إردوغان وسيفه المغشوش

إردوغان وسيفه المغشوش

إردوغان وسيفه المغشوش

 العرب اليوم -

إردوغان وسيفه المغشوش

بقلم - إميل أمين

بسيف يعود إلى مئات الأعوام ويرمز فيما يرمز إلى الغزو والدماء التي لا تزال تسيل من جراء أحفاد العثمانيين، وبراية تحمل إشارات الكراهية لأوروبا وآسيا وأفريقيا، استهل رئيس الشؤون الدينية التركي علي أرباش خطبته في المصلين الأتراك داخل مسجد «آيا صوفيا»، للمرة الأولى بعد 86 عاماً. في إعادة لصورة العثمانيين الذين أذاقوا العرب الويلات، وخلَّفوهم قروناً عن ركب الحضارة.
حين جعل كمال أتاتورك ذلك الموقع التاريخي متحفاً، كان الهدف والنية هو محاولة بناء جسر من التسامح والتصالح بين الأمم والشعوب، بعد أكثر من أربعة قرون من الظلامية والدموية العثمانية تجاه الشعوب شرقاً وغرباً.
واليوم يأتي إردوغان محاولاً إرجاع التاريخ إلى الوراء، وهو يعلم أن الأمر برمته خدعة رخيصة لا تنطلي إلا على عقول العوام والدهماء، داخل تركيا، وخارجها، فما جرى نهار الجمعة حتماً سيكون بالغ الأكلاف. طويلاً حاججت أصوات مفكرين غربيين ومؤرخين من غلاة المتطرفين، بأنَّ الإسلام انتشر بحد السيف، وقد وجد هذا الرأي من يرد عليه ويفحمه بأدلة وأسانيد.
واليوم يأتي خطيب «آيا صوفيا»، ليكرس في أذهان الكارهين والحاقدين لكل من هو مسلم، ذات الصورة الممجوجة، كيف لا والرجل يمضي في إطار ما كان يفعله خلفاء بني عثمان من الجلوس على المنبر والسيف في يده اليمنى، والذي يعتبر علامة على الترهيب، وربما لاحقاً نراه رافعاً السيف بيده اليسرى، الأمر الذي يشير إلى الدخول في حالة حرب.
هذا هو الإرث العثماني البغيض الذي يحاول إردوغان توريثه للأجيال التركية القادمة، والذي لا يختلف كثيراً عن أزمنة السلاطين السابقين له ضمن سلطنة بائدة أدبياً ومادياً.
السيف المغشوش الذي رفعه «أرباش»، يكشف عن نوايا إردوغان المتعطش للغاز والنفط، وفاته أن الزمن تغير، وأن أخلاقيات وخطط هولاكو وتيمورلنك، لم يعد لها على أرض الواقع حظ من التحقق بأي شكل من الأشكال.
الإشارة الثانية التي حملتها خطبة «آيا صوفيا»، هي الراية الخضراء، التي هي أيضاً من عادات خلفاء بني عثمان، وقد كانت رمزاً للاجتياحات في حقبة العثمانيين، ويلفت الانتباه فيها «الأهلة الثلاثة»، التي تحملها الراية، في إشارة إلى قارات العالم القديم في زمن الدولة العثمانية المقضي عليها، أي آسيا وأوروبا وأفريقيا، والتي تعني بلغة الأتراك حتمية السيطرة على تلك القارات وإخضاعها لنفوذ بني عثمان.
يعن للمرء أن يتساءل: «لماذا الآن يتم تحويل المتحف إلى مسجد، ويمتشق رئيس الشؤون الدينية التركي سيف الفاتح، ويرفع من حوله راية الغزو الخضراء كما تعرفها بلاده؟».
لم يكن لإردوغان أن يفعل ذلك طوال سنوات عديدة خلت، كان خلالها يغازل أوروبا، على أمل أن تقبله وبلاده ضمن الحدود الجغرافية والديموغرافية للاتحاد الأوروبي، وحين بلغ به اليأس مبلغه، أراد إظهار أدوار البطولة الدونكشوتية التي لم تعد تنطلي على أحد لا في الداخل التركي ولا في الخارج.
الازدواجية الأخلاقية القاتلة تتمثل في خطبة «أرباش» وقوله إن افتتاح مسجد «آيا صوفيا»، للعبادة بمثابة شعاع أمل لمساجد الأرض الحزينة والمظلومة وفي مقدمتها المسجد الأقصى.
كيف لإردوغان أن يقنع العالم بأن بلاده تحمل الأمل في تحرير الأقصى، وهو الغارق حتى أذنيه في العلاقات الظاهرة والخفية مع إسرائيل، أم أنها عقلية صدام حسين نفسها، أي تحرير القدس الذي كان لا بد له أن يمر من خلال الكويت. وهو الرجل الذي يرسل الإرهابيين لقتل العرب والمسلمين ويحتل أراضيهم بالقوة المسلحة؟
الآثار السلبية الكارثية لما جرى في الصلاة الأولى، تتبدى في العديد من النقاط الجوهرية، ربما في مقدمها، اقتران صورة الإمام حامل السيف المغشوش على المنبر، بصورة مشابهة لـ«أبو بكر البغدادي» زعيم داعش، في عقول بقية شعوب العالم، وكأن بـ«أرباش» يعيد تكرار صورة البغدادي.
السلوك الإردوغاني والأرباشي، ينذر كذلك بفتنة داخلية في أكثر من دولة إسلامية، ناهيك عن الصراعات الدموية في الفضاء الافتراضي، إن جاز التعبير، بين المنحرفين وراء تيارات الإسلام السياسي والأصوليين المغالين في تطرفهم وبين الذين يفهمون المعنى والمبنى للإسلام السمح المعتدل والساعي إلى إطعام الطعام وإفشاء السلام.
منذ زمن بعيد يحلم بنو عثمان، وحلفاؤهم من الفرس بتحويل أنظار العالم الإسلامي عن مكة والمدينة حيث المقدسات الإسلامية، ولا يجدون إلى ذلك سبيلاً.
السيف المغشوش والراية العدائية سينقلبان على أصحابهما... الكراهية لا تفيد.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إردوغان وسيفه المغشوش إردوغان وسيفه المغشوش



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab