دروس المومياوات الملكية

دروس المومياوات الملكية

دروس المومياوات الملكية

 العرب اليوم -

دروس المومياوات الملكية

بقلم - خالد منتصر

موكب المومياوات الملكية لم يكن مجرد رحلة عجلات حربية من ميدان التحرير إلى الفسطاط، لكنه كان رحلة عقول وقلوب مصرية من فكر إلى فكر آخر، فكر التعامل مع الحضارة المصرية القديمة على أنها حضارة أصنام إلى فكر التعامل معها على أنها حضارة فجر الضمير وبداية الإنسانية واحترام العلم والدقة والرغبة فى الكمال، نقلة لها دلالات، نستخلص منها دروساً عديدة، فالمجتمع الذى تقبل حبس مومياواته بفتوى من شيخ الأزهر عبدالحليم محمود ووافق عليها الرئيس حينذاك، هو نفس المجتمع الذى خرج الآن ليحتفى ويصفق ويفرح بتلك المومياوات وهى تخرج إلى النور لتعرض فى مكان أفضل ومتحف أحدث، مجتمع زيف وعيه بفتوى تتحدث بعقلية الحانوتى لا بعقلية خبير الآثار، فتوى تحذر من عرض المومياوات وتتعامل معها بقاموس فقهى يفتقد إلى المرونة، هو نفس القاموس الذى يتحدث عن حمل الأربع سنوات ورجم القردة الزانية ورضاع الكبير، فتوى لا تعرف ما هو علم التحنيط ولا ما هى السياحة، فتوى كل غرضها الاحتفاظ بالسطوة والسلطة من خلال آخر أسلحة الجماعات الدينية، سلاح فزاعة الموت وزرع الإحساس بالذنب والخطيئة لقاء بيزنس بازارات صكوك الغفران.

درس الموكب والاحتفال الأول هو احترام الدقة والرغبة فى الكمال الـperfection، الموكب سار بدقة الفيمتوثانية، تزامن نغمات الأوركسترا مع مسيرة الموكب بمنتهى الانضباط، تنسيق معروضات متحف الحضارة والعرض المختصر الموجز الشامل الذى قدمه وزير الآثار بدون مط أو ثرثرة، كل تلك العناصر تشير إلى الدقة المتناهية واحترام الوقت وهما من أهم ما ميز عصر الفراعنة.

الدرس الثانى احترام العلم ومنهجه الذى أدى بتلك الحضارة إلى تقديم معجزات علمية ما زلنا نحاول فك شفرتها حتى الآن، مثل ذلك التحنيط الذى استطاع الاحتفاظ بأجساد هؤلاء الملوك آلاف السنين، فمتحف الحضارة ليس مجرد قاعة عرض، ولكنه مدرج تعليم وقاعة درس وكأنك فى أكاديمية.

الدرس الثالث هو أننا أثبتنا أننا أحفاد هؤلاء المبدعين حقاً، أوركسترا على أعلى مستوى عالمى، مايسترو فنان استطاع أن يضبط الإيقاع بميزان الذهب وعصا السحر، عازفون وعازفات بمستويات احتراف يقف لها العالم إجلالاً واحتراماً، ومتذوقون كانوا متعطشين لمثل هذا الفن الرفيع.

درس آخر هو احترام وتقدير المرأة، فقد كان الموكب وكانت الاحتفالية عيد تاء التأنيث بحق، مذيعات لهن حضور وثقافة، مطربات شرقى وغربى على أعلى مستوى، راقصات باليه فى منتهى الرشاقة والجمال، بنات مصريات يتقدمن الموكب فراشات ملونة هن رمز للبهجة والفرح والأمل فى مستقبل مشرق لمصر يخلصها من خفافيش الظلام وغربان النكد، السوبرانو التى غردت أنشودة العظمة الفرعونية مصحوبة بالربابة والناى التى اقشعرت معها الأجساد بموسيقى الجميل هشام نزيه، ريهام عبدالحكيم، عازفة التمبانى، عازفة الرق، عازفة الكمان، كلهن نجمات، كلهن مصريات.

الدرس الأخير والأهم هو أن أهم ثروة هى منتجنا الثقافى، أهم كنز هو فننا ومخزوننا الثقافى، أهم بئر نفط هم هؤلاء الفنانون الذين كنا نجلدهم استجابة لتيار فاشى يكره الفن ويحتقره، لأنه يعرف أن من يتذوق الفن لا يمكن أن يذبح أو يقتل، لأنهم يعرفون أن الفن هو رصاصة الرحمة للإرهاب.

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دروس المومياوات الملكية دروس المومياوات الملكية



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:39 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
 العرب اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
 العرب اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 07:49 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
 العرب اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 06:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 06:32 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

رسميا الكويت تستضيف بطولة أساطير الخليج

GMT 06:30 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 14:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب مدينة "سيبي" الباكستانية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab