واشنطن مبدأ مونرو وشغب في الجوار

واشنطن.. مبدأ مونرو وشغب في الجوار

واشنطن.. مبدأ مونرو وشغب في الجوار

 العرب اليوم -

واشنطن مبدأ مونرو وشغب في الجوار

بقلم : إميل أمين

هل يتوجب على الولايات المتحدة الأمريكية مراجعة سياساتها الخارجية، لا سيما في ضوء الانتكاسات العديدة التي تتعرض لها، بالقرب منها جغرافيا، وكذا في البعد عنها بالقدر نفسه؟

يبدو المشهد الأمريكي بالفعل قلقا ومضطربا، حائرا ومرتبكا، ما بين مثالية غير قابلة للتحقق، وواقعية نفرت منها الكثير من الحلفاء المقربين، وبعضهم في الخلفية اللوجستية، أي القارة الأمريكية اللاتينية، والتي كانت تعد الملعب الخلفي لواشنطن وعلى مدى عقود طوال.

الذين عندهم علم بمبدأ مونرو، يدركون كيف أن الولايات المتحدة الأمريكية، تقف بالمرصاد لمن يقترب من نطاقاتها الجغرافية، وتعتبر القرب منها تهديدا يستوجب الرد في الحال، وعدم انتظار الاستقبال، وهذا ما حدث بالفعل العام 1962، حين اكتشفت أمريكا سعي الاتحاد السوفيتي لبناء قواعد صواريخ نووية على الأراضي الكوبية، الأمر الذي كاد أن يقود إلى حرب عالمية ثالثة، قبل أن تسحب موسكو صواريخها، في مقابل سحب الولايات المتحدة صواريخ مماثلة من تركيا، وهو النصف غير المعلوم من الحقيقة، ما يعني أن واشنطن لم تخرج منتصرة من المواجهة، وإنما متعادلة في العلن، فيما الاتحاد السوفيتي كان هو الفائز فعلا، إذ أجبر بمناورته هذه الجانب الأمريكي على التراجع من قرب حدوده الإقليمية.

هل يمكن أن يتكرر المشهد في حاضر أيامنا؟

عند كارل ماركس أن التاريخ لا يعيد نفسه، ذلك لأنه لو فعلها، لأصبح في المرة الأولى مأساة، وفي الثانية ملهاة، وعلى الرغم من ذلك فإن أحداث التاريخ يمكن أن تتكرر.

الذين تابعوا قمة الأمريكتين الأخيرة، والتي دعا إليها الرئيس بايدن، لاحظوا غياب رئيس المكسيك، الجار الأقرب لواشنطن، ومرد الأمر هو رفض واشنطن مشاركة نيكاراغوا وفنزويلا في أعمال القمة باعتبارهما دولتان مارقتان، ولا تخضعان لرغبات واشنطن وتطلعاتها.

الثنائية الأمريكية، وربما ازدواجيتها الأخلاقية تتمثل في التعاطي مع فنزويلا على نحو خاص، فقد شاهدنا في أعقاب غزو القيصر بوتين لأوكرانيا، وفدا أمريكيا رفيع المستوى، من دبلوماسيين واستخباريين، ينطلق سريعا إلى كاراكاس، مخلفا وراءه كافة الخلافات السياسية مع واشنطن، وبهدف واحد وحيد، ألا وهو الحصول على أكبر قدر ممكن من إمدادات النفط، لاسيما بعدما أوقفت إدارة بايدن استيراده من روسيا الاتحادية كعقاب لسيد الكرملين.

على أن السيد مادورو وحاشيته، قد رسخت لديهم من زمن بعيد قناعة حول البراغماتية الأمريكية المثيرة للقلق، وعلى هذا الأساس فمن الواضح أن محاولات إدارة بايدن لم تفلح، فيما جاء الرد الفنزويلي كقراءة في المعكوس من خلال تعميق العلاقات مع إيران، وتوثيق الصلات بروسيا، اقتصاديا وعسكريا في ذات الوقت.

في الوقت عينه لا يغيب عن أعين الناظر لخارطة أمريكا اللاتينية، تحركات صينية حثيثة، تستخدم فوائض المال لإيجاد موطئ قدم لها بالقرب من الولايات المتحدة الأمريكية وعلى نحو يخل تماما بمبدأ مونرو.

ماذا يحدث على وجه التحديد؟

ليس بعد أوان الجواب، إذ يتوجب أن نشير إلى بعد آخر يتعلق بالتعاون العسكري بين نيكارغوا وروسيا، والحديث عن استخدام موسكو لقواعد نيكارغوا العسكرية، ما يعني أن هناك الآن روسا وصينيين في الحديقة الخلفية للولايات المتحدة الأمريكية.

وفي خطوة تسرع من انهيار مبدأ مونرو، كان موقع واشنطن فري بيكون الأمريكي، يشير في الأسبوع الأول من شهر يوليو تموز الجاري إلى أن روسيا والصين وإيران، يستعدون للقيام بمناورات عسكرية واسعة النطاق في أمريكا اللاتينية، كعرض من عروض القوة، وفي رسالة لن تخطئها العين الأمريكية، والتي ستدرك أن قوات هذه الدول، عطفا على أسلحتها المتقدمة يمكنها أن تصل إلى الحدود الأمريكية، وربما يحدث ما هو غير متوقع، أي اختراقها للداخل الأمريكي.

وبحسب مركز "سنيبر فرونتيير"، فإن هناك عشر دول أخرى بالإضافة إلى روسيا والصين وإيران، ستشارك في المناورات والتدريبات التي ستستضيفها فنزويلا في منتصف أغسطس آب القادم، أي خلال شهر من الزمن.

لم يعد إذن تطوير دول الجوار لعلاقات مع أعداء أمريكا الرسميين أمرا قاصرا على المشهد الدبلوماسي، ولكنه يتطور يوما تلو الآخر ليأخذ أبعادا عسكرية.

تبدو واشنطن وكأنها تجني حصاد ما زرعته، وما تتطلع لحصاده، وبخاصة في ظل سعيها المزدوج لحصار الصين من ناحية، وتهديد روسيا من ناحية ثانية.

أما الصين، فقد وعت درس تحالف أوكوس، ما بين بريطانيا وأستراليا، والولايات المتحدة عينها، وكيف أن غواصات الولايات المتحدة، من نوع فيرجينينا، و التي ستتسلمها أستراليا بعد إلغاء صفقتها مع فرنسا، يمكنها أن تطال الحواضن والحواضر في قلب الصين، وربما هذا ما دفع وزير الدفاع الصيني، وي فنغي، مؤخرا لأن يعلن في سنغافورة قبل نحو شهر بناء بلاده لمنظومة دفاعية نووية جديدة.

أما روسيا، فقد نبح الناتو على أبوابها، على حد تعبير بابا الفاتيكان فرنسيس، ولا تزال واشنطن ترسل السلاح والعتاد للروس، وربما هذا ما دفع بوتين قبل أيام للتصريح بأن المعركة الحقيقية مع أوكرانيا لم تبدأ بعد.

تبدو موسكو وبكين وطهران على قناعة بأن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم، وتضع واشنطن أمام قراءة مغايرة لمبدأ مونرو، أو انهياره، بمعنى أنه إذا كان على واشنطن أن تهدد الآخرين، فإنهم بدورهم على مقدرة بينة من تهديدها بذات الأسلوب، وربما بما هو أبعد وبخاصة في زمن الصواريخ الفرط صوتية، إضافة إلى التقليدية الجهنمية من نوعية الصاروح سارمات.

هل سيتوقف المشهد عند هذه الحدود من التصعيد؟

يبدو أن الروس يقلبون في دفاترهم القديمة، وأعنى بها منطقة ألاسكا، والحديث عن إمكانية تفكير موسكو في إستعادتها من الولايات المتحدة، وهو حديث على الرغم من مخمليته، إلا أنه يفتح بابا جديدا للنزاع حول القطب الشمالي وألاسكا.

الخلاصة تساؤل.."هل يتوجب على واشنطن أن تحافظ على أصدقائها التقليديين الموثوقين في أنحاء العالم، لا سيما في الشرق الأوسط والخليج العربي، فيما هي تتعرض لانهيار مبدأ مونرو وشغب كبير يمثل تهديدا حقيقا لها في الجوار؟

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن مبدأ مونرو وشغب في الجوار واشنطن مبدأ مونرو وشغب في الجوار



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا
 العرب اليوم - وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 00:21 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة
 العرب اليوم - مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة

GMT 14:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
 العرب اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 07:30 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوق الأسهم السعودية تختتم الأسبوع بارتفاع قدره 25 نقطة

GMT 15:16 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

فليك يتوجه بطلب عاجل لإدارة برشلونة بسبب ليفاندوفسكي

GMT 16:08 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سحب دواء لعلاج ضغط الدم المرتفع من الصيدليات في مصر

GMT 15:21 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

لاعب برشلونة دي يونغ يُفكر في الانضمام للدوري الإنكليزي

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 14:05 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سيمون تتحدث عن علاقة مدحت صالح بشهرتها

GMT 15:51 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

غارة إسرائيلية على مستودعات ذخيرة في ريف دمشق الغربي

GMT 04:46 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب تشيلي

GMT 11:50 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الهلال السعودي يكشف سبب غياب نيمار عن التدريبات

GMT 19:57 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

أبل تدفع 95 مليون دولار في دعوى لانتهاك الخصوصية

GMT 14:07 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

المجر تخسر مليار يورو من مساعدات الاتحاد الأوروبي

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab