الأميركي، ترى أن الهدف الرئيس للسياسات الماورائية الأميركية في بقاء «القيصر بوتين» منشغلاً في حرب مع أوكرانيا، يتصل بالصين، ومحاولة فك رباطات تعاونها مع روسيا.
أما الصين، التي تفهم أبعاد المشهد، بصورة واقعية، فمن جانب يناسبها تماماً تورط دول الناتو، وبنوع خاص الولايات المتحدة في مستنقع أوكرانيا، وكل يوم حرب إضافية بين موسكو وكييف، تدفع واشنطن فاتورته، الأمر الذي يعزز من قوة الاقتصاد الصيني، ويفتح المجال واسعاً للجيش الصيني لتتعاظم قوته، بالضبط كما أشار وزير دفاع البلاد، الجنرال وي فينغي، في سنغافورة مؤخراً، حين أكد بناء بلاده ترسانة نووية حديثة، ومن الطبيعي أنه كلما استمرت المواجهة في أوكرانيا، سيضحى هامش الربح والمناورة الصيني أكبر وأعمق، ما يقود الصين لدرجة القوة العظمى، وحال التحالف مع روسيا، يفقد الناتو حضوره الفوقي التاريخي، الذي ساد العالم، طوال الثلاثة عقود المنصرمة.
المثير في هذه الزيارة، هو الغموض الذي يحيط بها، والذي يخشى معه أن يكون الأمر مجرد توزيع أدوار، فالرئيس جو بايدن يرى أنها ليست فكرة جيدة، وذلك بوازع من الجيش الأميركي، حيث يعتبر كبار جنرالات البنتاغون، أنها رحلة قد تساهم في زيادة التوترات مع بكين التي تستعرض عضلاتها في بحر الصين الجنوبي، كما أن تخطيط بيلوسي لاستخدام طائرة عسكرية للطيران إلى الجزيرة، يحمل الصينيين على النظر للزيارة بوصفها «استفزازاً استراتيجياً»، يتجاوز الخطوط الحمراء.
في هذا الإطار، يضحى من الطبيعي أن تمضي الصين هذه المرة إلى ردات فعل تبدأ من عند مطالبة وزارة خارجيتها بإلغاء الزيارة، وصولاً إلى القول، بأن الرد العسكري محدد بالفعل، ويجب على بيلوسي أن تفهم أنها ستكون مسؤولة عن إثارة نزاع، ربما يكون أكثر خطورة من أزمة مضيق تايوان في عام 1996، والوصول بالبلدين إلى حافة المواجهة النووية، ودخول العالم دائرة الحرب العالمية.
ملامح الزيارة المخيفة تزداد غموضاً مع تصريحات بيلوسي نفسها، التي رفضت تأكيد أو نفيها إذا كانت ستسافر في أوائل أغسطس (آب) القادم أم لا، معللة الأمر بالأسباب الأمنية.
هل تايوان هي الحرب التالية؟
المنزلق خطير، والعقلاء قليلون، فانظر ماذا ترى.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تايوان الاستفزاز الاستراتيجي تايوان الاستفزاز الاستراتيجي



ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:12 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
 العرب اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 05:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
 العرب اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 05:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

الضوء في الليل يزيد فرص الإصابة بالسكري

GMT 07:29 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 11:29 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

هجوم سيبراني يستهدف مواقع حكومية إسرائيلية

GMT 19:16 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

الرجاء المغربي يخفض تذاكر مباريات دوري الأبطال

GMT 19:30 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.7 درجة يهز مقاطعة آنهوي شرقي الصين

GMT 18:31 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

الإعلامية رضوى الشربيني تستقيل من قناة CBC سفرة

GMT 06:13 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

إصابة 5 إسرائيليين إثر قصف بلدة غرب كريات شمونة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab