«اللي في القلب في القلب»

«اللي في القلب في القلب»

«اللي في القلب في القلب»

 العرب اليوم -

«اللي في القلب في القلب»

محمود خليل
بقلم - محمود خليل

تعوّد بعض المماليك أن يلاقى بعضهم بعضاً بالبِشر والترحاب وأحلى الابتسامات وأجمل الكلمات، وما إن يُدِر أحدهم ظهره للآخر حتى يبدأ فى «المأوزة» عليه والطعن فيه بما يليق وما لا يليق، وذلك إذا كان يريد اغتياله معنوياً، أما إذا أراد اغتياله مادياً، امتدت إليه يده بالأذى، تماماً مثلما فعل «بيبرس» مع «قطز»، حين دخل إليه راكعاً يدعو له بدوام ملكه، وفى لحظة خاطفة غدره والأمراء بسيوفهم.

وكما فعل رجال البلاط القلاوونى مع الأشرف خليل، حين أطاح ببعض منهم، فتشفعوا عنده وتذللوا حتى يعيدهم إلى مواقعهم من جديد (تمسكنوا)، وانطلقوا يمتدحون نبل أخلاقه وطيب أصله فى حضرته، ومن ورائه أخذوا يدبرون لقتله، وتولى كِبر المؤامرة حسام الدين لاجين والأمير بيدار حين خرجوا معه للصيد، و(تمكنوا) من تحقيق مخططهم ليرث الأمير بيدار موقعه فى السلطنة.

الأمير المملوكى كان على أتم الاستعداد ليُسمع أى إنسان ما يروقه من كلمات فى مواجهته، ويبقى بعد ذلك اللى فى القلب فى القلب، ولكن عندما يختفى هذا الإنسان من أمامه يسلقه بلسان حاد.

ومن المضحك أن المصريين تعلموا هذا الدرس من المماليك على حياة عينهم، وقبل أن يتعرضوا للمحنة التى تعرضوا لها على يد محمد على فى مذبحة القلعة.يحكى «الجبرتى» فى «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار» أن المشايخ والعلماء دأبوا على مشاركة «نابليون» -خلال احتلاله للبلاد- الاحتفالات التى يرتبها لبعض المناسبات الفرنسية، كمناسبة قيام الجمهورية، بإعداد الثريد الذى تغطيه طبقة شامخة من الأرز الذى يأخذ ثلاثة ألوان، هى ألوان العلم الفرنسى، إرضاءً لسارى عسكر.

كان العلماء يفعلون ذلك والأهالى يأكلون ويرقصون «واللى فى القلب فى القلب»، فنظرتهم إلى نابليون كغازٍ محتل لم تتغير، وكانوا جميعهم ينتظرون اللحظة التى يخرجونه فيها من البلاد.. وقد كان.للمصريين مثل شهير، يضرب بجذوره فى الثقافة المملوكية، يقول: «فى الوش مراية وفى القفا سلاية».

وهو يصف حال الشخص الذى يلقى لك أذناً واعية يسمع بها منك ما تريد البوح به، ويظهر لك وهو يستمع كقلب مخلص، وعقل يشاركك التفكير فيما تقول، وتشعر معه وأنك تجلس أمام نفسك (مراية)، حتى إذا تركته وجدته يجلس إلى غيرك يتسلى معه عليك بما سمع منك، ويحولك إلى «سلاية»، أى مادة للتسلية.

هذا النوع من الأداء قد يكون له مبرره مع عدو، كما كان يؤدى الأجداد مع نابليون، فيقابلونه بوجه باسم ويكتمون ما فى قلوبهم من مشاعر غيظ نحوه كمحتل، يتحينون اللحظة التى يحررون بلادهم منه، ولكن أن يكون أساس الأداء مع صديق فهذا يعنى وصول صاحبه إلى مرحلة متقدمة من مراحل فقدان الإحساس بالذات، وبالتالى فقدان الإحساس بالآخرين.

فى الكثير من المواقف والمواضع تستطيع أن تعاين من يؤدون تبعاً لمعادلة «اللى فى القلب فى القلب»، ولكن قد تجد فى المقابل بشراً صفت قلوبهم، ظاهرهم كباطنهم، يفهمون معنى مقولة: «المجالس أمانات»، لا يجيدون الحديث بلسانين، بل بلسان واحد، تجلله الاستقامة. هؤلاء هم من يحتفظون بإحساسهم بذاتهم كبنى آدمين، الناجين من الثقافة المملوكية.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«اللي في القلب في القلب» «اللي في القلب في القلب»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab