إسرائيل والمقدسات التطرف لا يفيد

إسرائيل والمقدسات.. التطرف لا يفيد

إسرائيل والمقدسات.. التطرف لا يفيد

 العرب اليوم -

إسرائيل والمقدسات التطرف لا يفيد

بقلم:إميل أمين

ما هي الفائدة التي عادت على إسرائيل بداية، وعلى بقية منطقة الشرق الأوسط، من اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، للمسجد الأقصى؟

المؤكد أن هذا التصرف عاد بالمنطقة إلى مخاوف صحوة التطرف مرة أخرى، ودفع الشرق أوسطيين إلى التساؤل مرة أخرى، هل إسرائيل دولة مدنية، أم أنها مصرة على طرح ذاتها ككيان ديني؟

تبدو إسرائيل، وعلى عتبات عام جديد، ومن خلال رئاسة وزارة نتانياهو، بالضبط كما الحال بالنسبة لإيران، لا تريد أن تحسم أمرها بين ما إذا كانت دولة أم ثورة.

حديث الأقصى يفتح جرحا غائرا في عالمنا المعاصر، وبما يتجاوز المنطقة، ذلك أن الأوهام التاريخية المخيمة على العقلية الإسرائيلية حول جبل الهيكل وبناء معبد سليمان محله من جديد، كفيلة بإفقاد العالم سلامه شرقا وغربا.

منذ قيام دولة إسرائيل عام 1948، لا تزال رؤية بن غوريون قائمة في أذهان الإسرائيليين المتشددين والمتطرفين، ومفادها أنه: "لا فائدة لإسرائيل من غير القدس، ولا معنى للقدس من غير الهيكل ".

الذين طالعوا مذكرات، ليفي اشكول، رئيس وزراء خلال حرب الستة أيام عام 1967، لا يشعرون بمفاجأة ما قام به بن غفير، فقد فكر أسلافهم، لاسيما من الجنرالات، في هدم الأقصى في ذلك التوقيت، ومن وقتها جرت محاولات عدة لإحراق الأقصى، وأبطلت مؤامرات تدميره من خلال تفجيرات، وظلت مشروعات تهويد القدس، والحفر من أسفل الأقصى ماضية، حتى بعد أن تسببت زيارات مماثلة سابقة لانتفاضتين فلسطينيتين.

منذ بداية الألفية الثالثة وهناك سيناريوهات يمينية متطرفة، تعمل جاهدة على تغيير ما يعرف في اللغة اللاتينية باسم Status Quo أي الوضع القائم، والقدس بحسب قرارات الأمم المتحدة، مدينة محتلة، ومن هذا المنطلق، لا يجوز لها أن تغير الأوضاع القائمة فيها إلى Pro Quo أي تغيير وتعديل ما كانت عليه الأوضاع، قبل احتلال المدينة المقدسة.

قبل بضعة أعوام، جرت محاولة أخرى، وغالب الظن أنه ستكون هناك محاولات متجددة منها، تتعلق بفكرة تقسيم الوقت داخل حرم الأقصى، وبما يسمح بإقامة الشعائر اليهودية في أوقات معينة، والسماح للمسلمين بأوقات أخرى، الأمر الذي يدفع حكما في طريق الصدام لا بين الفلسطينيين والإسرائيليين في الداخل فقط، وإنما حول العالم من خلال إذكاء نيران التطرف الدوغمائي شرقا وغربا.

يغيب عن القيادة الإسرائيلية الجديدة، أن المقدسات مطلقات، وقد علمتنا الفلسفة أن المطلقات لا تقبل فلسفة التفاوض أو قسمة الغرماء، بل تقود حكما إلى الصراع الشامل والكامل، على العكس من الخلافات حول الأمور النسبية.

لم يعد سرا أن تصرفات قيادات إسرائيل اليمينية المتشددة إلى حد التطرف، قد باتت تدفع الكثير من الإسرائيليين أنفسهم لجهة موجات من العنف الديني اليميني مرة جديدة.

قبل نحو عامين، نشر معهد "ماجرموحوت "، الإسرائيلي لاستطلاع الرأي، نتائج بحث حول فكرة تقسيم الأقصى بين المسلمين واليهود، وفيه أيد نحو 59% من الإسرائيليين الطرح من ناحية الزمان والمكان، فيما أوضح الاستطلاع أن نحو ثلث الإسرائيليين، يؤيدون فكرة بناء الهيكل، وذهب 66% من المستطلعة آراؤهم إلى أن حائط البراق هو أكثر المعالم المقدسة لدى الشعب اليهودي.

كان من الطبيعي أن تدفع زيارة بن غفير المزيد من أنصار اليمين الإسرائيلي، إلى محاكاة مرفوضة، وهذا ما جرت به المقادير صباح الأربعاء، حينما اقتحم عشرات المستوطنين، باحات المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، بحراسة مشددة من الشرطة الإسرائيلية، وأدوا طقوسا تلمودية.

المثير جدا وفي تطور يعكس كراهية راسخة عند أنصار اليمين الإسرائيلي، لكافة المقدسات الإسلامية والمسيحية في الأراضي الفلسطينية المقدسة، قيام المستوطنين المتطرفين بالاعتداء على المقبرة التابعة للكنيسة الإنجليكانية، في جبل صهيون، في مدينة القدس المحتلة، وحطموا عدة صلبان وشواهد عشرات القبور وقاموا بتدنيسها والمشي عليها.

لا تقتصر ردات الفعل الرافضة لامتهان اليمين الإسرائيلي، حكومة وشعبا، للمقدسات الإسلامية والمسيحية، على العالمين العربي والإسلامي فحسب، بل امتدت الإدانة إلى غالبية حكومات العالم، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أظهر فيها مسؤولون كبار في إدارة الرئيس بايدن، مقدار غضبهم بسبب تصرفات بن غفير.

الأمريكيون راهنوا، ولا يزالون، على بسط سجادة السلام في الشرق الأوسط، ومحاولة تذليل العقبات بين الإسرائيليين وجيرانهم من العرب، وقد بدت في الأفق علامات بشكل أو بآخر لفتح مسارب للسلام، غير أن ما جرى خلال الأيام الأولى من العام الجديد، بعث للأمريكيين برسالة تفيد بأن كافة جهودهم قد تذهب أدراج الرياح.

أما عن المراكز الدينية والإيمانية الكنسية المتقدمة، وفي المقدمة منها، الكرسي الرسولي في الفاتيكان، فقد رفض مرارا وتكرارا فكرة انفراد إسرائيل، بمقدرات المشهد في المدينة المقدسة، القدس، وهو موقف مبدئي منذ العام 1967 ولم يتغير، وكثيرة هي البيانات التي صدرت في الفاتيكان حول ضرورة عدم تغيير الأوضاع القائمة الخاصة بالمقدسات في الداخل الفلسطيني، وأن تظل المدينة متعددة الأديان، إضافة إلى بعدها الروحي وهويتها الفريدة، وهو موقف بدا من عند البابا بولس السادس عام 1967 وصولا إلى البابا فرنسيس.

هل تدرك القيادة الإسرائيلية الجديدة أن تلك التصرفات، تدفع تيارات متطرفة وراديكالية في طريق إشعال صراعات ذات سمات دينية وطائفية ومذهبية.

ربما يكفي العالم ما فيه من أمراض الشعبويات والتيارات القومية ذات الملامح الشوفينية.

التطرف والكراهية لا يفيدان.. الحوار والجوار والتعايش واحترام الآخر ومقدساته هو الحل.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل والمقدسات التطرف لا يفيد إسرائيل والمقدسات التطرف لا يفيد



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:08 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل
 العرب اليوم - أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل

GMT 13:03 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025
 العرب اليوم - البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025

GMT 13:51 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

إيران لم تيأس بعد من نجاح مشروعها!

GMT 17:42 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

برشلونة يتعاقد مع مهاجم شاب لتدعيم صفوفه

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 12:15 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب جنوب شرق تايوان

GMT 12:05 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

انفجار قنبلة وسط العاصمة السورية دمشق

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab