السعودية والحقبة الخضراء

السعودية والحقبة الخضراء

السعودية والحقبة الخضراء

 العرب اليوم -

السعودية والحقبة الخضراء

بقلم - إميل أمين

انطلاقاً من دورها الريادي تجاه القضايا الدولية المشتركة، واستكمالاً لجهودها لحماية كوكب الأرض، تلك التي وضعت خطوطها العريضة خلال فترة ترؤسها لمجموعة العشرين العام الماضي، أعلنت المملكة العربية السعودية من خلال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن مبادرتين ستريان النور في الأشهر القليلة المقبلة، ترسمان توجه المملكة والمنطقة في طريق حماية الأرض والطبيعة.
المبادرتان تخصان المملكة العربية السعودية والشرق الأوسط، وتسعيان لزراعة 10 مليارات شجرة داخل السعودية خلال العقود المقبلة، وأضعافها في منطقة الشرق الأوسط.
يبدو الهدف الرئيس من المبادرتين واضحاً تمام الوضوح، وهو استنقاذ الكوكب الأزرق من المآل المخيف الذي ينتظره، لا سيما إذا استمر معدل الاحتباس الحراري عند هذه الدرجات المرتفعة، وما يتبعه من ظواهر مناخية مزعجة، ليس أقلها العواصف الرملية التي تهب على المنطقة، والتي تكلف المملكة نحو 13 مليار دولار سنوياً.
ليس فقط الحجر من يتأثر بالتغيرات المناخية السيئة، التي باتت مهدداً بأكثر من أسلحة الدمار الشامل، بل البشر أيضاً أضحوا فريسة لتلك التغيرات المناخية السلبية، وهذا ما تخبر به الدراسات العلمية في المملكة، التي تشير إلى أن تلوث الهواء من جراء غازات الاحتباس الحراري يقدر أنها قلصت عمر المواطنين بمعدل سنة ونصف السنة.
تعني مبادرات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أن عصراً أخضر جديداً سوف ينشأ ويرتقي خليجياً وشرق أوسطياً، في تضافر مع الجهود الدولية لجعل الكوكب قابلاً للحياة، لا مقبلاً على الموت، إنه زمن الحقبة الخضراء من غير أدنى شك.
يعن للقارئ التساؤل: هل زراعة الأشجار على النحو الوارد في المبادرتين، يمكنها بالفعل تغيير المشهد المناخي المأزوم، لا سيما أن القوى الصناعية الكبرى حول الكرة الأرضية، لم تأخذ خطوات إيجابية وفعالة لمحاربة الآثار السلبية الحالية والمستقبلية للتغيرات المناخية؟
ربما الخطوة الوحيدة الجيدة على صعيد كوكبنا في الأيام الأخيرة، تتمثل في عودة الولايات المتحدة مرة أخرى إلى اتفاقية المناخ، بعدما كانت الإدارة السابقة قد انسحبت منها اعتراضاً على أن تتحمل أميركا وحدها العبء الاقتصادي لمواجهة كارثة المناخ، في حين تراكم دول أخرى الثروات من غير اعتناء بأمنا الأرض.
هنا تأتي مبادرات ولي العهد الأمير محمد لتضيف قيمة إيجابية خلاقة وحقيقية في طريق شفاء الكوكب العليل، فالأشجار تمثل في واقع الحال رئة الأرض التي تتنفس من خلالها.
في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، خرجت دراسة عن فريق من علماء إدارة الغابات بوزارة الزراعة الأميركية تثبت أهمية زراعة الأشجار في تحقيق التوازن مع انبعاثات الكربون المتزايدة حول العالم، وذلك بسبب قدرة الغابات على عزل كميات أكبر من الانبعاثات.
في التقرير يحدثنا البروفسور غرانت دومكي، المتخصص في دراسة الغابات، عن غرس الأشجار، وكيف يمكنها زيادة القدرة على توفير العديد من خدمات النظم البيئية، فبالإضافة إلى عزل الكربون، فقد توفر زراعة الأشجار فوائد إضافية، مثل تثبيت التربة، وتوفير موائل للحياة البرية، فضلاً عن إسهامها في تحسين جودة المياه الجوفية.
تأتي مبادرات الأمير محمد لتثبت بعد نظر ورؤية كوسمولوجية لمتغيرات الواقع القائم على البراغماتية غير المستنيرة، فقد تعرضت غابات كثيرة حول الكرة الأرضية إلى عمليات ذبح وإبادة، بهدف الاستفادة السريعة من مردوداتها المالية، مع أن عائدات الأنشطة الاقتصادية من منتجات الأخشاب تزيد قليلاً على 14 في المائة من التكلفة الاقتصادية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مستوى دولة مثل الولايات المتحدة بشكل سنوي، وللقارئ أن يتخيل مقدار الأضرار التي تتسبب فيها سياسات رعناء من تلك النوعية على الأجيال البشرية القادمة.
يوماً تلو الآخر تثبت مشروعات ومبادرات الأمير محمد بن سلمان، رؤيته التقدمية لإعمار الأرض، لا في المملكة العربية السعودية وحدها، بل في عموم منطقة الخليج العربي عطفاً على الشرق الأوسط.
وبحال من الأحوال يمكن القول إن هاتين المبادرتين إنما تمثلان بالقطع جزءاً من الرؤية الأوسع للمملكة 2030؛ تلك القائمة على الإبداع وليس الاتباع، وبالقدر نفسه على أفكار الابتكار، وهنا فإن المملكة وكما أنها منتج عالمي رائد للنفط، فإنها تدرك أيضاً قدر المسؤولية الملقاة على عاتقها لدفع عجلة مكافحة أزمة المناخ، وأنه مثل ما تمثل دور المملكة الريادي في استقرار أسواق الطاقة خلال عصر النفط والغاز، فإن السعودية سوف تعمل جاهدة لقيادة الحقبة الخضراء المقبلة.
تأتي مبادرات المملكة كطرح لنموذج يبغي العدالة الإيكولوجية لجميع البشر؛ ذلك النموذج الذي يباعد شبح انعدام المساواة والإقصاء والحرمان لملايين البشر من حقوقهم الأساسية في ماء وهواء وغذاء نظيف.
المبادرات المتقدمة وهي تعمل على تقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 4 في المائة من المساهمات العالمية، فإنها ستوفر 50 في المائة من إنتاج الكهرباء داخل المملكة بحلول عام 2030 من خلال مشروعات الطاقة المتجددة.
السعودية تعلن زمن الحقبة الخضراء ومواجهة مخاطر الغد وتغيرات المناخ بقوة وريادة عالميتين.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعودية والحقبة الخضراء السعودية والحقبة الخضراء



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab