أميركا بين نظرتين

أميركا بين نظرتين

أميركا بين نظرتين

 العرب اليوم -

أميركا بين نظرتين

بقلم:إميل أمين

في مؤلفه الذي لا يزال الكثير من الجدل حول أخلاقياته، «الأمير»، والذي وضعه الكاتب والفيلسوف نيقولا ميكيافيلي عام 1513م، يوصي الأمير الإيطالي الشهير لورينزو دي ميدتشي، بأنه من الأفضل له أن «يكون مرهوباً عن أن يكون محبوباً».

هل بات هذا التساؤل يشغل طغمة من كبار العقول الأميركية، على عتبات ولاية رئاسية جديدة؟

من الواضح أن هناك عقولاً أميركية، تجتهد مؤخراً، في محاولة تقديم شكل آخر من «أميركا الأقل غطرسة»، والمثير أن الأمر ينسحب على الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء.

قراءتان مهمتان للغاية لفتتا انتباه المشتغلين والمنشغلين كافة بالشأن الأميركي في الأسابيع الماضية، وتم نشرهما عبر أكبر مجلتين سياسيتين أميركيتين نافذتين.

القراءة الأولى قدمها الكاتب الأميركي المعروف، مايكل هيرش، عبر مجلة «فورين بوليسي»، وتناول فيها آراء لمستشار الأمن القومي الأميركي للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، فيليب غودرون، ونائبته ريبيكا ليسنر، صاحبة المؤلف الشهير: «عالم مفتوح: كيف يمكن لأميركا الفوز في مسابقة النظام في القرن الحادي والعشرين».

رؤية غوردون وليسنر، تدور حول حتمية إعادة الولايات المتحدة التفكير في سياقاتها ومساراتها الخارجية، لتصبح أقل غطرسة، وتعترف صراحة بتجاوزاتها السابقة، وتخفض من طموحاتها بشكل كبير. وبمزيد من التحليل، تعني تلك الخيوط الاستراتيجية، أميركا مغايرة عن تلك التي عرفها العالم في نهايات القرن العشرين، أميركا المحافظين الجدد، الساعية لجعل القرن الحادي والعشرين، قرناً أميركياً بامتياز، قبل أن تتعدل وتتبدل هذه الاستراتيجية عام 2010 بما عرف بـ«الاستدارة نحو آسيا»؛ بهدف حصار روسيا والصين.

هل أميركا أمام مطالبات جدية بخطوط عريضة لنظرة عالمية مغايرة عما درج عليه الحال منذ انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، وتكرس بعد تفكيك الاتحاد السوفياتي والانفراد الأميركي بمقدرات النظام العالمي؟

أصدقاء هاريس من الواضح أنهم مقتنعون بأن على واشنطن أن تتخلى عن عقدة التفوق الاستراتيجي، وأحلام «الباكسا أميركانا»، عطفاً على القول بأن فكرة قيادة وريادة النظام الليبرالي العالمي، قد عفى عليها الزمن. وعندهم كذلك أن السعي إلى البقاء قوةً مهيمنةً، بات أمراً يتطلب أدوات ومقاربات مغايرة، تأتي القوة العسكرية في آخر صفوفها.

هل هي لحظة مصارحة ومكاشفة على الجانب الأميركي؟

في مؤلف ليسنر السابق الإشارة إليه، نجد أنه مع تراجع لحظة الأحادية القطبية، يجب أيضاً أن تتضاءل أي أوهام حول قدرة الولايات المتحدة على صياغة النظام العالمي بشكل أحادي وعالمي، وفقاً لتفضيلاتها الليبرالية الخاصة.

هل تحتم هذه التوجهات تغيرات جذرية في العقلية البنيوية الأميركية خارجياً وداخلياً؟

ربما أول الأمر يعني المشهد أن أميركا اليوم باتت بين فريقين:

فريق هاريس، والذي يتحدث - علناً على الأقل - عن نهج مفارق لآيديولوجيات واستراتيجيات الهيمنة والسيطرة، وعن خطط الاحتواء، وإن بطريقة براغماتية تصبّ في المصلحة العملية المتمثلة في إبقاء التجارة مفتوحة، والتعاون في القضايا الحرجة ماضٍ بقوة وفعال، لا سيما على صعيد منعطفات كوسمولوجية مثل تغير المناخ، ومجابهة أوبئة القرن الحادي والعشرين، وتنظيم مسارات الذكاء الاصطناعي، قبل أن تسحق وتمحق البشرية. وفريق آخر، يمثله مشروع 2025، والذي يقف وراءه غلاة محافظون شباب جمهوريون، يمثلون الطبعة الثانية من محافظي أميركا الجدد عام 1997، ومشروعهم اليميني الكبير والخطير لأميركا والعالم معاً.

القراءة الأخرى قدمها عبر مجلة «فورين آفيرز»، ريتشار هاس، المفكر والمنظّر السياسي الجمهوري الشهير، والرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية الأميركي، عقل التفكير الأهم للسياسات الخارجية الأميركية. من الواضح عبر سطورها الطويلة، أن هاس يمضي في اتجاه مخالف لميكيافيلي، وأنه يميل لأن تصبح أميركا محبوبة أكثر من كونها مرهوبة.

يقترح الرجل طرقاً جديدة للتعاطي مع الحلفاء، بعيدة عن القوة العسكرية الخشنة، وهو هنا يتماهى مع طروحات البروفيسور جوزيف ناي، حول القوة الأميركية الناعمة.

يؤمن هاس بأن العسكرية المجردة والصماء، لم تعد تجدي، لا سيما أن الحلفاء ببساطة باتوا يتجاهلون تفضيلات أميركا، ويتجهزون للعواقب، بل ويتحايلون عليها، عبر تنويع «محافظهم الدبلوماسية»، وتقليل اعتمادهم على الولايات المتحدة من خلال إيجاد رعاة جدد، وخصوصاً في عالم على بعد خطوات من تعددية قطبية قادمة لا محالة.

في مناظرة بين بوش الابن وآل غور أثناء التحضير لانتخابات عام 2000، وعد الأول بأميركا متواضعة وقوية. وذهبت تلك الوعود أدراج الرياح لاحقاً، فهل أحاديث هاس وهيرش مجرد وعود ليلية مخملية أم مراجعة استراتيجية لأميركا المرهقة داخلياً والمأزومة خارجياً؟

arabstoday

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 06:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 06:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 06:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 06:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 06:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 06:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا بين نظرتين أميركا بين نظرتين



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab