موسكو  كييف الدب لا يحاصَر ولا يقيَّد

موسكو - كييف... الدب لا يحاصَر ولا يقيَّد

موسكو - كييف... الدب لا يحاصَر ولا يقيَّد

 العرب اليوم -

موسكو  كييف الدب لا يحاصَر ولا يقيَّد

بقلم - إميل أمين

بخطوات متسارعة تبدو الأزمة الأوكرانية وكأنها كرة ثلج تتدحرج من قمة الجبل وتكاد ترتطم بالسفح، مخلّفة وراءها تهديداً حقيقياً للأمن والسلم الدوليين.
يبدو التساؤل المطروح على الألسنة وفي الغرف المغلقة واحداً: هل ستقوم روسيا بغزو أوكرانيا، تلك البقعة الساخنة الوحيدة في شرق أوروبا، والتي باتت قابلة للانفجار في أي لحظة؟، بل إن هناك من يقطع بأن موعد القارعة نهاية يناير (كانون الثاني) المقبل أو أوائل فبراير (شباط) على أبعد تقدير.
خيوط الأزمة الأوكرانية متشابكة، وخطوطها متقاطعة ما بين روسيا الاتحادية وأفقها الجغرافي الاستراتيجي من جهة، وبين الاتحاد الأوروبي الجار الأقرب من ناحية ثانية، في حين تظل غالبية الأوراق في يد الولايات المتحدة الأميركية، غير القادرة على قراءة ما يدور في عقل القيصر بوتين.
في مارس (آذار) الماضي حشدت روسيا عشرات الآلاف من جنودها على حدودها، وساعتها خُيّل للناظر أن الساعة الحادية عشرة قد أزفت، وأن الروس قد حزموا أمرهم وحسموا موقفهم من التدخل العسكري في أوكرانيا، غير أن شيئاً لم يحدث.
الآن، ووقت كتابة هذه السطور، تتواتر الأنباء من الجانبين، الروس يقولون إن الأوكرانيين قد حشدوا ما يقرب من نصف جيشهم على الحدود مع روسيا، والأوكرانيون يتهمون الروس بأنهم أعدوا فرقهم الخاصة الثقيلة، المزودة بالمدرعات والصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، وفرق النخبة الروسية التي لا تصد ولا ترد.
يحتاج الحديث عن الفخ الأوكراني - إن جاز اعتباره فخاً بالنسبة للروس – إلى مساحة أعرض من المسطح المتاح للكتابة؛ ولهذا ربما يكون المشهد في حاجة إلى نقاط تحليلية سريعة ومركّزة، من خلال أسئلة معمقة تبدأ من عند: ما الذي يدفع الروس إلى اتخاذ مثل هكذا موقف من أوكرانيا؟
الجواب الواضح، هو أن «الناتو» يعمل جاهداً على جعل أوكرانيا خنجراً في خاصرة روسيا، وهو أمر لا يستطيع الأوكرانيون إنكاره.
خطة الولايات المتحدة لحصار روسيا تبدو كمن يريد وضعها بين المطرقة والسندان، مطرقة التحالفات العسكرية مثل «أوكوس» من جهة، وسندان تحالف «كواد» من الناحية المقابلة، وبينهما مشاغبتها عبر أوكرانيا، كما حاولت واشنطن من قبل عام 2008 من خلال جورجيا.
فات العم سام أن الدب لا يحاصَر ولا يقيَّد، وأن لديه من الأوراق القادرة لا على الدفاع عن نفسه فحسب، بل قلب الطاولة على البطن الرخوة في «الناتو» عينه، والمتمثلة في الاتحاد الأوروبي.
يحاول الأميركيون جاهدين استقطاب أوكرانيا ودفعها في مدار حلف الأطلسي، لكن الجميع يعلم أن هذا بالنسبة لروسيا أمر دونه خرط القتاد كما يقال.
في دراسة معمقة نشرتها مجلة «الفورين آفيرز» في عددها الأخير، نقرأ لمايكل كيميج ومايكل كوفمان، تحليلاً مطولاً عن روسيا التي لن تدع أوكرانيا تدور في فلك الغرب من دون قتال.
تساؤل آخر في السياق ذاته: لماذا أوكرانيا على هذه الدرجة من الأهمية بالنسبة لروسيا؟
الشاهد، أن الطبيعة هي من يحمل الجواب هذه المرة؛ فالموقع الجغرافي يجعل من أوكرانيا النقطة الحساسة بالنسبة لسعي روسيا للحصول على مكانة «القوة العظمى»، وليس سراً القول، إن ميناء سيفاستوبول المطل على البحر الأسود، والواقع ضمن شبه جزيرة القرم، يعد المنفذ البحري الأهم للأسطول الروسي إلى العالم الخارجي، وعليه يكتسي الصراع مع أوكرانيا رهاناً لا يمكن التهاون فيه أو التفاوض من حوله.
تبدو أوكرانيا إحدى أهم نقاط الارتكاز في التفكير الجيوسياسي الروسي؛ ولهذا فإن شأنها مغاير لعمليات عسكرية أخرى انخرطت فيها روسيا في الأعوام الأخيرة، سواء كان ذلك في سوريا، أو في ناغورنو كاراباخ، وبخاصة إذا تناول المحللون شأن أوكرانيا تاريخياً وثقافياً ودورها في الاتحاد السوفياتي القديم من جهة، وواقع حال مساحتها الواسعة وعدد سكانها وإمكاناتها الاقتصادية من جهة أخرى.
علامة الاستفهام التالية: هل يمكن للقيصر أن يُستدرج إلى فخ أوكرانيا، والمغاير لأفغانستان، من حيث القرب الجغرافي والديموغرافي؟
حكماً، الأمر لا يغيب عن كبار العقول العسكرية الروسية الاستراتيجية، فعل الرغم من قدرتها على الوصول إلى مراكز اتخاذ القرار في أوكرانيا خلال خمسة دقائق عبر الصواريخ المجنحة الروسية، لا سيما الصاروخ «تسيركون»، فإن جلّ ما يمكن أن يفعله القيصر بوتين، هو عملية عسكرية محدودة وسريعة؛ بهدف تحريك الموقف سياسياً، ومحاولة إجبار كييف على الدخول في نظام لا مركزي يضمن عدم دخول المؤسسات العسكرية والاقتصادية الغربية إلى الدوائر الأوكرانية، وهذا هو بيت القصيد الروسي، وما اعتبره بوتين خطوطاً حمراء لا يجب تجاوزها. ما يتطلع إليه الروس يتمثل في الضغط على كييف لتقديم بعض التنازلات حول اتفاقية مينسك لعام 2015، ولا تريد المؤسسة العسكرية الروسية صراعا مفتوحاً في أوكرانيا الكبيرة، ومع الأخذ في عين الاعتبار صعوبة الحفاظ على المناطق التي تتم السيطرة عليها.
ما الذي يمكن أن تفعله واشنطن وبروكسل حال قيام الروس بمثل هذه العملية؟
الشاهد، أن واشنطن لا يمكنها بحال من الأحوال الانجرار إلى مواجهة شاملة، لا سيما أن أوكرانيا ليست عضواً في «الناتو»؛ ولهذا لا تتمتع بما يعرف بـ«ضمان الأمن» الذي يوفره الحلف لأعضائه. أما الاتحاد الأوروبي، فإن أقصى ما يملكه هو المواقف السياسية والعقوبات الاقتصادية. هل سيربح بوتين جولة أوكرانيا حتماً؟
يبدو «الناتو» في مواجهة تكرار أزمة جورجيا 2008 مرة جديدة، وبعد الانسحاب من أفغانستان، سيبقى التساؤل البداية لتفكك «الناتو»، وتعرية القوة الإمبراطورية الأميركية: من يثق في التحالف مع العم سام من جديد؟
الخلاصة... المشهد الأوكراني نقطة مفصلية جديدة فيما بعد النظام العالمي الجديد.

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موسكو  كييف الدب لا يحاصَر ولا يقيَّد موسكو  كييف الدب لا يحاصَر ولا يقيَّد



ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:12 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
 العرب اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 05:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

الضوء في الليل يزيد فرص الإصابة بالسكري

GMT 07:29 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 11:29 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

هجوم سيبراني يستهدف مواقع حكومية إسرائيلية

GMT 19:16 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

الرجاء المغربي يخفض تذاكر مباريات دوري الأبطال

GMT 19:30 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.7 درجة يهز مقاطعة آنهوي شرقي الصين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab