بقلم - خالد منتصر
قرر الكاتب الشهير ماريو بارجاس يوسا ابن بيرو الذي حصل على جائزة نوبل ٢٠١٠، اعتزال الكتابة ، بعد ستين عاماً قرر ابن السابعة والثمانين اعتزال الكتابة في قرار أحزن وأدهش كل المهتمين بالأدب والثقافة لأنه بداية صادر من روائي عملاق ومؤثر لا يقل موهبة ولا توهجاً عن ابن قارته ماركيز، ثانياً لأن هذا القرار غريب أن يصدر عن فنان وروائي ، وهو يثير تساؤلاً هاماً ويطرح قضية جدلية وهي هل الكتابة لها سن معاش ومباراة اعتزال؟!
أعلن يوسا اعتزاله الأدب بعد صدور روايته المنتظرة "أهدى صمتى" وسردية عن الفيلسوف الفرنسى جان بول سارتر ، نشر يوسا روايته الأولى "المدينة والكلاب" التى نال عليها جوائز عديدة منها جائزة "ببليوتيكا بريفي" عام 1963، وجائزة "النقد" عام 1998، وقد ترجمت إلى أكثر من عشرين لغة أجنبية، وتوالت أعماله الروائية وتعددت الجوائز التى حصل عليها، وقد كان من أشهرها حصوله على جائزة ثيرفانتس للآداب عام 1994، والتى تعد أهم جائزة للآداب الناطقة بالإسبانية، أعتقد أن هذا القرار من أصعب ما يكون وأحياناً يصاحبه إنهاء الكاتب لحياته، فالاعتزال للكاتب الذي في حجم يوسا يماثل إنهاء الحياة له، وقد عانى همنجواي من ذلك الصراع وكان في سن أصغر من يوسا ، وبالفعل أنهى حياته بالرصاص، وأيضاً الكاتب الياباني يوكيو ميشيما والذي كان أصغر من هيمنجواي وأنهى حياته، بالهاراكيري.
وأعتقد أنه في المحيط العربي لم أصادف كاتباً وضع القلم وقال لن أكتب وهو في القمة إلا يحيى حقي ، من الممكن أن يكون هناك روائيون أو كتاب قصة عرب آخرون ، لكن يحيى حقي كان صادقاً مع نفسه ، واعتزل على مرحلتين ، الأولى حين قرر أن يكتب في جريدة غير مقروءة، وهي جريدة التعاون، ورفض عرض هيكل للكتابة في الأهرام مع نجيب محفوظ وحسين فوزي وتوفيق الحكيم، أما نجيب محفوظ اعتزل أو انزوى أو لم يجد بداخله الرغبة في الكتابة فترة طويلة بعد كتابته للثلاثية، امتدت الفترة إلى حوالي سبع سنوات تقريباً وهو في حالة صمت أدبي حتى عاد ثانية وبقوة، القرار ليس سهلاً، ولكن الفن ليس قراراً حكومياً، وليس له تاريخ صلاحية ولا ينتمي لعالم المعادلات الكيميائية لذلك ستجد من الفنان قرارات مدهشة لا تتوقعها، فكما أنك لا تستطيع الإمساك بالضوء، فأنت أيضاً لا تستطيع الإمساك بقرارات الفنان وإبداعاته.