«الحسن» و«ظرف الانقسام»

«الحسن» و«ظرف الانقسام»

«الحسن» و«ظرف الانقسام»

 العرب اليوم -

«الحسن» و«ظرف الانقسام»

محمود خليل
بقلم - محمود خليل

عاش «الحسن بن على» طفولته المتأخرة وعبر مرحلة المراهقة فى عهد كل من أبى بكر وعمر بن الخطاب، وقد اغتيل الفاروق سنة 23 هجرية، حين كان «الحسن» يستقبل مرحلة الشباب فى الـ20 من عمره. السنوات الممتدة من الثامنة إلى العشرين (12 سنة) مرت فى سياق عام هادئ، أحسن فيه «أبوبكر» السيطرة على أمور الدولة فى البداية وحمايتها من التشتت والتشرذم، ثم واصل «عمر» المسيرة، وفى عهده تمددت الدولة أكثر وأكثر، وتحقق إحساس لدى جميع المسلمين بالاستقرار، نتيجة سيطرة الخليفة على الأوضاع، وتمتعه بشخصية قوية، وسياسة حكيمة، لم تمنح للفتن - صغرت أم كبرت - أية فرصة للظهور.جرى فى نهر الحياة الكثير من الماء حين صار عثمان بن عفان رضى الله عنه خليفة للمسلمين، وهو فى الثامنة والستين من عمره، ورغم أنه تعهّد حين تولى الأمر بأن يحكم بكتاب الله وسنة رسوله وعمل الشيخين، إلا أنه تخلى عن بعض الأمور التى انتهجها «عمر» على سبيل المثال، فقد سمح لكبار الصحابة بالتنقل فى البلدان، وهو ما منعه الخليفة الثانى، كما تشكلت فى عصره طبقة متميزة للحكم، قوامها أبناء عائلته الأموية، وللإنصاف فقد كان أغلبهم مجيدين فى مسألة الإدارة، لكنهم من ناحية أخرى عزلوا الخليفة عن جموع المسلمين، وبدأ الناس يسترجعون مشهد عمر بن الخطاب وهو يقف وسط الناس، أو ينام تحت ظل شجرة، مثله مثل أبسط المسلمين.التحولات الجديدة كانت محل امتعاض من جانب أبناء المدرسة المحافظة التى تربت على فكرة الزهد فى الدنيا ومتاعها، وكل عام يمر كان يزيد من امتعاضهم، إذ كان الخليفة يطعن فى السن وتضعف سيطرته على الدولة التى امتدت إلى ما خارج الجزيرة العربية، وتزداد أدوار طبقة الحكم المحيطة به. كان من الطبيعى أن يكون على بن أبى طالب أميل إلى رؤية المدرسة المحافظة، وأشد رغبة فى استعادة وجه الحكم على نهج الشيخين أبى بكر وعمر. وكان هذا الموقف مرفوضاً من جانب الحسن بن على، ومحل تقدير وإعجاب من جانب أخيه «الحسين».رأى «الحسن» أن يقف أبوه على الحياد فى مواجهة الصراع الذى نشب بين عثمان وطبقة الحكم من ناحية، ومجموعة الرافضين لنهجهما فى الإدارة والسياسة من ناحية أخرى. نصح أباه كثيراً بألا يضع يده فى هذا الأمر، ونصيحته تلك كانت تحمل قدراً كبيراً من الوجاهة، أما «على» فقد رأى أن ولده يهمل الثقل الأدبى الكبير الذى يتمتع به داخل المشهد، وأن الجميع يتوقع منه التدخل لحل مشكلة الصراع الدائر بين عثمان ومعارضيه، والرجل لم يألُ جهداً فى ذلك، بل نصح لعثمان كثيراً، خصوصاً ما يتعلق باستبعاد بعض عناصر البطانة المحيطة به، كما رفض اتجاه المعارضين نحو حصار دار الخلافة، بل وتحكى بعض كتب التراث أنه أمر الحسن والحسين بالانضمام إلى بعض أبناء الصحابة الذين تحلَّقوا حول الدار خوفاً من انقضاض أى من الثائرين على الخليفة، وهو ما حدث فى النهاية، ليُغتال عثمان بعد 12 سنة من الجلوس على مقعد الخلافة، وبعد أن بلغ من الكبر عتياً (80 سنة).تستطيع أن تستدل على شخصية «الحسن» من هذا الموقف الأوّلى من الفتنة، الذى اتخذه وعمره لا يزيد عن 31 سنة، فقد تمتع السبط الكريم بقدرة عميقة على قراءة المشهد السياسى، وتفهّم حقيقة أن الحياد هو الموقف الأوجه والأوجب الذى يجب أن يتبناه أبوه فى صراع انقسم فيه كبار الصحابة ما بين مؤيد ومعارض للخليفة. لم يكن «الحسن» يدعو إلى الاعتزال بل إلى الحياد وانتظار ما ستسفر عنه الأحداث، كما رفض بشكل قاطع أن يتولى «على» الخلافة فى مثل هذا الظرف، ورأى أن الأمور أفلتت، وبات المسلمون يعيشون ظرف انقسام يجعل الزهد فى الخلافة هو الأوجه، حتى ولو أتت على طبق من ذهب.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الحسن» و«ظرف الانقسام» «الحسن» و«ظرف الانقسام»



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 05:07 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

مقتل وإصابة 4 جنود إسرائيليين في كمين شمالي غزة
 العرب اليوم - مقتل وإصابة 4 جنود إسرائيليين في كمين شمالي غزة

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ماذا تفعل لو كنت جوزف عون؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب ولاية جوجارات الهندية

GMT 15:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وفاة الإعلامى السورى صبحى عطرى

GMT 15:48 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"بتكوين" تقفز لأعلى مستوى فى 7 أسابيع

GMT 03:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة

GMT 03:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 24 إبريل / نيسان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab