البشرية بين عصرين

البشرية بين عصرين

البشرية بين عصرين

 العرب اليوم -

البشرية بين عصرين

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

هل باتت البشرية في مواجهة مخاوف أخرى، لا تقل هولاً عن تهديدات الطبيعة الإيكولوجية الغاضبة، القائمة والقادمة في العقود الأخيرة؟
ربما كان الأمر على هذا النحو، وهو ما لفت إليه الاجتماع الذي جرى الأسبوع المنصرم، في مدينة تكاساكي اليابانية، تمهيداً لقمة السبع الكبار، التي ستعقد في مايو (أيار) الجاري في مدينة هيروشيما.
للمكان المختار لقمة المجموعة الليبرالية الكبرى في العالم، والتي تمثل الديمقراطية بالنسبة لها حجر الزاوية، دلالة خاصة، فالديمقراطيات لا تتقاتل؛ بل تتعايش، بينما موضوع اللقاء الأخير كان يمثل القلق والموت والصراعات، ربما غير المقصودة بشكل مباشر، من جراء قصة الذكاء الصناعي المتصاعد في أعلى عليين.
إنه التطور التكنولوجي الأكثر حداثة الذي يشغل بال الكبار، ويستدعي لقاء الوزراء المعنيين بالشؤون الرقمية في المجموعة، الذين يسعون لتبني قواعد تنظيمية للذكاء الصناعي وطرائق عمله وسط البشر.
تبدو الأدوات الناشئة الجديدة في هذا الإطار إبداعية إلى أبعد حد ومد من جهة؛ لكنها من جهة ثانية تظل كسَيف ديموقليس المسلط على رقاب الخليقة، وعلى غير المصدق أن يتابع تطورات أحدث أدوات الذكاء الصناعي التي لا يتوقف الحديث عنها منذ نوفمبر (تشرين الثاني) تشرين الثاني الماضي، روبوت الدردشة «تشات جي بي تي»، القادر على تغيير شكل وأداء العالم معرفياً أول الأمر.
هل يعني حديث السبع الكبار أن هناك ملامح لديكتاتورية تكنولوجية قادمة في الطريق؟
بالقطع ليس هذا هو المقصود؛ بل بلورة قواعد تنظيمية قادرة على المحافظة على مناخ مفتوح ومشجع على تطوير تقنيات الذكاء الصناعي، مع الارتكاز إلى القيم الديمقراطية.
تسعى الدول الفاعلة في مجال هذا النوع من أنواع الذكاءات المستحدثة، في طريق تنظيم المخاوف المتعلقة بالخصوصية والمخاطر، وتولي اهتماماً خاصاً بالشعبية التي تحظى بها تلك الأدوات، وآخرها هذا الروبوت العجيب الذي طورته شركة «أوبن إيه آي»، المدعومة من شركة «مايكروسوفت»، وقد أصبح التطبيق الأكثر نمواً في التاريخ منذ إطلاقه قبل نحو 7 أشهر.
على أن قصة هذه الذكاءات، وإن يسرت من حياة البشرية رقمياً ومعرفياً، وجسرت طرق المعلوماتية أمامهم، تبقى في الوقت عينه مجالاً مخيفاً في نواحي حماية حقوق الملكية الفكرية، بما في ذلك حقوق النشر، والشفافية في مواجهة التضليل الوارد حدوثه، عطفاً على إمكانية تلاعب القوى الأجنبية بالمعلومات.
هل لهذا كان وزير الشؤون الرقمية في اليابان، تارو كونو، وفي المؤتمر الصحافي الذي أعقب اللقاء، يحذر من أن الذكاء الصناعي التوليدي، مثل «تشات جي بي تي»، قادر على تقديم أخبار مزيفة للمجتمعات، وحلولاً معرقلة للإشكاليات، سيما إذا تمت تغذيته ببيانات مزيفة؟
القصة لا تتوقف عند هذا السياق من المهددات التي تعتبر ترفاً فكرياً عند البعض، إذ تطال المخاطر الأمنية الموصولة بالترسانات العسكرية، وبنوع خاص النووية منها... هل لهذا السبب جاءت تصريحات بطريرك السياسة الأميركية، هنري كيسنجر، التي تثير الهلع في النفوس قولاً وفعلاً؟
في مايو من عام 2021، وخلال منتدى جرت فعالياته في المركز الفكري «ماكين أنستيتيوت»، في العاصمة الأميركية واشنطن، قال كيسنجر: «إن الذكاء الصناعي يضاعف من خطر نهاية العالم، لا سيما عبر المواجهة المحتملة بقوة بين واشنطن وبكين». ويومها أضاف الرجل المئوي: «إن البشرية طورت تقنيات تتمتع بقوة كان لا يمكن تصورها قبل سبعين عاماً».
تتمحور المخاوف الهائلة في عالم الذكاء الصناعي حول الآلات، وكيف يمكنها أن تطور حكمها الخاص، ما يجعلها خطراً داهماً أشد وقعاً من الأسلحة النووية.
هل ستتحول قصص هوليوود عما قريب إلى واقع حي معيش؟
غير مستبعد أن نرى الروبوتات تسير في شوارع باريس ولندن ونيويورك، وربما بكين وموسكو وبرلين، تقتل الناس، وساعتها سوف تكتشف البشرية أي خطر أقبلت عليه.
هل أنفلت الجني من القمقم، كما حدث قبل نحو 8 عقود، حين فجر الإنسان الطاقة الكامنة في الذرة وحولها إلى طاقة قاتلة؟
لا يبدو أحد قريباً من عالم الذكاءات الصناعية، بقدر الطفل المعجزة إيلون ماسك، الذي يشير إلى أن احتمالات جعل الذكاء الصناعي آمناً تتراوح بين 5 و10 في المائة فقط، أما توقعه الكارثي فموصول بكينونة هذا الذكاء، والذي سيضحى في تقديره بمثابة «ديكتاتور خالد»، لن يتمكن البشر من الفكاك منه أو الهرب من تبعاته.
هل يمكن للذكاء الصناعي أن يضحى يوماً ما سبباً في نهاية العالم وانقراض الجنس البشري؟
الجواب نجده طرف الفيلسوف السويدي نيك بوستروم، المدير المؤسس لـ«معهد مستقبل الإنسان»، في جامعة أكسفورد، عبر سطور كتابه المعنون «ما فوق الإنسانية: دليل موجز إلى المستقبل».
بوستروم، يقطع بأن الذكاء الصناعي الحالي أو المستقبلي في المدى القريب لا يشكل أي تهديد للوجود البشري؛ لكن إذا تم إنشاء نظام الذكاء الفائق («تشات جي بي تي» ضرب من ضروبه)، فمن الأهمية القصوى أن يمنح قيماً صديقة للبشر، ذلك أن الذكاء الخارق المصمم بخبث أو دون حذر، مع أهداف ترقى إلى درجة اللامبالاة أو العداء للإنسان، يمكن أن يتسبب في انقراض البشرية.
لم يكن بوستروم وحده من أدلى بدلوه في مستقبليات الذكاء الصناعي، سيما أن التساؤل المخيف عن كفاءة تفوق الآلة على العقل البشري، عند نقطة زمنية بعينها، لا يزال حاضراً، سيما إذا أضحت تلك الخلايا العصبية المصنعة قادرة على التفاعل والانقسام، بالضبط كما الخلايا البشرية الاعتيادية.
يمكن أن يكون ذلك فرضية حقيقية لا مجازاً أو خيالاً، والعهدة هنا على البروفسور جيمس لوفلوك، أحد أشهر علماء الإيكولوجيا في بريطانيا، وعنده: «حين تترك البشرية عصر (الإنثروبوسين)، أي عصر التأثير البشري الكبير على جيولوجيا الأرض، وتدخل عصر (النوفاسين) أي عصر الذكاء الصناعي الفائق، فإن ذلك يعني أن خريف البشرية يلوح عما قريب جداً، إلا ما رحم ربك»

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البشرية بين عصرين البشرية بين عصرين



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab