القول المكين في اتفاق أميركا والإيرانيين

القول المكين في اتفاق أميركا والإيرانيين

القول المكين في اتفاق أميركا والإيرانيين

 العرب اليوم -

القول المكين في اتفاق أميركا والإيرانيين

بقلم - إميل أمين

وقت كتابة هذه السطور، كانت إيران قد تلقَّت الرد الأميركي على رؤيتها لخطة العمل المشتركة الجديدة، وإنْ تأخر الجواب الإيراني ليومين، ما يعني أنه وقت ظهور هذه السطور للنور، ربما تكون إيران قد أجابت.
التساؤل هنا: هل ستختلف الرؤية والتشخيص للحالة الأميركية - الإيرانية بعد رد إيران؟
الحقيقة التي لا شك فيها أن الأمر لن يختلف كثيراً؛ فالمشهد مناورة أميركية - إيرانية، يسعى فيها كل طرف لتحقيق أكبر قدر من مصالحه البراغماتية على حساب الآخر، وفي ظل حالة مؤكدة من فقدان الثقة بين الجانبين، لا يمكن إنكارها.
تبدو إيران ذات مصلحة في التوصل إلى اتفاق مع إدارة بايدن... مصلحة تقف وراءها مخاوف كبيرة من عودة الجمهوريين مرة أخرى، في الانتخابات الرئاسية 2024. وقد تكون الطامة الكبرى بالنسبة لها، عودة ترمب، ولهذا فإنها تسارع الزمن، على أمل تكرار صفقة 2015.
على الجانب الأميركي، هناك رغبة عميقة في إبعاد إيران عن المحور الروسي - الصيني، لا سيما أن لعبة الصراعات القطبية الأممية لن توفر انحيازاً إيرانياً جامعاً شاملاً لجهة شرق آسيا الصاعد الناهض.
عطفاً على ذلك، فإن صفقة سياسية تظهر فيها إدارة بايدن أنها صاحبة اليد العليا، أمر يحقق رصيداً مضافاً للديمقراطيين على بُعد نحو 60 يوماً من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، وعامين من انتخابات الرئاسة، ومن ورائها أحلام الرئيس بايدن بإعادة ترشحه.
على أن قراءة معمقة تخبرنا بأن إيران تتلاعب بالمقدرات الأميركية، وتغزل على المتناقضات الداخلية التي تعيشها، وهو أمر لو كانت واشنطن تغفله فالأمر حادثة، وإن أدركته وتجاهلته فتلك كارثة.
تدرك مراكز الأبحاث والأجهزة الاستخبارية الأميركية هوية إيران الحقيقية، كدولة ذات طبيعة ثيولوجية، وليست كياناً ويستفالياً، ولا تعطي لأحد حتى الساعة جواباً عما إذا كانت دولة أم ثورة، ومن هذا المنطلق لا يمكن الاقتناع بأن إيران ستتخلى عن حلمها في حيازة السلاح النووي، وجل ما يحدث هو محاولة تسويف الوقت، واستنزاف طاقة الأوروبيين والأميركيين في مفاوضات ماراثونية، أطلقوا عليها «الصبر الاستراتيجي»، فيما تواصل رفع معدلات تخصيب اليورانيوم، وحيازة أحدث أجهزة الطرد المركزي، والتوصل إلى الخلاصات العلمية والمعرفية، تلك التي تكفل لها استئناف العمل عند أقرب منحنى خلافي مع الغرب عامة والولايات المتحدة خاصة.
يعنّ للقارئ أن يتساءل: ما الدافع الذي يجعل الإيرانيين يسعون إلى اتفاق مع الأميركيين، إذا وضعنا جانباً المخاوف من عودة الحزب الجمهوري ورموزه الرافضة لأي تواصل مع الإيرانيين المتهمين بإنشاء شبكة إرهاب عنكبوتية على الأراضي الأميركية؟
تبدو هناك جزرة شهية للأعين الإيرانية، تتطلع لقطفها من خلال الاتفاق المقبل، وقد أشارت إليها مؤسسة «الدفاع عن الديمقراطيات» في واشنطن (The Foundation for Defense of Democracies)، وتتمثل في حصيلة مالية تصل بعد نحو سبع سنوات، أي في 2030، إلى ما يتجاوز 1.3 تريليون دولار، موزعة كالتالي:
131 مليار دولار أرصدة خارجية محتجزة.
507 مليارات دولار عوائد نفطية.
365 مليار دولار عوائد غير نفطية.
72 مليار دولار تخفيضاً في تكاليف الاستيراد.
يتساءل أي مراقب حصيف عما يمكن لإيران أن تفعله حال توافر مثل تلك الأموال الطائلة لديها، والتأثير المباشر وغير المباشر على خططها العسكرية في الداخل، وعلى دعمها للميليشيات التابعة لها في المحيط الخارجي، وما إذا كانت تلك الوفرة المالية تغريها لتحقيق حلمها المتواري خلف شعارات دوغمائية مغشوشة، كالقول بعدم جواز حيازة أسلحة نووية كفتوى للخميني، أم لا؟
إيران لن تتنازل عن حلمها، وقد قطعت شوطاً طويلاً، واقتربت من خط السباق النهائي، ومراوغتها حاضرة عبر الزمان والمكان، وعلى غير المصدِّق مراجعة تصريحات رئيس «منظمة الطاقة الذرية الإيرانية»، محمد إسلامي، الذي رفض فكرة امتداد عملية تفتيش خبراء «وكالة الطاقة الذرية» إلى مواقع ومواضع تتجاوز ما كان منصوصاً عليه في اتفاق 2015، بقوله: «نحن ملتزمون بالقيود النووية التي قبلناها في الماضي... لا كلمة أكثر ولا كلمة أقل».
إسلامي يعرف جيداً أنه ليس الأميركيون فحسب هم الذين لديهم هواجس وشكوك تصل إلى حد اليقين، لجهة وجود مواقع نووية إيرانية غير مُعلَن عنها، بل إن مفتشي «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» هم من يطالبون إيران بتقديم تفسيرات وأجوبة مقنعة لوجود آثار لليورانيوم المخصب في ثلاثة مواقع غير معلن عنها، فيما تطالب إيران بأن يتوقف التحقيق في هذا الشأن، ما يؤكد أن ما يقال في غرف مفاوضات فيينا شيء، وواقع الحال في الجبال والمغائر وشقوق الأرض الإيرانية، شيء آخر مخالف تماماً.
إدارة الرئيس بايدن تحاول خلق صورة في عيون الأميركيين مفادها أن عودة إيران للاتفاق النووي ستجعلها تحت السيطرة، لا سيما بعد سحب كميات اليورانيوم المخصب، التي تتجاوز 300 كيلوغرام، ناهيك من القبول بعدم تجاوز التخصيب 3.67 في المائة، وهي التي أعلنت رسمياً عن بلوغها عتبة الستين في المائة، وليس مستبعداً الاقتراب من التسعين.
واشنطن تبدو في موقف الضعيف والمأزوم، خصوصاً في ضوء انتفاء الخيار المسلح في هذا التوقيت على الأقل، وليس أدل على ذلك من رفض إيران تضمين ملفات البرنامج الصاروخي، وملف المسيّرات، في الاتفاق الجديد.
وفي كل الأحوال تبقى النيات الإيرانية لا تتغير مع اتفاق أو من دونه، وعلى دول الإقليم تقييم الموقف بما يناسب مقدرات الأمن القومي لها مجتمعة، إن لم تحدث القارعة من طرف ثالث، وغداً لناظره قريب.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القول المكين في اتفاق أميركا والإيرانيين القول المكين في اتفاق أميركا والإيرانيين



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:39 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
 العرب اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
 العرب اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 07:49 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
 العرب اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:07 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور
 العرب اليوم - تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 06:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 06:32 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

رسميا الكويت تستضيف بطولة أساطير الخليج

GMT 06:30 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 14:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب مدينة "سيبي" الباكستانية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab