هل تتحقق توقعات فيرغسون

هل تتحقق توقعات فيرغسون؟

هل تتحقق توقعات فيرغسون؟

 العرب اليوم -

هل تتحقق توقعات فيرغسون

بقلم - إميل أمين

هل يمكن أن يشهد العام الحالي تحول المواجهة بين أوكرانيا وروسيا، من حرب باردة إلى مواجهة عالمية ثالثة، وحرب نووية لا تبقي ولا تذر؟

عبر وكالة بلومبرغ، بسط المؤرخ البريطاني الأصل، نيال فيرغسون، قبل بضعة أيام رؤيته، والتي يتوقع فيها ما يشبه سيناريو كرة الثلج، حيث تتعمق الأزمة، إلى أن تشابه الأجواء التي سبقت الحرب العالمية الأولى.

في الأيام الأولى من العام الجديد، ارتفع صوت الكرملين، مؤكدا أن روسيا لم تعد في مواجهة أوكرانيا وجيشها، بل الناتو مستترا، من خلال الدعم غير المسبوق لأوكرانيا.

في الوقت عينه، لاحظ الخبراء أن الروس قد عمدوا إلى إقحام أسلحتهم الفائقة التطور في أرض المعركة، مثل الطائرة سوخوي "سو -57"، والتي يمكنها قصف الأهداف الأوكرانية من فوق الأراضي الروسية، وهي المكافئ الموضوع للطائرة الأميركية "أف- 35" الشبح.

تبدو خطة بوتين متمحورة حول تكثيف استخدام الأسلحة التقليدية فائقة القوة والقدرة، وبكثافة نيران عالية، تجعل زيلينسكي يعض أصابع الندم، لا سيما في الوقت الذي ستبدأ فيه المعونات العسكرية الغربية تتراجع، وبخاصة مع سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب.

هل معنى ذلك أن بوتين لن يفكر في استخدام أسلحة الدمار الشامل النووية؟

من الواضح أن فيرغسون واقع تحت تأثير وجاذبية بطريرك السياسة الأميركية، هنري كيسنجر، والذي تناول الملف الأوكراني مؤخرا بشيء بالغ من القلق، ذلك أنه يدرك أبعاد الصراع، وكيف يمكن أن يعيد التاريخ ذاته، ويستشهد بما كتبه مؤخرا عن الدول الأوربية التي لم تكن على دراية كافية بكيفية تعزيز التكنولوجيا لقوتها العسكرية، الأمر الذي ألحق دمارا غير مسبوق ببعضها.

اليوم يبدو السيناريو متجاوزا بمراحل ما كان لدى العالم في 1914، وبكل تأكيد وتحديد، تخطى المشهد أوضاع القوة غداة نهاية الحرب العالمية الثانية، فلم تعد الحاجة إلى الاشتباك البري والبحري حاضرة بين الجيوش، بل يكفي لحظات من سخونة الرؤوس، وبعض الأرقام المتسلسلة، لتنطلق الصواريخ الباليستية، حاملة موت الملايين، حول أرجاء الأرض.

هل يتجاوز فيرغسون الحقيقة أم أن ما يتوافر له من أوراق كمؤرخ، تجعله قادرا على استشراف ما لا نراه في يومنا الاعتيادي المشحون بمشاغبات الحياة، وحيث الغبار يكاد يداري أو يواري الحقائق الكامنة تحت جلد الإنسانية، من أزمنة البشر الأولى وحتى الساعة؟

تبدو القوة مغرية، وحديث القوة يقود حكما إلى الصراعات المسلحة، الأمر الذي يستدعي مقولة الأديب الروسي الكبير فيودور ديستوفيسكي: "إذا ذكر أحدهم في الفصل الأول من رواية أن هناك بندقية على الحائط، فعلى الأرجح أنها ستنطلق في الفصل الثالث من الرواية عينها".

تبدو المدخلات التي تخيف فيرغسون اليوم متمثلة في التفوق التكنولوجي في مجال التسلح، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، وله في الحق ألف حق، وعلى غير المصدق أن يتابع بعض أخبار الصواريخ الفرط صوتية التي باتت موسكو تحوذها اليوم، بجانب الغواصات غير المأهولة من نوعية بوسيدون، والقادرة على إغراق الجانب الشرقي أو الغربي من الولايات المتحدة الأميركية، وطمره تحت المياه.

وعلى الجانب الأميركي، تعمل واشنطن في العلن تارة والسر تارات أخرى، بهدف قطع الطريق على موسكو، وغالب الظن أن برامجها العسكرية قد انتقلت من الأرض إلى الفضاء، سيما بعد أن بث الرئيس السابق ترمب الروح في برنامج حرب الفضاء أو الكواكب، ذاك الذي أرسى دعائمه الرئيس رونالد ريغان عام 1983 تجهيزا لمعركة هرمجدون التي ملكت زمام تفكيره، بأبعاد إسكاتولوجية ورؤيوية عن نهاية الشر المتمثل في الاتحاد السوفيتي، في ذلك الوقت.

في المواجهة الكونية القادمة، والتي يحذر فيرغسون منها، يبدو أن لديه قناعة بفشل الولايات المتحدة في ردع روسيا، وإلا لما تمادى بوتين على هذا النحو، ولما قصرت السبل على مواجهته، فواشنطن – بايدن، تتوقف بحرص وحذر شديدين عند حدود حمراء، تعرف أنه لا يمكن تخطيها، وإلا فإن القيصر بوتين، سوف يجد نفسه أمام الخيار الشمشموني في نهاية المطاف.

قبل أسابيع قليلة، كتب فيرغسون عبر مجلة الفورين افيرز الأميركية الشهيرة، متناولا ما أسماه عصر الاضطرابات، وبات جليا أن الأخطاء التي ارتكبها الغرب هي التي سمحت لروسيا والصين بالصعود، وأنه لابد من مواجهة مختلفة، لوقف الشراكة في الهيمنة على النظام العالمي ما بعد الجديد.

تتماهى رؤية فيرغسون مع خطوط الطول، وخيوط العرض، للاستراتيجية الأميركية الأحدث للأمن القومي، والتي ترى روسيا الخطر القريب، فيما الصين الخطر البعيد.

في هذا السياق يقطع فيرغسون بعين المؤرخ أن الصين "هي المنافس الوحيد الذي لديه نية لإعادة تشكيل النظام الدولي، من خلال امتلاكها للقوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية".

الذين لديهم علم من كتاب تطورات المشهد العسكري الصيني، يدركون كيف تسعى الصين لتطوير ترسانتها العسكرية التقليدية، وفي القلب منها القطع البحرية، من سفن نقل، ومدمرات، وغواصات حديثة، وصولا إلى حاملات الطائرات.

أما الشق الآخر المخيف جدا لبروكسل وواشنطن، فيتعلق بالترسانة النووية الصينية، حيث كشفت الأقمار الاصطناعية الأميركية العام الماضي، ما يجري تحت الأرض الصيني ، ويشبه بناء سور نووي، وصوامع تسع نحو 1500 صاروخ نووي.

هل التحالف الروسي – الصيني أمر يقض مضجع فيرغسون، ويخيفه من شراكة بين موسكو وبكين، في مواجهة الناتو؟

غالب الظن أن ذلك كذلك، وبنوع خاص في ظل جرح مفتوح وغائر اسمه جزيرة تايوان، قد يحول الصراع البارد إلى حرب ساخنة نووية حقيقية.

تبدو وصفة المؤرخ البريطاني لقطع الطريق على روسيا والصين، متمثلة في تكوين تحالفات جغرافية وديموغرافية، والحفاظ عليها، ومحاولة منع هذا التحالف من اللحاق بالركب التكنولوجي.

ما الذي يتبقى قبل الانصراف؟

يوقن فيرغسون بأن هذا الطريق نجح في تجربة الحرب الباردة، وهذا صحيح. غير أن ما لم يتنبه له ربما، هو أن روسيا والصين قد باتتا بدرجة أو بأخرى من منتجي التكنولوجيا، لا من مستخدميها، وقد وعتا الدرس جيدا.. الحضارة لا تقوم بالاستعارة حتى ولو كانت حضارة حروب وموت من أسف شديد.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تتحقق توقعات فيرغسون هل تتحقق توقعات فيرغسون



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 07:10 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير أممي من تفشي العنف الجنسي الممنهج ضد النساء في السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab