بقلم - خالد منتصر
العالم لم يعد يسمع إلا صوت الغرب فى أى قضية سياسية، خاصة قضية فلسطين، والدليل ما يحدث فى غزة وتركيز الإعلام العالمى على ما تقوله أمريكا وأوروبا فقط، واختزال العالم كله فى الشمال والناحية الغربية منه. ورغم أن الجنوب هو مصدر الثروات الطبيعية التى ينعم بها الغرب فإن الاستماع إليه والاهتمام بما يقوله ضعيف، والصوت خافت. جاء موقف بوليفيا ضد إسرائيل الذى وصل للذروة بقطع العلاقات ليلفت النظر للجنوب، بدأ العالم ينتبه إلى أن هناك شعوباً فى الجنوب من الممكن أن تمثل ضغطاً، وكما يقول التقرير المنشور فى صحيفة العرب اللندنية أن شيلى وكولومبيا استدعتا سفيريهما للتشاور، ووصفت شيلى القصف الإسرائيلى بأنه «عقاب جماعى للسكان المدنيين الفلسطينيين»، ومما هو جدير بالذكر أن أكبر جالية فلسطينية خارج الشرق الأوسط تعيش داخل شيلى.
أدانت الأرجنتين هجمات إسرائيل على البنية التحتية المدنية فى غزة، ودعت إلى الامتثال للقانون الإنسانى الدولى، رغم أن عدد الجالية اليهودية فى الأرجنتين 175 ألف نسمة، وهى الأكبر فى أمريكا اللاتينية، وقد انتقدت اتحادات يهودية فى الدولة الواقعة فى أمريكا الجنوبية هذا الموقف، وكذلك الحكومة البرازيلية دعت «جميع الأطراف إلى ممارسة أكبر قدر ممكن من ضبط النفس لمنع المزيد من تأزيم الوضع». وقد استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد قرار قدمته البرازيل إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لأنه لم يتضمن ذكر حق إسرائيل فى الدفاع عن النفس، ووصفت وزارة الخارجية الكوبية الصراع بأنه «نتاج 75 عاماً من الانتهاكات المستمرة لحقوق لا تقبل المساومة للشعب الفلسطينى وسياسات إسرائيل العدوانية والتوسعية»، واتهم الرئيس الفنزويلى نيكولاس مادورو إسرائيل بإقامة نظام التمييز العنصرى وارتكاب الإبادة الجماعية فى قطاع غزة.
ومن أمريكا الجنوبية إلى أفريقيا، خاصة جنوب أفريقيا التى تُعد - وفقاً للمؤتمر اليهودى العالمى - موطناً لأكبر جالية يهودية فى أفريقيا، وترتيبها فى المرتبة الثانية عشرة على مستوى العالم، حيث يعيش فيها أكثر من 75 ألفاً و500 يهودى، يقول ران جرينشتاين، المحلل السياسى فى جامعة ويتواترسراند بعاصمة جنوب أفريقيا جوهانسبرج، إن جنوب أفريقيا على وجه الخصوص تتخذ موقفاً «متشدداً وانتقادياً للغاية» تجاه إسرائيل، ووصفت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدى باندور رد إسرائيل على هجوم حماس فى السابع من أكتوبر الماضى بأنه «عقاب جماعى» للفلسطينيين يتضمن «قتلاً مستمراً للأطفال والمدنيين الأبرياء». وتتحدث جنوب أفريقيا عن جرائم حرب ترتكبها القوات الإسرائيلية، وتريد سحب دبلوماسييها من إسرائيل، وتهدد بطرد محتمل للسفير الإسرائيلى، وأدانت عدة دول أفريقية القصف الإسرائيلى الذى استهدف قطاع غزة رداً على هجوم حماس، وهناك تضامن كبير مع الفلسطينيين، خاصة فى البلدان ذات الأغلبية المسلمة. وإلى جانب بعض التصريحات التى تتحدث صراحة عن إسرائيل باعتبارها «جائرة»، تطالب الكثير من الحكومات بإنهاء العنف ضد المدنيين وتنفيذ حل الدولتين. وكان الاتحاد الأفريقى قد وصف «إنكار الحقوق الأساسية للشعب الفلسطينى» بأنه «السبب الرئيسى» للصراع.