أم العواجز

أم العواجز

أم العواجز

 العرب اليوم -

أم العواجز

د. محمود خليل
بقلم - د. محمود خليل

هزة عنيفة تعرض لها حى الصليبة بامتداداته فى حى الخليفة وشارعى الخضيرى ومراسينا، حين ارتجت مصر كلها فى زلزال أكتوبر 1992. إنها اللحظة الوحيدة التى بدأ فيها بعض البشر يخافون من الأثر الذى اختلطت أنفاسهم بذرات أحجاره وأخشابه ونقوشه، فكل مَن يسكن فى بيت يقابله مسجد -وما أكثر المساجد فى هذه المنطقة- كان يرتعد حين ينظر إلى «مدنته» العالية التى تطاول السحاب، ويسأل ماذا لو هزها تابع أو زلزال جديد فسقطت فوقه؟. الخوف يثير الخيال المتشائم، ويدفع بصاحبه إلى ما لا يسر.

مقابل هذا البعض الخائف والغارق فى الخيالات العجيبة، كان ثمة فريق آخر يعيش إحساساً بالأمان والاطمئنان الكامل، ينظر إليهم غيرهم فيعجبون من هدوئهم ويصفونهم بالبلادة أو التبلد إزاء الهزة التى تعرض لها الحى وغيره من أحياء المحروسة. يسألونهم عن سر اطمئنانهم؟ فيجيبون بسؤال: كيف نقلق ونحن نعيش فى حمى أهل البيت؟

أضرحة أهل بيت النبى، صلى الله عليه وسلم، بهذه المنطقة تشبه السياج الذى يلفها من عدة أنحاء، وهى بالنسبة لسكان الخضيرى والصليبة وطولون والخليفة تمثل كتيبة المدافعين عنهم ضد غوائل الزمن وهزاته. يلهجون بالدعاء فى أعتابهم، فيأتيهم المدد من فوق سبع سماوات.

خط الدفاع الأول بالنسبة لسكان هذا الحى تجده فى ضريح السيدة زينب بنت على رضى الله عنهما. كيف لا وهى بنت فاطمة الزهراء، رضى الله عنها، وحفيدة النبى، صلى الله عليه وسلم، وابنه الإمام على، كرم الله وجهه، وشقيقة السبطين الحسن والحسين، رضى الله عنهما. مكانة السيدة الجليلة فى أفئدة أبناء الحى كبيرة، مثلما هى كبيرة فى أفئدة المصريين جميعاً.

نظرة البسطاء من أهل الحى -وهم الكثرة الغالبة- إلى مقام السيدة زينب نظرة خاصة جداً، فالسيدة زينب هى الكريمة أم العواجز التى يأوى إليها الضعفاء، المجاهدة التى خرجت مع أخيها «الحسين» وواجهت القوة الغشومة لبنى أمية، العظيمة التى صمدت فى وجه صلف يزيد بن معاوية وألزمته حدوده، عقيلة بنى هاشم التى كانت تفيض بحكمتها على أهل البيت الكريم حين يطلبون منها الرأى، رئيسة الديوان الذى كان ينعقد فى دارها فى مصر بحضور الوالى والحكام.

ثمة قناعة راسخة لدى البسطاء بأن السيدة زينب قادرة على حل مشكلاتهم حتى بعد أن صعدت روحها الطاهرة إلى بارئها، ولعلك تذكر ذلك المشهد من رواية «قنديل أم هاشم» حين جلس «إسماعيل» أمام مقصورة السيدة يحكى للشيخ «درديرى» خادم المسجد عجزه عن دخول كلية الطب بسبب عدم وجود واسطة لديه، فيطمئنه الأخير قائلاً: واسطتك موجودة.. (ثم وهو يشير إلى المقام): «الست تتوسط لك عند الحكام يدخلوك الكلية». تلك نظرة البسطاء إلى أهل البيت جميعاً، فهم قادرون على منحهم المدد الذى يمكّنهم من حل مشكلاتهم.

البعض يرى هذا التوجه نوعاً من العبث والجهل من جانب البسطاء، لكن من المهم توضيح أن نداءات ودعوات البسطاء أمام ضريح السيدة وغيره من أضرحة أهل البيت لها أساس معين لديهم، قد تتفق أو تختلف معهم فيه. فهؤلاء البشر يؤمنون بأن ثمة خيوطاً وجسوراً تربط أرواح الأحياء بالأموات، وأن أرواح «أهل البيت» تسمع لهم ويصلهم السلام عليهم. ما أكثر ما تسمع على ألسنة كبار السن بهذه المنطقة عبارة لافتة يقولون فيها: «الحى أدرى من الميت». وترتيباً على ذلك يظن البسطاء حين يخاطبون أهل البيت أنهم ينادون آذاناً تسمع لهم، وقلوباً ترق لحالهم، ونفوساً تتعاطف معهم، أكثر مما يسمع أو يرق أو يتعاطف معهم الأحياء

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أم العواجز أم العواجز



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 15:50 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
 العرب اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم
 العرب اليوم - القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab