اتمسكن لحد ما تتمكن

اتمسكن لحد ما تتمكن

اتمسكن لحد ما تتمكن

 العرب اليوم -

اتمسكن لحد ما تتمكن

محمود خليل
بقلم - محمود خليل

«اتمسكن لحد ما تتمكن» من الأمثال التى تحمل إحدى خلاصات الثقافة التى تكرست فى عصر المماليك، وتسربت إلى أجيال متعاقبة من المصريين جاءت بعد ذلك.

لعبة «المسكنة» من الألعاب التى تمتاز بموقع خاص على خريطة الثقافة العامة فى مصر، وهى موروث مملوكى بامتياز. فالإنسان الطموح الذى قذفت به الأقدار داخل مربع ضعف، فى حين يجد فى نفسه الجدارة بالجلوس على منصات القوة، يضطر إلى «المسكنة» حتى يصل إلى مرحلة التمكين.

تمسكن الأمراء المماليك لتوران شاه، حتى تمكنوا من رقبته فقتلوه، وتمسكن «أيبك» لشجر الدر حتى حل محلها فى السلطنة، وتمسكن «قطز» لأمراء المماليك بعد فراغ السلطة عقب مقتل «أيبك» حتى تولى الحكم، وتمسكن «بيبرس» لقطز حتى تمكن من رقبته، فقتله هو ومجموعة الأمراء الذين تحلقوا من حوله، ثم فعلها محمد بك أبوالدهب مع على بك الكبير، وهكذا.

إنها معادلة مضمونة النتائج تعلمها المصريون من الثقافة المملوكية التى تجذرت فى حياتهم. فرغم أنهم مجاليب أغراب جاءوا إلى البلاد بالبيع والشراء، إلا أن نظرتهم إلى ذواتهم كانت غير ذلك، فقد رأوا فى أنفسهم الأحق بحكم أهلها والأولى بخيرها وامتلاك أرضها.

اقرأ على سبيل المثال ما ورد فى المنشور الأول الذى بثه نابليون بونابرت إلى المصريين أوائل الحملة الفرنسية، وستجد كيف يهاجم المماليك ويرى أن بينهم وبين العقل والفضائل عداوة، ثم يتساءل: «ماذا يميزهم عن غيرهم حتى يستوجبوا أن يتملكوا مصر وحدهم، ويخصوا بكل شىء حسن فيها من الجوارى الحسان والخيل العتاق والمساكن المفرحة!.

فإذا كانت الأرض المصرية التزاماً للمماليك فليرونا الحجة التى كتبها الله لهم!».كان «نابليون» من الذكاء بحيث يعتمد على المعادلة نفسها التى ارتكن إليها المماليك قروناً، فتمسكن للمصريين فى المنشور، حتى يتمكن من بلادهم، وقال للمصريين إنه أعبد لله من المماليك، ويحترم نبيه والقرآن العظيم، وأن الناس متساوون أمام الله، وأن الشىء الذى يفرقهم عن بعضهم البعض هو العقل والفضائل، وأن المماليك أبعد الناس عن ذلك.

أعلن «نابليون» أنه أسلم وخاطب الأهالى بمخزون المسكنة وأفكار التسليم بالمقدور المخزونة داخلهم، وأخذ يقول لهم: «العاقل يعرف أن ما فعلناه بتقدير الله عز وجل وإرادته وقضائه ومن يشك فى ذلك فهو أحمق وأعمى البصيرة».«اتمسكن لحد ما تتمكن» درس عابر للأجيال.

ولا أجدنى بحاجة إلى تذكيرك بالطريقة التى يتعامل بها المرؤوس مع رئيسه فى العمل، والصغير مع الكبير، والمبتدئ الطامح مع صاحب المنصب الأعلى منه، بل وبعض الزوجات الضعيفة مع الأزواج، أو بعض الأزواج الضعاف مع الزوجات، أو بعض الأولاد مع آبائهم، وقِس على ذلك.

إنك لو تأملت بعض من حولك وما حولك فسوف تجد أن معادلة «اتمسكن لما تتمكن» لا تفنى، كما أنها لم تستحدث من عدم.

 

arabstoday

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اتمسكن لحد ما تتمكن اتمسكن لحد ما تتمكن



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 05:07 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

مقتل وإصابة 4 جنود إسرائيليين في كمين شمالي غزة
 العرب اليوم - مقتل وإصابة 4 جنود إسرائيليين في كمين شمالي غزة

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ماذا تفعل لو كنت جوزف عون؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب ولاية جوجارات الهندية

GMT 15:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وفاة الإعلامى السورى صبحى عطرى

GMT 15:48 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"بتكوين" تقفز لأعلى مستوى فى 7 أسابيع

GMT 03:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة

GMT 03:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 24 إبريل / نيسان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab