ماراثون التنوير

ماراثون التنوير

ماراثون التنوير

 العرب اليوم -

ماراثون التنوير

بقلم - خالد منتصر

التنوير ماراثون طويل، ولا بد لكل مثقف فى مصر أن يعرف أنها معركة طويلة النفس، التنوير لا يعرف الولادة بدون ألم، هو مخاض ومعركة للأسف لا بد أن تمر على جسر من المعارك التى تصل فى بعض الأحيان إلى الدم، كما حدث فى أوروبا فى عصر التنوير، والذى مهدت له معارك البروتستانت والكاثوليك، وكانت فيها الكنيسة متزمتة، وكان هناك صراع بين العلم والكنيسة انتهى بانتصار العلم على هذه التفسيرات المتزمّتة، والدرس الذى لا بد أن نعيه أن تجديد الخطاب أو الفكر الدينى حدث من المفكرين والفلاسفة، وهذا الذى سيحدث فى مصر والعالم العربى، فالتجديد لن يأتى من رجال الدين.

درس التنوير الأوروبى يعلّمنا أن طلب رجل السياسة من المتزمتين أن يجدّدوا الفكر هو جهد دون طائل، فعندما تحول الدين إلى مؤسسة لها رجال يحافظون عليها، كان لا بد لنا أن نعرف أنه لا يمكن لرجل دين أن يتنازل عن سطوته وسلطته والبيزنس الذى صار علامة وضرورياً لبقاء هذه السلطة الدينية، فلا يمكن أن يتصدّى رجل دين بهذه البساطة للتنازل عن سلطته، لكنى أؤمن أن التنوير قادم لا محالة مع الأخذ فى الاعتبار أن الحراك سيكون بطيئاً، لكن التاريخ يراهن على التنوير.

هناك هجوم رهيب على كلمة علمانية، أصحاب المزاج السلفى ومعهم رجال الدين هم السبب فى هذا الهجوم؛ لأن كلمة العلمانية ستسحب البساط من تحت أقدامهم، وستُفقدهم سلطتهم، لأن العلمانية تقوم على أعمدة ثابتة «المواطنة، احترام القانون، أنها دولة قانون لا دولة فتوى، وأن الكفاءة هى المعيار وليس الدين أو الطائفة»، كل هذه الأركان التى كنا فى زمن سابق نقولها باختصار وببساطة فى شعار «الدين لله والوطن للجميع» هى معنى العلمانية الحقيقى بدون أن ندخل فى فروق تفصيلية وأكاديمية، هذا الشعار الذى رفعته ثورة 1919 كان بذرة العلمانية فى مصر، والتى ضاعت فى مهب الريح وإعصار ما بعد الهجرة إلى بلاد النفط فى نهاية السبعينات، والذى ضاع معه هذا الشعار، فلم يتبقّ منه إلا القليل.

نحن نجد فى أى تاريخ ما هو مُعلن وما هو مسكوت عنه، وعندما أقرأ فى التاريخ الإسلامى أجد كثيراً من المسكوت عنه، والكثير من الجوانب التنويرية التى أخفيت عمداً وقت أن انتصر ابن تيمية على ابن رشد، ووجدت أن هناك مدارس ومذاهب إسلامية مستنيرة كانت تناشد العقل، مثل فرقة المعتزلة، لكنى أتحدى وأراهن أى شخص يقرأ الآن أن ينزل إلى المكتبات ويطلب من صاحب المكتبة أن يبيعه كتب المعتزلة، ببساطة لن يجد كتاباً واحداً كاملاً؛ فهذه هى مشكلة الإخفاء المتعمد، وهذا السلف الذى أقصده، هم مثل هؤلاء، تيار الاستنارة داخل التاريخ الإسلامى الذى تم دفنه وإسدال الستار عليه، لم تعد هذه التيارات العقلانية المستنيرة موجودة وليس لها مصادر، لكنها تحتاج إلى شخص أكاديمى يبحث ويحفر لتظهر للنور مرة أخرى، وهذا غير متوافر لأى إنسان بسيط؛ بينما الكتب التى تنشر الخرافات والفكر الرجعى المتزمت موجودة بالملايين فى كل مكان وعليه تصدّر المشهد أفكار ابن تيمية، واختفت أفكار ابن رشد.

العلمانية ليست حزباً سياسياً، لكنها آلية فكرية تسمح بمظلة متساوية لكل الأديان والأفكار أن تتنفس بحرية تحت هذه المظلة أو تحت هذا السقف -للأسف- حتى الآن لم تصبح العلمانية تياراً لكنها أفراد فى جذر منعزلة؛ وبالفعل آن الأوان لتتشكل تلك الرابطة، ولذلك أنادى كبذرة أولى بأن يتم إنشاء موقع تنويرى يضم كل التنويريين العرب، لأن الإنترنت أصبح هو السلاح الأول الذى من الممكن أن يكون فعالاً ومجدياً فى تلك المعركة.

arabstoday

GMT 07:31 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

جيمس قبل ترمب

GMT 07:29 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

كم سيندم لبنان على فرصة اتفاق 17 أيّار...

GMT 07:26 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

أكاذيب

GMT 07:24 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

نهج التأسيس... وتأسيس النهج

GMT 07:20 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

ساعات عصيبة على لبنان... وربَّما على المنطقة

GMT 07:07 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

الانفتاح الأميركي على روسيا ومآلاته

GMT 07:00 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

حسابات الزعيم البريطاني ستارمر تبدو ضعيفة

GMT 06:57 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

مستر «إكس»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماراثون التنوير ماراثون التنوير



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:01 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

كويكب مخيف... وكوكب خائف

GMT 18:35 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

حماس تعلق على مستقبل تبادل الأسرى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab