القضية النبيلة لا تعنى بالضرورة فناً جيداً

القضية النبيلة لا تعنى بالضرورة فناً جيداً

القضية النبيلة لا تعنى بالضرورة فناً جيداً

 العرب اليوم -

القضية النبيلة لا تعنى بالضرورة فناً جيداً

بقلم - خالد منتصر

الفن سحر غامض مراوغ، لكن المراوغة محببة، مستفز للعقل والروح، لكنه الاستفزاز العذب، وما يجعل الفن فناً هو أسلوبه، بناؤه، صياغته، ولو لم تتوافر تلك العناصر، مهما كان الموضوع عظيماً، والقضية نبيلة، سيصير الفن منشوراً خطابياً، أو مظاهرة حنجورية، أو شعاراً دعائياً، هذه الأفكار راودتنى حين قال لى الصديق إن أجمل عمل فنى يشاهده الآن هو الذى يتحدث عن استعادة القدس وتدمير إسرائيل واختفاء أمريكا!!، عندما شاهدته عدت لأقول له إن الخيال العلمى إذا لم يغلف فى «سيلوفان الفن»، فسيصبح مجرد هلاوس سمعية وبصرية، وأن أعظم وأنبل القضايا إذا عرضت برداءة وصياغة مبتذلة مفككة خالية من روح ومنطق الفن، صار مانشيت الجريدة هو مكانها الطبيعى ومقرها المناسب، من الممكن أن تلقى قصيدة عن تحرير القدس بينما هى غاية فى الرداءة، لن تترك تأثيراً، وترسم فقيراً عارياً يداه متسختان وشعره أشعث، فتصير لوحتك أيقونة فنية، فمثلاً الفنان فان جوخ له أكثر من لوحة لأحذيته التى رافقته فى رحلات سيره الطويلة المنهكة، الحذاء مثقوب، كالح، يغطيه التراب، لكنه جميل، لكنه فن، وهذا ما يمنح اللوحة الألق والروعة والسحر والجاذبية، رواية «مدام بوفارى» برغم أنها تتناول خيانة وجنساً، فإنها رواية جميلة من الكلاسيكيات، وبرغم المحاكمات الأخلاقية التى عانت منها وعانى منها مؤلفها، فإنها صارت أيقونة لأنها ببساطة فن، الروائى هنرى ميللر الذى يتهمونه دائماً بالفحش فى مفرداته ومشاهده، بالرغم من ذلك فهو عملاق روائى، وما يقدمه هو فن، «كافكا» عندما كتب قصة المسخ كان يتحدث عن شبه «صرصار» منسحق، لكنها قصة أثرت فى مسار الفن القصصى كله، الشاعر محمود درويش تحدث عن فلسطين شعراً، وصفوت حجازى قدم خطبة عصماء فى زمن الإخوان عن أننا بالملايين رايحين للقدس وفلسطين، لكن شتان بين «درويش» و«حجازى»، إذن الفن ليس بموضوعه النبيل العظيم النضالى، ولكن بتركيبته وتشكيله وتضفيره ونسيجه، هذا هو الفن الحقيقى، والدراما ليست خارجة على هذا السياق، بل هى على القمة من حيث الحاجة إلى التحقق الفنى، فالعمل الدرامى الذى لا يترك فيك بصمة فنية، ولا يهزك من الأعماق، ليس دراما، العمل الملىء بالشعارات حتى ولو كانت تمس أعظم القضايا، ليس بدراما ولا فن، لأن معنى الدراما هو الفعل، تذوق الفن لدينا ما زال بعافية، فنحن أمام اللوحة الفنية ما زلنا نسأل الفنان التشكيلى عن الموضوع ولا نلتفت للخط ولا للون ولا للضوء ولا للمنظور، وما زلنا نصفق للعمل الدرامى، إذا قال البطل: أنا حررت القدس وهو يقف فى زاوية تصوير خاطئة وتمثيله صراخ والسياق عشوائى، من حقك أن تقول وبمنتهى الوضوح إن هذا العمل ردىء بدون أن تخاف من فزاعة كيف تنتقد عملاً يحرر القدس!!، باختصار نبل القضية لا يعنى بالضرورة جمال وصدق الفن.

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القضية النبيلة لا تعنى بالضرورة فناً جيداً القضية النبيلة لا تعنى بالضرورة فناً جيداً



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ماذا تفعل لو كنت جوزف عون؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب ولاية جوجارات الهندية

GMT 15:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وفاة الإعلامى السورى صبحى عطرى

GMT 15:48 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"بتكوين" تقفز لأعلى مستوى فى 7 أسابيع

GMT 03:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة

GMT 03:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 24 إبريل / نيسان 2025

GMT 03:24 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

قتلى وجرحى في انفجار لغم أرضي شرقي حلب

GMT 01:13 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

جليد القطب الشمالي يسجل أصغر مساحة منذ 46 عاماً

GMT 03:46 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

ارتفاع حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي لـ23 شخصًا

GMT 12:58 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (103) رحيل الحبر الأعظم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab