الأمم المتحدة قمة «حوار الناس»

الأمم المتحدة... قمة «حوار الناس»

الأمم المتحدة... قمة «حوار الناس»

 العرب اليوم -

الأمم المتحدة قمة «حوار الناس»

بقلم - إميل أمين

حرم انتشار فيروس «كوفيد - 19» العالم من أن يكون هذا الشهر مناسبة «ماسية» بمناسبة مرور 75 عاماً على قيام هذا الكيان الأممي الذي استلهم روح «العقد الاجتماعي» للمفكر الفرنسي الكبير جان جاك روسو، غير أن ذلك لم يفت في عضد الأمين العام أنطونيو غوتيريش، الذي كرس الجمعية العامة الافتراضية لهذا العام اليوبيلي لما أطلق عليه «حوار الناس»، مع الوعد بأن تكون القمة، ولو من داخل جدران المكاتب، وبطول وعرض الكرة الأرضية، فرصة لعقد أكبر محادثة عالمية على الإطلاق حول البناء الأممي المستقبلي وما تصبو إليه النفوس.
أفشل فيروس «كورونا» بهجة لقاء القادة والزعماء، الملوك والرؤساء، غير أن الذكاء الصناعي ووسائط التواصل الاجتماعي، أوجدت مسارات ومساقات لمواجهة اللحظة الأممية الحرجة، ومتابعة حالة الاضطراب المتفاقمة، لا سيما من جراء التفشي المستجد للفيروس الشائه، والآثار الإنسانية والاقتصادية التي سيخلفها وقت يقدر له أن يرحل عن كوكبنا الأزرق، وأضحى السؤال: هل سيقدر للبشرية أن تخرج من هذا المحك أكثر قوة واستعداداً للعمل معاً، أم أنه سيكون خصماً من تضامن الإنسانية المعذبة، لتنعدم الثقة أكثر وتتعمق العزلة بنوع أشد؟
قبل عقدين من الزمن، بدا وكأن عجلة التاريخ تعود إلى الوراء، ومعها أضحى ميثاق الأمم المتحدة على أهميته ورفعة شأنه وأخلاقياته، غير قادر على مواجهة تغيرات وتبدلات بات فيها الإرهاب هو الحرب العالمية الجديدة، حيث جيوش من المتطرفين متمترسون وراء أجهزة الحاسب الآلي، يقومون بمعارك قاتلة في الفضاء السيبراني، يمكنها أن تشعل حروباً، وتقفز فوق الحدود والسدود، ناهيك عن تجار أسلحة الموت، وغاسلي الأموال، الذين يتلاعبون بقوت الدول الفقيرة والنامية، ومن غير أن نغفل انتشار خطاب الكراهية، وارتفاع صيحات القوميين ودعاة الانعزالية.
هل يقتضي المشهد ميثاق أمم متحدة جديداً قادراً على التعاطي مع مثل هذا الواقع المثير والخطير، أم أن الأمر يستدعي تخليق مؤسسة أممية جديدة، تعد بمثابة غطاء عالمي عصراني قادر على التجميع والتنسيق وبلورة الرؤى ووضع الاستراتيجيات؟

يرى البعض مستقبل الأمم المتحدة في إلغاء الكيان الزجاجي القديم دفعة واحدة، وحجة أولئك أن الزمن تجاوزها، ولم تعد قادرة على متابعة الأحداث ومواكبتها، وفي مقدمة هذا الفريق يأتي المحافظون في الداخل الأميركي، وجميعنا يتذكر التعبير الشهير لجون بولتون السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة سابقاً، وتالياً مستشار الأمن القومي للرئيس دونالد ترمب، وكان قد أشار إلى أن «إزالة عشرة طوابق من المبنى الأممي لن يغير شيئاً من أهمية المنظمة»، ما يعني أنها عديمة الفاعلية.
الفريق الآخر يرى أن هناك أهمية لا تزال قائمة وقادمة للأمم المتحدة، لا سيما أنها مثلت «رمانة الميزان»، خلال الحرب الباردة، ومن خلال مجلس الأمن خاصة، استطاع العالم أن يتجنب مواجهة كونية ثالثة بين موسكو وواشنطن.
على أن فريقاً ثالثاً يرى أن هناك طرحاً جديداً مغايراً ربما يكون الأكثر معقولية وقبولاً من الأطراف الدولية الفاعلة على الصعيد الدبلوماسي الكوسمولوجي، وهو التعددية الدبلوماسية، التي تعتبر طوق نجاة، بمعنى أن لا تبقى الأمم المتحدة رهينة طرف بعينه، أو قوى بذاتها.
يكاد القارئ يدرك من السطور الأخيرة أن القصد هو علاقة الأمم المتحدة بالولايات المتحدة، المساهم الأكبر في ميزانية المؤسسة، كما أنها بلد المقر. والشاهد أن هذا وإن اعتبر صحيحاً في جانب منه، إلا أنه ليس الحقيقة بأكملها، فقد تجاوزت معطيات الحال النظام التأسيسي المنطلق من فكرة مكافأة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية، وتميزهم بحق استثنائي، حق النقض، وكأن إرادتهم الدولية تعلو بقية الأمم.
تغير جيوبولتيك العالم كثيراً جداً منذ مؤتمر يالطا، وبدت هناك قوى إقليمية عديدة تشارك في صناعة مستقبل العالم، وليس العظماء الخمسة فحسب، هؤلاء يمكن لهم أن يكونوا قيمة مضافة يوماً ما حال التوصل إلى إصلاحات جذرية في النظام الأولي، وليس بالضرورة تغيير أو هدم المبنى الزجاجي، بل مراكمة الخبرات والانطلاق منها لمعالجة المهانين والمجروحين، فيما أوفت مراراً مضاعفة لأثرياء العالم وحكامه الجدد.
مهما يكن من أمر، فإن من صاغوا ميثاق الأمم المتحدة الحالي تجرأوا على تصور عالم أفضل يحدده السلام والمساواة، والآن تبقى الدعوة مفتوحة للسياسيين والمفكرين معاً لاجتراح كيان مؤسساتي عالمي قادر على خدمة الإنسانية، والتي اكتشفت أمام فيروس «كورونا» أنها عند لحظة بعينها ينبغي أن يكون فيها الواحد للكل والكل للواحد، حسب الصيحة الشهيرة لألكسندر ديماس الأب، في رائعته الشهيرة «الفرسان الثلاثة».  
arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأمم المتحدة قمة «حوار الناس» الأمم المتحدة قمة «حوار الناس»



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab