انقلاب كاغان وجولة بايدن الشرق أوسطية

انقلاب كاغان... وجولة بايدن الشرق أوسطية

انقلاب كاغان... وجولة بايدن الشرق أوسطية

 العرب اليوم -

انقلاب كاغان وجولة بايدن الشرق أوسطية

إميل أمين
بقلم : إميل أمين

على عتبات رحلة مثيرة للرئيس الأميركي جو بايدن للشرق الأوسط، وبعد فترة ساد فيها التفكير الانعزالي، وربما لولا حرب أوكرانيا لكانت واشنطن قد انسحبت بالكلية من المنطقة، يبادرنا أحد عتاة المحافظين الأميركيين الجدد، والشريك الفاعل في مشروع القرن الأميركي، روبرت كاغان، برؤية جديدة عبر مجلة «فورين آفيرز» في عددها الأخير، عن بلاده التي لم تتعلم فن استخدام القوة حتى الساعة.
حديث كاغان يشكّل صدمة للأميركيين في غالب الأمر، وقد يكون مشابهاً لتراجع فوكوياما عن فكرة الديمقراطية كنهاية للتاريخ، فهل كان الاجتياح الروسي لأوكرانيا منطلقاً لرؤية كاغان؟
في غالب الظن ذلك كذلك، وعنده أنه ليس وحده بوتين من يتحمل اللوم على أفعاله، سيما أن اجتياح أوكرانيا يحدث في سياق تاريخي وجيوسياسي لعبت فيه الولايات المتحدة الدور الرئيس.
والشاهد أن الولايات المتحدة، وطوال تاريخها، كانت قد مالت إلى تعظيم إيمانها بفكرة القوة الخشنة، وهو أمر يتسق والآلية التي استولى بها الرجل الأبيض على أراضي الهنود الحمر، السكان الأصليين للبلاد، ولم تكن حظوظ القوة الناعمة، واسعة الانتشار، إلا في فترة زمنية محدودة.
تبدو رؤية كاغان عبر «فورين آفيرز» بمثابة انقلاب مفاهيمي مثير وربما خطير، فعلى الرغم من أنه من الشائن إلقاء اللوم على الولايات المتحدة في هجوم بوتين على أوكرانيا، فإن الإصرار على أن الاجتياح كان من دون أي استفزاز على الإطلاق هو أمر مضلل.
يجذر كاغان لرؤيته بأمثلة تاريخية تستحق التوقف أمامها، ومنها الهجوم الياباني في الحرب العالمية الثانية على بيرل هاربور، وقد كان دافعه جهود الولايات المتحدة الرامية إلى إعاقة التوسع الياباني في البر الرئيس الآسيوي.
وإلى أبعد من ذلك يمضي، معتبراً أن هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) من عام 2001 كانت رداً جزئياً على الوجود المهيمن للولايات المتحدة في الشرق الأوسط بعد حرب الخليج الأولى.
كما يقطع كاغان بأن قرارات القيصر بوتين الخاصة بأوكرانيا ليست إلا رد موسكو على توسع هيمنة الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا في فترة ما بعد الحرب الباردة.
هل يتوجب على إدارة الرئيس بايدن أن تعي تكاليف القوة الخشنة والبعيدة عن القوة الناعمة مرة وإلى الأبد؟
يكاد مصطلح آخر يطفو على السطح، وربما لن تكون له حظوظ التنفيذ في أوان إدارة بايدن المضطربة داخلياً وخارجياً، ونعني به مصطلح القوة الذكية، التي هي خليط ما بين القوة الخشنة ذات المركب العسكري من جهة، والقوة الناعمة المتجلية في المثال الآيديولوجي الأميركي الساحر أو الذي كان ساحراً في وقت من الأوقات، كما الحال مع النسق الديمقراطي، والإيمان بحق الدول في الاستقلال، وتقديم يد العون والمساعدة لاستنقاذ المهانين والمجروحين حول الكرة الأرضية، بالضبط كما جرى في مشروع مارشال، عقب نهاية الحرب العالمية الثانية.
يعتقد كاغان أن الأميركيين وطوال تاريخهم كانوا غير مدركين لتأثير قوتهم في بقية دول العالم، سواء كانوا من الأصدقاء أو الأعداء، وتفاجأوا عندما وجدوا أنفسهم هدفاً للكراهية وأنواع التحديات التي تفرضها روسيا بوتين وصين شي جينبينغ.
ما يقوله كاغان يذكرنا بالتساؤل المثير للحيرة الذي طرحه الأميركيون على أنفسهم غداة الثلاثاء الأسود في نيويورك وواشنطن: «لماذا يكرهوننا»؟
يومها حاول الكثيرون تقديم مبررات واهية، من عينة الحقد والحسد بسبب تقدم الغرب وتخلف العرب، فيما طالبت أصوات أكثر عقلانية بمراجعة توازنات القوة بين الجانبين، والوقوف على خطوط التماس مع الكرامة والهوية، وهو ما عاد إليه فوكوياما مؤخراً مرة جديدة.
اليوم تعلو أصوات من بقاع أخرى حول الكرة الأرضية، وبعيداً عن العالم العربي والشرق الأوسط، أصوات في أميركا اللاتينية من عينة فنزويلا التي تسعى للتضامن مع إيران، ونيكاراغوا التي تقدم قواعدها الجوية للروس، ناهيك عن المكسيك، الجار الأقرب والصديق الأكبر للولايات المتحدة، التي رفض زعيمها حضور مؤتمر الأميركتين مؤخراً.
الأصوات الآسيوية بدورها حدث عنها ولا حرج، وفي مقدمها ما يصدر عن الصينيين قبل الروس، إذ يؤمن الفريق الأول بأن المعارك مع روسيا من جانب واشنطن تكتيكية فيما الاستعداد للمواجهة مع بكين استراتيجية.
هل أوروبا على ثقة بالمطلق بالولايات المتحدة وفلسفتها للقوة الخشنة؟
ما تبدى جلياً خلال قمة السبع الكبار مؤخراً في بافاريا بألمانيا، أوضح بشكل جلي، قدر المخاوف التي تصل إلى حد الشكوك في الحليف الأميركي الذي يعاني حالة قلاقل وجودية داخلياً، وبعضها خطير جداً ومرشح للتصاعد.
ما الحل إذن؟
يرى كاغان أن الأميركيين يستطيعون تقليل حدة تلك التحديات من خلال استخدام نفوذ الولايات المتحدة بشكل أكثر اتساقاً وفاعلية، وهو ما فشلوا في القيام به في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي، الأمر الذي سمح للعدوان الألماني والإيطالي والياباني بالاستمرار من دون رادع إلى أن أدى المشهد إلى حرب عالمية مدمرة على نطاق واسع.
يكرر الأميركيون أخطاءهم من دون النظر إلى تجارب الماضي عادة، وهذا ما سمح في تقدير مفكر المحافظين الجدد العتيد كاغان، لبوتين بالاستيلاء على مزيد من الأراضي إلى أن اجتاح أوكرانيا بأكملها.
يستهل بايدن زيارته للشرق الأوسط، ودوي مدافع القيصر بوتين تكاد تصم الآذان والرسالة التي تبعث بها عبر الأفق، هي أن القوة الخشنة مركب غير قادر على الحسم، لا سيما في زمن توازن الردع النووي، وهو ما لم يكن قائماً في زمن الحرب العالمية الثانية.
هل ستكون الزيارة فرصة تراجع فيها واشنطن سياساتها في الشرق الأوسط أول الأمر وتالياً حول العالم؟

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انقلاب كاغان وجولة بايدن الشرق أوسطية انقلاب كاغان وجولة بايدن الشرق أوسطية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab