فى حب عاطف الطيب

فى حب عاطف الطيب

فى حب عاطف الطيب

 العرب اليوم -

فى حب عاطف الطيب

بقلم -خالد منتصر

ربع قرن مرت على رحيل عاطف الطيب، مندوب الغلابة وسفير الطبقة المتوسطة على شاشة السينما، ناقل صرخة وآهة الموجوعين فى كواليس الفن السابع، ما زلت أتذكر يوم رحيله والفنان أبو بكر عزت ومعه صلاح السعدنى يبكيان بحرارة وبمرارة، فقد كان عاطف الطيب قبل أن يدخل غرفة العمليات يضحك معهما رغم أنه كان مقدماً على جراحة قلب مفتوح، كان الخبر مفجعاً، مات عاطف أثناء الجراحة، تبخرت فجأة المشاريع التى ازدحم بها عقله اليقظ، اختفت كل المشاهد واللقطات التى كان يجهزها بعينه اللماحة، رحل عاطف الطيب وقلبه المنهك قد خذله برغم نبض الحب الذى أغدقه على كل البشر.

كان «سواق الأوتوبيس» هو الجسر الذى عبر به عاطف الطيب إلى قلب وعقل جيلنا المتمرد، كنا نعشق صلاح أبوسيف، وكنا شبه متأكدين من أنه قد بلغ أعلى سقف الواقعية وأنه لن يأتى مخرج يستطيع تجاوز هذا السقف، لكن عاطف الطيب فعلها وبمنتهى الاقتدار والعذوبة، كان شاعر الواقعية، فلقد بكيت أثناء الفرجة على هذا الفيلم فى مشاهد الخذلان للبطل السواق وهو يبحث عن حل عند أزواج أخواته البنات، تارة يهرب منه تاجر الموبيليا ليصلى جماعة فى رأس البر، وتارة أخرى يتحجج المهرب بضيق ذات اليد فى بورسعيد، ورشة النجارة لم تكن مجرد مكان لحرفة أو مهنة ولكنها كانت دفء الوطن الذى هجرته الضباع ولم تعد تهتم به إلا بعد رحيل الكبير رب العائلة.

كان جواز السفر الثانى إلى قلوبنا وعقولنا هو فيلم «البرىء» الذى شاهدته فى مهرجان القاهرة السينمائى كاملاً ثم عرفت فيما بعد بأن النهاية قد حذفت بناء على وشاية من كاتب كبير وقرار من وزراء كبار حضروا خصيصاً لمشاهدة الفيلم بناء على تلك الوشاية بأنه خطر على الأمن القومى!!، ولأن عاطف الطيب ومثله وحيد حامد من نوعية مثقفى زرقاء اليمامة الذين يحسون بالخطر قبل وقوعه، فقد تحققت النبوءة وتمرد عساكر الأمن المركزى فى الحادث الشهير، وكأن «الطيب» كان يقرأ الغيب.

جاء «الحب فوق هضبة الهرم» ليلمس وتراً حساساً فى هذا الجيل وهو وتر أحلام الحب المجهضة، شاب وفتاة لا يجدان مكاناً لتبادل كلمات الحب وممارسة الحب، مجرد الزواج ليس مسوغاً، لكن أين المكان ومرتبه بالكاد لا يكفى أسبوعاً!!، إنه الجوع إلى الحب، عاطف الطيب كان عبقرياً فى اكتشاف كنوز أبطال أفلامه، نور الشريف مثّل معه أفضل أفلامه وكذلك أحمد زكى وممدوح عبدالعليم والسعدنى ومحمود عبدالعزيز... إلخ، حتى أصحاب الأدوار الصغيرة كانوا متميزين، وأكبر مثال هو الفنان حمدى الوزير الذى ارتبط اسمه بعاطف الطيب، الفيلم كان لا بد أن يعكس هماً عاماً وقضية مؤرقة، لكنه بالرغم من ذلك لم يكن خطيباً ولا واعظاً ويعرف أنه يتكلم بلغة الصورة، كان شاعراً سينمائياً.. وأرجوكم بتلك المناسبة أن تشاهدوا فيلمه المظلوم نقدياً «الزمار» لتعرفوا ماذا أقصد بشاعر السينما.

ربع قرن وما زلت فى العقل والقلب كالوشم لن ننساك يا عاطف.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى حب عاطف الطيب فى حب عاطف الطيب



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab