يربط المحللون السياسيون بين انتخاب الرئيس الأمريكي الجديد وصعود اليمين، من الممكن أن يكون تزامنا وليس سببية، تصاعد اليمين الأوروبي قبل انتخاب ساكن البيت الأبيض المنتخب فى فترته الأولى، هي ظاهرة سياسية شهدت نموا ملحوظا في السنوات الأخيرة، حيث حققت الأحزاب اليمينية المتطرفة والمحافظة تقدماً كبيراً فى الانتخابات الوطنية والبرلمانية فى عدة دول أوروبية.
يعود هذا الصعود إلى عدة عوامل رئيسية، منها:
1- الهجرة والهوية الوطنية:
ازدادت المخاوف لدى بعض الأوروبيين من تدفق المهاجرين، خاصة بعد أزمة اللاجئين فى 2015، ما دفع الأحزاب اليمينية إلى تبنِّى خطاب مُعادٍ للهجرة والدعوة لتشديد سياسات اللجوء.
2- السخط على النخب السياسية:
يشعر العديد من المواطنين بأن الأحزاب التقليدية فشلت فى تلبية احتياجاتهم، مما دفعهم للبحث عن بدائل سياسية تمثل صوتهم، وهو ما استغلته الأحزاب اليمينية.
3- التحديات الاقتصادية:
على الرغم من تعافى أوروبا اقتصادياً بعد الأزمات المالية، لا تزال هناك مشاكل تتعلق بارتفاع تكاليف المعيشة، البطالة، والركود فى بعض المناطق، مما عزز منازع الحمائية والرفض للعولمة.
4- الشعور بفقدان السيادة الوطنية:
بعض الأوروبيين يرون أن الاتحاد الأوروبي يفرض سياسات لا تخدم مصالحهم الوطنية، ما دفع أحزاب اليمين للمطالبة باستعادة السيطرة على القوانين والسياسات المحلية.
5- القلق من التغيرات الثقافية والقيم الاجتماعية:
هناك مخاوف من تأثير التعددية الثقافية على القيم والتقاليد الأوروبية، وهو ما تستخدمه الأحزاب اليمينية فى خطابها لحشد الدعم، ومن أبرز الأحزاب التي شهدت صعوداً فى السنوات الأخيرة:
حزب التجمع الوطني في فرنسا بقيادة مارين لوبان.
حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD).
حزب فوكس فى إسبانيا.
حزب أخوة إيطاليا بقيادة جورجيا ميلوني.
حزب الحرية النمساوي (FPÖ).
إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة فى عام 2024 أثرت بشكل ملحوظ على صعود اليمين المتطرف فى أوروبا، فقد استلهمت العديد من الأحزاب اليمينية الأوروبية من سياساته وخطابه، مما عزز من حضورها وتأثيرها فى المشهد السياسي الأوروبي، تأثير إعادة انتخاب ترامب على اليمين الأوروبي كان فى صورة:
1- تعزيز الثقة والشرعية:
اعتبرت أحزاب اليمين المتطرف الأوروبي فوز ترامب بمثابة تأكيد على قبول الناخبين للسياسات القومية والشعبوية.
على سبيل المثال، أشاد زعماء تحالف «وطنيون من أجل أوروبا»، ثالث أكبر كتلة فى البرلمان الأوروبي، بعودة ترامب، معتبرين إياه نموذجاً يُحتذى به.
2- تأثير على السياسات الداخلية:
شجعت سياسات ترامب المناهضة للهجرة والتعددية الثقافية الأحزاب اليمينية فى أوروبا على تبنِّى مواقف أكثر تشدداً تجاه الهجرة واللاجئين.
هذا التأثير ظهر جلياً فى تصريحات قادة مثل فيكتور أوروبان فى المجر ومارين لوبان فى فرنسا.
3- التعاون والتنسيق الدولى:
سعت الأحزاب اليمينية الأوروبية إلى تعزيز علاقاتها مع إدارة ترامب، مما أدى إلى تنسيق أكبر فى السياسات والمواقف الدولية.
هذا التعاون ظهر فى لقاءات ومؤتمرات مشتركة، حيث تم تبادل الخبرات والاستراتيجيات، كانت هناك على الجانب الآخر ردود فعل أوروبية مختلفة، كان هناك قلق من المؤسسات الأوروبية، فقد أثارت إعادة انتخاب ترامب مخاوف بين القادة الأوروبيين بشأن مستقبل التعاون عبر الأطلنطي، تجلى ذلك فى اجتماعات طارئة لمناقشة تداعيات سياساته على الأمن والاقتصاد الأوروبي، أدى التأثير المتزايد للأحزاب اليمينية إلى تعميق الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي، خاصة فيما يتعلق بقضايا مثل الهجرة والسياسات الاقتصادية.
لكن السؤال: هل تعاون اليمين فى واشنطن واليمين فى باريس وبودابست وفيينا.. إلخ سيؤثر على الشرق الأوسط أم لا؟ هذا هو السؤال المطروح على خبرائنا السياسيين.