عيد الأب

عيد الأب

عيد الأب

 العرب اليوم -

عيد الأب

بقلم - خالد منتصر

مر علينا عيد الأب بدون ضجيج أو احتفالات أو تتويج للأب المثالى أو حتى هدايا رمزية للأب فى البيوت المصرية إلا بعض الاستثناءات التى تثبت القاعدة.

وإذا كنا قد فاتنا أن نحتفل مادياً فلنحتفل معنوياً وليكتب كل واحد عن أبيه، عن أثره وبصمته ورحلته معه وخوفه عليه ووقوفه بجانبه وتشجيعه له.. إلخ.

أبى السيد سعد منتصر كان وكيل وزارة العدل فى مصلحة الطب الشرعى لأبحاث التزييف والتزوير، أورثنى عشقه للقراءة وغرامه بالخط العربى، كان يمارس عمله كخبير خطوط فى كشف التوقيعات والمستندات المزورة والفلوس المزيفة، يمارسها وكأنه فى حالة هوى صوفى، برغم أنه كان الأول على قسم النبات بكلية العلوم وكان مرشحاً ليكون معيداً، فإنه فضل هذا العشق، فقد كان فناناً يرسم اللوحات ويلونها بأنامل فنان حقيقى لم يدرس فى كلية الفنون، كان الفن وكأنه جزيرة يستريح فيها من جفاف الأكاديمية العلمية.

كان يحكى لى عن طفولته الفقيرة وهو فى قرية الشعراء بدمياط وسط عشرة أشقاء وأب مريض منهك الصحة، مما اضطره إلى هجران المدرسة لمدة سنة لضيق ذات اليد، فاضطر لاستغلال موهبته الفنية فى العمل كخطاط فى تلك الإجازة الإجبارية، فكان يكتب على عربيات الموبيليا وواجهات سينما اللبان عن الفيلم المعروض هذا الأسبوع، واستطاع شق طريقه بهذه المعافرة ليصبح أول من يلتحق بالتعليم العالى فى قريته، لدرجة أن القرية كانت تناديه بالأستاذ، وقد كان أستاذاً بحق.

وكان يبهرنى أنه برغم السن كان يشرح الميكانيكا والتفاضل والتكامل واللغة العربية والإنجليزية والفيزياء والكيمياء بنفس المهارة وكأنه كان يقرأها بالأمس أو كأنه يضغط على زر استدعاء المعلومات! وهذا كان مدهشاً لى ولغيرى من الأقارب الذين كانوا يلجأون إليه لكى يشرح لهم ما استعصى عليهم.

كان يحضر بعض أيام صالون العقاد ويعشقه وكنت أختلف معه فى هذا العشق فقد كنت أفضل طه حسين، وكانت عنده مكتبة كبيرة علمنى من خلالها أن القراءة تدريب، وكانت ثقافته العلمية هى التى جعلتنى أطلع على كتب لم يكن متاحاً وقتها الاطلاع عليها، كان الإخلاص سمته الرئيسية فقد ظل يراسل أستاذته فى علم النبات البروفيسيرة السويدية «تاكهولم» حتى ماتت وكان يحمل لها الجميل أنها هى التى شكلت عقليته العلمية والبحثية.

ومثلما كان مخلصاً لأساتذته كان مخلصاً لتلاميذه، وكل من تدرب على يديه فى مصلحة الطب الشرعى يقدر ذلك ويعرفه، بعد مرور كل تلك السنوات على رحيله أشد ما يحزننى أن ظروفاً كثيرة قد حالت دون أن أجلس معه أكثر، اجلسوا مع آبائكم أكثر قبل الندم على افتقاد البوصلة والشراع وحضن الطمأنينة، يوم أن تفقد الأب فقدت الظهر والسند.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيد الأب عيد الأب



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 15:50 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
 العرب اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab