الهراء وصعوبة البلع

الهراء.. وصعوبة البلع

الهراء.. وصعوبة البلع

 العرب اليوم -

الهراء وصعوبة البلع

بقلم - محمود خليل

خلال العقد الثانى من الألفية الجديدة، كانت مسيرة «اللخبطة فى اللغة» قد بدأت تتهيأ للتحول إلى «خلطبيطة» أو -بالفصحى- فوضى، تعبر عن حالة كاملة من حالات التشوش، وبات أغلب الخطابات مستنداً إلى مجرد «الدوشة»، بما تعنيه من صوت عالٍ، وردح، وتهديد، ووعيد، ومنٍّ، وأذى.. كل ذلك كان يمكن قبوله وتحمله، لكن ما لا يمكن استيعابه فعلاً هو أمران، الأول الهراء، والثانى تبليع ما لا يمكن بلعه.

بالنسبة للهراء.. لا تكاد تظفر فى بعض ما تسمع بأفكار متماسكة، والمتحدث من هؤلاء قد يتناقض مع نفسه عدة مرات فى الدقيقة الواحدة، يسمع أسئلة فيجيب إجابات شديدة البعد عنها، يبدو الكلام أحياناً غير مقنع، ومعدوم الحجة، ورغم ذلك تجد قائله يريدك أن تقتنع بـ«العافية»، وكأن قوله قاهرٌ فوق ما عداه.. وعن الهراء الذى يرتدى «ثوب الإنشاء» حدث ولا حرج.. دوشة الخطابات التى لا تقل إنشائية عن خطابات الشعر والأدب فى سوق عكاظ باتت تغلب على ما عداها.. الناقص حالياً أن تجد من ينشد: «ونشرب إن وردنا الماء صفواً.. ويشرب غيرنا كدراً وطيناً»، مثلما كان يردد عمرو بن كلثوم -أحد شعراء المعلقات- وهو ينشد فى بيئته الصحراوية اللاهثة من العطش.

أما الأمر الثانى فيتعلق بتبليع ما صعب بلعه عقلاً ولا منطقاً.. فيكفى أن تعلق قولك على أية شماعة، وعلى غيرك أن يقبل بالقول راضياً.. والشماعات أشكال وألوان.. كله بيسرق فلماذا لا أسرق؟ كله بيغنى فلماذا لا أغنى؟ كله بينظّر فلماذ لا أنظّر؟ كله بيغش فلماذا لا أغش؟ وهكذا.

قد تتفق معى على أن أموراً كثيرة لم يكن أحدٌ منا يتصور قبل عقدين من الزمان أن بإمكان أحد قبولها، وإذا بنا نستيقظ على أن كثيرين باتوا يقبلونها، أو يزعمون ذلك، بمجرد الاستماع إلى حديث مختلط عنها.. بإمكانك، على سبيل المثال، أن تراجع الموقف العام من القضية الفلسطينية التى مثلت إحدى القضايا التى تتصدر اهتمام المصريين والعرب لعقود متصلة، وتابع ردود الفعل على أى هجوم يقوم به المحتل ضد الفلسطينيين حالياً.الناس أصبحت تتقبل اختراعات وتريندات وأحداثاً وأفكاراً لم يكن يتصور أحد -عقلاً ولا منطقاً- قبولها، والفضل فى ذلك حالة التشوش العام التى ضربت العقل الجمعى، وجعلته فى حالة سيولة يسرت لأى فكرة لقيطة أن تسكن فيه، ليتبناها ويدافع عنها.. هل كان أحد يصدق ظهور مهرجان مثل شيماء «البطة»؟ لقد ظهر.

زمان كتب بديع خيرى «أوبريت» بعنوان «العقلاء» -فى فيلم «المليونير»- يحكى فيه عما يحدث داخل أحد العنابر بمستشفى الأمراض العقلية.. من ضمن ما جاء فيه: «انت يا حضرة نابليون.. وى مسيو.. وأنا كمان نابليون.. أنشانتيه.. سيد من يكتم سر.. وى مسيو فى بير.. شفت الأرنب ويه القطة راكبين تاكسى وبيقول هو.. هى تقول له حطّة يا بطة.. وهوه يقول لها بسبس نو».تلك هى لغتنا المعاصرة.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهراء وصعوبة البلع الهراء وصعوبة البلع



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
 العرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
 العرب اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab