بقلم - محمود خليل
مثّل "الحسين" خلاصة عائلته من "بني هاشم"، كما مثّل من أمر بقتله "يزيد بن معاوية" خلاصة عائلته من بني أمية. الحسين كان هاشمياً خالصاً فيه من خصال هذه العائلة، أما "يزيد" فأموي حتى النخاع تجمعت عنده سمات قومه من بني عبد شمس.
وجوهر ما ميز بني هاشم هو الدين، أما مركز اهتمام بني أمية فكان التجارة والسياسة.يقول عباس العقاد في كتابه "الحسين أبو الشهداء": "كان بنو هاشم يعملون في الرئاسة الدينية.. وبنو عبد شمس يعملون في التجارة أو الرئاسة السياسية".لست بحاجة إلى أن أحكي لك عن نسب الحسين، يكفي أن أشير إلى أنه سبط (حفيد) محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وأبوه علي بن أبي طالب، وأمه فاطمة بنت محمد، وشقيقه الحسن بن علي وشقيقته زينب.
وهو الرجل الذي انتهت عنده كل خصال النبل الأخلاقي، والسمو الروحاني، والتمسك بقيم الدين الذي تكرس عبر تاريخ النبوة، والقدوة الحسنة التي كانت تتجسد أمام أعين "الحسين" أينما ولى وجهه نحو جده أو أمه أو أبيه أو أشقائه.في شبابه رأى "الحسين" أباه وهو يعظ بأعلى درجات النبل الإنساني رجالاً أهانوا بنات كسرى بعد أسرهن في موقعة القادسية، فدافع عنهم، وقال قولته الشهيرة: "ارحموا عزيز قوم ذل"، ويقال أنه دفع ثمن عتقهن من الأسر لعمر بن الخطاب ولم يكتف بذلك بل زوج الحسين إحداهن، وهي التي أنجبت له علياً بن الحسين الناجي الوحيد من مذبحة كربلاء، ومنه جاء نسل ما يصفه "الشيعة" بالأئمة الاثنى عشرية.
أما "يزيد" فأبوه معاوية، وجده أبو سفيان بن حرب، وجدته هند بنت عتبة التي اكترت عبدها وحشي فقتل "حمزة" عم النبي وأكلت كبده، أما أمه فميسون بنت بحدل. ولم يكن أبو سفيان يرى في النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من "ملك" تمكن من رقاب العرب، وظل مهزوز الإيمان حتى بعد فتح مكة وإعلانه الإسلام، وكان النبي يؤلف قلبه بالمال، أما معاوية فداهية العرب وواحد من أكبر وأقدر ساستها، عرف كيف يتاجر بدم عثمان بن عفان خلال فترة خلافة "علي"، حتى إذا وصل إلى منصة الخلافة نسي ما تاجر به بالأمس.
وقد بويع "يزيد" بالخلافة وأبوه على قيد الحياة، والسيف فوق رقاب العباد.
كان الحسين خلاصة التربية داخل بيت النبوة الذي حمل رسالة الإسلام، فنشأ ابناً مخلصاً للإسلام، وعاش شبابه به، واستشهد في سبيله.
أما يزيد فكان خلاصة البيت الأموي الذي رأى النبوة "ملكاً"، فعاش بنظرته الدنيوية الهادفة إلى السيطرة على العرب، كما عاش بنو أمية على مدار تاريخهم، وكان ابناً مخلصاً لقيم الملك العضوض الذي أنجبه.انتهت حياة الحسين بن علي شهيداً فوق أرض كربلاء، وهو يدافع عن قيم الدين والخلافة الراشدة المستلهمة لقيم الإسلام وأخلاقياته.
أما "يزيد" فانتهت حياته بعضة قردة. وكان "يزيد" يشد القرد على فرس مسرجة بحبال ويسوق به، ويلبس القرد قلانس الذهب، وكان إذا مات القرد حزن عليه وقيل في سبب موته –كما يذهب ابن كثير- أنه حمل قردة وجعل ينقزها فعضته فمات، وذكروا عنه غير ذلك والله أعلم.