نصيحة سلامة موسى إلى الشباب

نصيحة سلامة موسى إلى الشباب

نصيحة سلامة موسى إلى الشباب

 العرب اليوم -

نصيحة سلامة موسى إلى الشباب

خالد منتصر
بقلم - خالد منتصر

المفكر العظيم سلامة موسى من الذين لم يأخذوا حقهم من الدراسة ومن الضوء بل على العكس ناصبه الكثيرون العداء نتيجة منهجه العلمي في التفكير ونقده للكثير من الخرافات ، ويكفي أن يعرف الشباب أنه أول من شجع نجيب محفوظ ، هناك كتاب أتمنى أن يقرأه كل شاب اسمه "أحاديث الى الشباب" ،برغم أنه قد صدر منذ حوالي سبعين سنة الا أن شباب سلامة موسى العقلي الدائم قد جعله كتاباً عابراً للأجيال والزمن ، أقتبس لكم منه التالي لتعرفوا كيف كان يفكر مستقبلياً :

يجب أن يكون شأن الشاب في اختيار غذائه العقلي، فإنه يجب ألا يحشو ذهنه بتلك المعارف التي تحفظ أي تستذكر، فإنها حشو يتضخم بها الذهن، ولكنه لا ينمو؛ إذ هي للذهن بمثابة المواد النشوية للجسم؛ ولذلك عليه أن يأخذ بتلك الثقافة التي ينمو بها ذهنه بالتأمل والتفكير والبحث والاستقلال.

إن الثقافة نوعان: ثقافة يعتمد فيها على الذاكرة ومعظم الدراسات القديمة تجري هذا المجرى، حيث يكلف التلميذ أو الطالب الحفظ عن «ظهر قلب»، ويكاد يعجز لهذا السبب عن الابتكار في البحث أو الاستقلال في التفكير؛ إذ هو يتضخم دون أن ينمو.

والنوع الثاني هو تلك الثقافة العلمية الجديدة التي لا تطالب أحدًا بالاستذكار، وإنما بالتفكير. وهذه الثقافة هي ابتداع جديد ووعي جديد في الإنسان، ومع أنها قد بزغت منها بوازغ عند الشعوب القديمة من المصريين إلى الإغريق إلى العرب، فإنها لم تنتشر إلا منذُ أقل من أربعمائة سنة.

ثقافة العلم هي ثقافة الابتكار والاستقلال، التي دفعت بالإنسان إلى التساؤل، فرفض التسليم بالمعارف القديمة، وجعل يسأل ويبحث ولم ينخدع بما كان يقال بأن الأسلاف كانوا حكماء، وأنهم عرفوا كل شيء، وإنما سلَّم بجهله وجهلهم، ورفض أن يستذكر ويحفظ عن «ظهر قلب»، وانتهى بحقائق العلم التي غيَّر بها نفسه ومجتمعه، بل هو يغير بها الآن الدنيا بأرضها وبحارها وجبالها، ثقافة العلم هي التي جعلت الإنسان يكتشف قارة جديدة يعيش فيها الآن أكثر من أربعمائة مليون إنسان، هي أمريكا.

وثقافة العلم هي التي جعلتنا نصعد إلى السماء ونكاد نلغي المسافات، فقطع ما بين القاهرة ولندن في أربع ساعات أو أقل. وثقافة العلم هي التي جعلتنا نعالج ونشفي نحو 20 أو 30 مريضًا بالضديات. وثقافة العلم هي التي ننتظر منها أن نعيش أصحاء نحو 300 أو 400 سنة.

وثقافة العلم هي التي جعلتنا نقف على أسرار الكون في أصله ونهايته، بالوقوف على أسرار الذرة بعد أن كنَّا نؤمن بالخرافات. إن الثقافة السيئة مثل الغذاء السيئ تجعلنا نتضخم بالمعارف ولكننا لا ننمو، وهذه هي ثقافة الاستذكار، أي الحفظ عن ظهر قلب، أما الثقافة العلمية فهي مثل البيضة للطفل تكفل لنا النمو الذهني.

والواجب الأول على كل شاب أن يعرف الفرق الأساسي بين هاتين الثقافتين، وأن يزود نفسه حين يشرع في الوعي الثقافي بعلم من العلوم يدرسه، ويتدرب على مناهجه ويتعلم منه طرق البحث والاستقلال في التكفير، وضرورة النقد القاسي للأخطاء والأوهام التي يقع فيها الحافظون عن «ظهر قلب».

ولا يمكن الشاب أن يكون عصريًّا إلا إذا عرف علمًا من العلوم. وليس هناك استظهار في العلوم، أي ليس هناك حفظ عن ظهر قلب لمعارف مثبتة بالتجربة.

وهو حين يفعل ذلك يحسُّ الاستقلال الفكري، وأنه ليس هناك من يستعمر ذهنه ويقسره على التسليم ويطالبه بالحفظ الأعمى الأصم.

ولن يستطيع أحد منَّا أن يفهم التطور السريع الذي يجري هذه الأيام في عالمنا إلا إذا تعمق العلوم على قدر ما تسمح له به ظروفه، وليس شكٌّ أن أحفادنا وأحفاد الأحفاد سينهجون المنهج العلمي في حياتهم وأسلوب عيشهم وزواجهم وطعامهم وسكناهم وإنتاجهم أكثر منَّا مائة ضعف، ولكن مع عجزنا الحاضر عن أن نكون علميين في تفكيرنا مائة في المائة علينا ألا نهمل القليل الذي زودنا به العلم كي نتصل بحقائق الدنيا والكون والحياة اتصالًا سليمًا، أي اتصالًا استقلاليًّا بالبحث والدرس وليس اتصال العبيد بالسادة يأمرونهم بالطاعة فيخضعون.

إن العلم في عصرنا هو الذي يقرر القوة لعارفيه وممارسيه، وهو الذي يقرر الضعف لمن ينكرونه ولا يدرسونه، العلم هو فنُّ القوة بجميع معانيها.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نصيحة سلامة موسى إلى الشباب نصيحة سلامة موسى إلى الشباب



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 15:50 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
 العرب اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab