ظل الخديوي

ظل الخديوي

ظل الخديوي

 العرب اليوم -

ظل الخديوي

بقلم - محمود خليل

حين يفقد الإنسان ظله يفقد نفسه، ويأخذ طريقه إلى الترنح، ثم التهاوى والسقوط.. كذلك كانت حياة الخديوى إسماعيل.جلس إسماعيل بن إبراهيم بن محمد علِى على سدة الخديوية بعد وفاة عمه سعيد. ومنذ اللحظة الأولى لحكمه لعب شقيقه فى الرضاعة إسماعيل باشا صدّيق، أو إسماعيل المفتش، دوراً مهماً فى هز عرشه.

بعد سنوات خمس من تولى «إسماعيل» حكم الخديوية، وتحديداً عام 1868، بادر إلى تعيين إسماعيل صدّيق ناظراً للمالية، بعد عزل الناظر القائم إسماعيل باشا راغب، بذريعة أنه لا يفهم فى الإدارة المالية.

يصف «عبدالرحمن الرافعى» فى كتابه «عصر إسماعيل» هذا القرار قائلاً: «وكان هذا الرجل فى ذاته من الكوارث التى حلت بمصر فى عهد إسماعيل».نشأ «إسماعيل صدّيق» نشأة بائسة فقيرة، ثم صار موظفاً فى الدائرة السنية، مستفيداً فى ذلك مما قيل عن أنه شقيق الخديوى فى الرضاعة، فنال عطفه، وظل يترقى فى المناصب حتى صار مفتش عموم الأقاليم، ومن هنا جاءه لقب «المفتش» الذى لازمه وصار علماً له بقية عمره.

ويُعد «المفتش» أقدم مسئول يميل إلى استغلال منصبه والتربح منه بكل الصور الممكنة، ومثّل نموذجاً للمسئول الفاسد الذى أثرى ثراء فاحشاً، فاقتنى الأراضى والأبعاديات والقصور والجوارى والحظايا. كان الخديوى إسماعيل يسمع عن حالة المخملية التى يعيش «المفتش» فى ظلها، وهو الذى كان بالأمس يشتهى «المليم»، لكنه لم يكن يأبه لذلك، لأن ناظر ماليته يأتيه بالمال حين يريد، وليس يهم الطريقة التى يجمعه بها، والتى كانت تأخذ فى الأغلب شكل إرهاق الفلاحين بالضرائب.

كان الأهالى بالنسبة لإسماعيل المفتش مصدراً لا ينضب للمال، وقد تواطأ معه فى قهرهم على هذا المستوى عدد من المشايخ الذين أفتوا له بأن «العبد وما ملكت يداه ملك لمولاه»، فكل فرد فى الأهالى وما يملكه من مال أو حيازات ملك للخديوى الذى يحكم البلاد.

كل هذا لم يُغنِ عن الأوضاع المالية المتردية شيئاً، وكانت النتيجة إقالة «المفتش»، أحد أكبر الفسدة فى تاريخ المسئولية فى مصر، من منصبه كناظر للمالية.وبعد الإقالة علت أصوات الأجانب مطالبة بمقاضاته أمام المحاكم المختلطة، وهى خطوة أخافت الخديوى إسماعيل لأن الاثنين كانا شريكين فى اللعبة، فقرر الأخير التخلص منه.

أخذ «الخديوى» يتودد إلى «المفتش» ويهدئ من روعه، ودعاه إلى مرافقته فى مشوار إلى قصر الجيزة، وهناك كان رجال الخديوى فى انتظاره فقبضوا عليه، وقتلوه، وألقوا جثته فى النيل. والمضحك فى الأمر أن إجراءات محاكمة «المفتش» تواصلت، وصدر الحكم عليه بالنفى إلى دنقلة، فى الوقت الذى لم يعلم أحد من الأهالى بما وقع للمفتش وأن الخديوى تخلص منه بالقتل.

لقى المفتش مصرعه فى نوفمبر 1876، وظن الخديوى أنه حل جزءاً كبيراً من أزمته بذلك، على الأقل فيما يتعلق بفضح أسراره المالية، لكن الواقع كان أعقد من ذلك بكثير، فقد ظل «إسماعيل» يعانى من ضغوط الرقابة الثنائية، وبات حاكماً صورياً للبلاد، ولم يعد لاستمراره أى جدوى، فتم خلعه من عرش مصر بضغوط من إنجلترا وفرنسا عام 1879، أى بعد ثلاثة أعوام فقط من مقتل «المفتش» الذى كان بالنسبة للخديوى بمثابة الظل للضوء وقتله فى النهاية.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ظل الخديوي ظل الخديوي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
 العرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
 العرب اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab