يوسف إدريس وجرس إنذار التحرش

يوسف إدريس وجرس إنذار التحرش

يوسف إدريس وجرس إنذار التحرش

 العرب اليوم -

يوسف إدريس وجرس إنذار التحرش

بقلم - خالد منتصر

منذ ٢٩ عاماً غادر عالمنا البركان العبقرى يوسف إدريس، ومنذ حوالى نصف قرن نشر إدريس فى مجموعته القصصية المدهشة والصادمة «بيت من لحم» واحدة من القصص التى تؤكد أن الفنان الحقيقى والمثقف الصادق هو زرقاء يمامة وطنه، إنها قصة «سنوبزم» التى تحذر وتدق جرس إنذار لمجتمعنا ليواجه جريمة التحرش، ذلك السلوك البربرى الذى سرعان ما تحول إلى ظاهرة مشينة ومخجلة، وهو قد تحول إلى ظاهرة لأن صوت المثقف أو الفنان المتمرد مثل يوسف إدريس غير مسموع، فهو زامر حى لا يطرب، بل على العكس يهاجَم ويدان ويطارَد، يفقد أرضاً بينما نجد سماسرة وتجار الدين الكارهين للمرأة وثقافة البهجة والحياة يكسبون أرضاً ويحتلون عقولاً، لكن عبقرية يوسف إدريس سابق عصره وأوانه فى تلك القصة كانت فى إدانته للمجتمع وليس للمتحرش فقط، اتهم المجتمع بالصمت والتواطؤ، قام بتعريته بمنتهى البراعة والذكاء، ولن أطيل فى الشرح، لكنى سأترككم مع بعض اقتباسات «سنوبزم» التى معناها عند بطل القصة، د. عويس أستاذ الأنثروبولوجى، الرعاع أو الأوباش، يقول يوسف إدريس عن بداية التحرش فى الأوتوبيس: «أما الرجل المستمتع فيواصل التحرش الجنسى بحرية وثقة»، «الرجل، رغم كل ما حدث، استأنف المحاولات وبجرأة أكثر، حتى والسيدة بين الحين والحين تجبر عنقها المكتنز على الالتواء وتصويب نظرات صاعقة هلعة، راجية، أخيراً بدأ يظهر منها دمع متحجر صامت، نظرات كان واضحاً منها أنها تتعذب عذاباً لم تذقه فى عمرها، إذ كانت تتألم ذلك الألم القاتل الذى لا يستطيع فيه المرء أن يصرخ أو ينطق أو يقول لا، والرجل، وكأنه فقد الإنسانية والحيوانية معاً، لا يولى شيئاً من هذا كله أى اعتبار، مندمج بكليته فى متعته الدنيئة الغارق فيها، لا يرى سواها، ولا يهمه أى ألم هائل تعانيه السيدة لقاء لحظة المتعة تلك»، يواصل إدريس وصفه البديع ويقول:

«النظرات لا تردعه، وعذاب «الآخر» لا يعنيه فى شىء، و«الاندماج» يأخذه ويسيطر عليه فيواصل متعته اللا إنسانية، موقناً بخبرته أن الضحية المعذبة لن تتكلم، وأن المشاهدين السلبيين لن يتدخلوا، وأن القافلة تسير فى سلام واستسلام وصمت»، «الرجل يستمتع بتحرشه الشاذ، والمرأة المقهورة هى التى تتعذب باستمتاعه، وثمة مفارقة أهم تتمثل فى المتعة السلبية التى يستشعرها جمهور أقرب إلى التشجيع والمباركة! قد يكون الرجل مريضاً منحرفاً جديراً بالإدانة، وقد تكون السيدة خائفة من الفضيحة إذا تجاوز تعبيرها العلنى عن الرفض حداً معيناً، لكن ما حجة الكتلة الجماهيرية العريضة التى «تتلذذ» صامتة مشجعة كأنها توافق؟!». ثم يقول فى نهايات القصة بعد أن تجمّع الركاب لطرد الضحية وضرب الأستاذ: «الظاهر إن الست دى كانت آخر واحدة تشذ وتستغيث وأنا كنت آخر أحمق يقول أنا شفت.. يعنى كانت آخر علقة، دلوقتى تركب 999 أو غيره تلاقى كله تمام، اللعبة تتم فى صمت، ولا أحد يخرج على قواعدها، والقاعدة إنك ما تشوفش، وإذا شفت كأنك ما شفتش، وإذا حصل لغيرك مالكش دعوة، وحتى إذا حصل لك أنت ولا كأنه حصل لك».

رحم الله يوسف إدريس، وسامحنا الله على عدم الانتباه لنبوءاته.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوسف إدريس وجرس إنذار التحرش يوسف إدريس وجرس إنذار التحرش



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
 العرب اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab