البشرية وأزمات الكوكب المريض

البشرية وأزمات الكوكب المريض

البشرية وأزمات الكوكب المريض

 العرب اليوم -

البشرية وأزمات الكوكب المريض

بقلم - إميل أمين

 

 

 

 

 

ذات مرة من العقد الثاني من القرن العشرين، تحدث الرفيق الشيوعي الأشهر، فلاديمير لينين بالقول: "هناك عقود لا يحدث فيها شيء، وهناك أسابيع تحدث فيها عقود".. هل يجوز لنا أن نستعير ما قاله الرجل عن عالم السياسة والإمبراطوريات، لينسحب الكلام نفسه عن حال الأرض، وأهوال الطبيعة، ومجريات الكوكب الأزرق؟

تبدو الأيام الأخيرة وكأنها رجع صدى، لا يتلكأ ولا يتأخر لما قاله لينين، فمن زلازل مدمرة، إلى أعاصير مغرقة، وصولا إلى براكين محرقة، بات التساؤل: "ما الذي يغضب الطبيعة إلى هذا الحد، وهل باتت البشرية قولا وفعلا على حافة الهاوية المناخية، لا سيما من جراء ظاهرة تغير المناخ؟".

عدة ظواهر طبيعية، وضعت الإنسانية برمتها في موضع الضآلة أمام الكون المختل إيكولوجيا، وربما دفعته في طريق إعادة النظر لذاته المنتفخة الأوداج، مرة وإلى ما شاء الله، عسى أن يدركه شيء من التواضع، بعد أن كاد الغرور يذهب به، كما حال أقوام وحضارات، سادت وبادت.

جاء زلزال المغرب، ليضع العالم أمام العديد من التساؤلات، وفي مقدمها مدى قدرة العلم الحديث على التنبؤ بمواقع ومواضع حدوث تلك الضربات القدرية، والتي يصعب النجاة منها، إلا بسلطان.

حتى الساعة، ولسوء حظ سكان الكوكب، فإنه لا يمكن التنبؤ بمواقع ومواضع حدوث الاهتزازات الأرضية، وجل ما يمكن فعله هو محاولة تقدير فترات التكرار، اعتمادا على قوة الزلازل المختلفة، ولكن بعد ذلك يمكن أن يكون السلوك فوضويا، فقد يحدث على سبيل المثال لا الحصر زلزالان قويان في فترة قصيرة بنفس المنطقة، ومن ثم قد لا يحدث أي شيء لفترة طويلة.

أقصى ما يمكن فعله، هو تقديم دراسات عن الأنشطة الزلزالية المتوقعة في مناطق الفوالق الجغرافية، لكن ومن جديد من دون مقدرة تذكر على تحديد موعد حدوث القارعة، ولهذا تبدو ظاهرة الزلازل كارثية بكل المعايير.

على أن القراءات الأخيرة التي طرحها الهولندي، فرانك غريبتس، عن علاقة الكواكب والأفلاك، وبقية الأجرام السماوية، وطريقة اصطفافها، ومواقيت حدوث تلك الاصطفافات، ربما تفتح طريقا مستقبليا للبشرية للتنبؤ وبدقة بمواعيد وأماكن ثورة الأرض، حتى وإن كان هناك من ينكر عليه هذا الربط في الوقت الحاضر، إلا أن المرء يستبعد فكرة كونه عرافا أو مجرد "غاوي شهرة "، سيما بعد أن صدقت توقعاته عدة مرات، وزلزلزت الأرض زلزالها، وأخرجت أحمالها.

ولعل التساؤل المخيف المطروح بخوف ورعدة شديدين مؤخرا: "هل يمكن لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، أن تشهد المزيد من تلك النوعية الكارثية للزلازل والتي أدهشت العلماء، سيما أنها تجيء منافية ومجافية لعلوم الجيولوجيا، وبيانات طبقات الأرض بفوالقها العتيقة، وصفائحها التكتونية المتغيرة؟".

علامة الاستفهام المتقدمة تشيء بالكثير من الشكوك، حول احتمالات التدخل البشري في صناعة بعض من تلك الهزات المرعبة، ومشاهد البرق الأزرق الذي سبق زلزالا تركيا والمغرب، يعزز رؤية المعتقدين بفكر المؤامرة، ويعطيهم مساحة واسعة للحديث عما جرى وما يمكن أن يجري في المستقبل المنظور، وفي كل الأحوال نعيد التكرار، إن لم يكن التاريخ مؤامرة، فإن المؤامرة قائمة في بطون التاريخ.

والشاهد أنه منذ فبراير شباط الماضي، حين ضرب الزلزال الجنوني تركيا والعراق، واليوم المغرب، بات على العلم الحديث أن يرتقي إلى آفاق أرحب، ويعتلي معارج معرفية أعلى، بحثا عن قرون استشعار تستنقذ البشر والحجر، من وهدة الأهوال المفاجئة، لاسيما تلك التي تحل بالليل البهيم، بالآمنين تحت ستر الظلام.

من الزلازل إلى العواصف، وقد رأينا تبعات العاصفة "دانيال" الهائجة والمائجة، في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، خاصة في ليبيا.

هذه العاصفة حكما موصولة بأزمة التغير المناخي، بأوجهها المتباينة والتي تصب جميعها في خانة تنغيص عيش الإنسان، جراء ما ارتكبت يداه من جرائم ضد الطبيعة عينها.

من النينو، مرورا بالاحتباس الحراري، وصولا إلى الغليان الذي حذر وأنذر منه الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش، سلسلة متصلة من التغيرات المناخية التي تزداد تبعاتها السلبية يوما تلو الآخر، برا وبحرا وجوا، ومن غير أمل في تغيير جذري من بشرية تصر على الانتحار بفعل انطلاقات الكربون في فضاء الأرض.

على مرمى حجر من مؤتمر "كوب 28 "، في أبوظبي، برعاية الأمم المتحدة لمناقشة شؤون الأرض المعتلة والمختلة مناخيا، لا يجد المرء هيئة عالمية أو آلية أممية لإدارة جهود تقليل الانبعاثات، بل محاولات طوعية منفردة على المستوى الوطني أو المحلي، فيما السباق على أشده جهة العودة لتفعيل دور الفحم، بعد القصور في إنتاج الكهرباء آسيويا وأوربيا، وأكلاف حرب أوكرانيا طاقويا تقف خلف الباب تشتهي أن تفتك بالجميع مناخيا.

ولكي تكتمل دروب الهاوية المناخية، رصدت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية منذ نحو أسبوعين، تدفقات للغازات من بركان "كيلاويا" في جزيرة "بيغ آيلاند" بهاواي، والتي تنفس سمومها في الفضاء الخارجي، وإن اقتصرت حاليا على الأرضية المحيطة بفوهة البركان، ما دعا لرفع مستوى التحذير من البرتقالي إلى الأحمر.

هل البشرية في حاجة إلى خلية لإدارة أزمات الكوكب المريض؟

المحزن، أن حال الخليقة يشبه بحارة على سفينة تتهاوى، وكل يجدف في ناحية مغايرة لصاحبه، ما يجعل من احتمالات الغرق أكثر من فرضيات النجاة.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البشرية وأزمات الكوكب المريض البشرية وأزمات الكوكب المريض



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab