فوق التراب وتحته

فوق التراب وتحته

فوق التراب وتحته

 العرب اليوم -

فوق التراب وتحته

بقلم - د. محمود خليل

 

اندمج «سليم» في اللعبة.. لم يكن ولده «آدم» يعتبر الأمر أكثر من لعبة. قال فى البداية إن أباه بدأ يبحث عن «عظام أبيه» عندما استرد خاتم «آدم الكبير» وعكف على قراءة كتبه التى تتناول الروح وعالمها، لكن الوقت حمل إليه حقيقة ما يحدث.. لقد أعجب الأب بغرابة الموضوع وأراد أن يستثمر «ورثته» عن أبيه، فارتدى ملابسه القديمة بما تحمله من عبق وتاريخ، وجلس أمام الكاميرا وراح ينتج الفيديو تلو الآخر، يتحدث فيه بكلامه المثير حول عالم الروح وتحضير الأرواح.. دخل عليه «آدم» ذات يوم وقد انتهى من إعداد آخر فيديوهاته وقال له:

- آدم: (مبتسماً): واضح إن اللعبة عجبتك.

- الأب (ضاحكاً): ده شغل يا واد.. انت لسه تلميذ.. أنا دلوقتى أشهر معالج روحانى فى المنطقة.. والدنيا زهزهت.. والزهر لعب.

- آدم (بحزن): سبت الحقيقة ومسكت فى الوهم.

- الأب: بطّل كلام العواجيز ده يا واد.. حقيقة إيه ووهم إيه.. الحقيقة الوحيدة فى الدنيا هى الفلوس.

- آدم: حتى لو هتيجى بالتخريف؟

- الأب (ساخراً): خلاص.. الأرواح بقت تخريف؟.. الله يرحم.. ده انت من كام شهر كنت بتهوهو فى وشنا لما نقول لك كده.

- آدم: يا والدى الروح حقيقة.. والتواصل بين الأرواح حقيقة لما ربنا بيريد.. إنما الاتصال بالأرواح اللى انت بتخدع بيه الناس هو اللى تخريف.

- الأب: انت حاقد عليه يا واد؟.

- آدم (باستغراب): حاقد عليك؟!.

- الأب: أيوه.. عشان فيديوهاتى جايبة ترافيك.. وبلم بيها فلوس أد دماغك.. مش فيديوهاتك اللى محدش بيشوفها.

- آدم (بحزن): الحقيقة مالهاش سوق..

(ثم ضاحكاً): خدعتنى يا والدى كنت فاكرك بتدور على «عضم أبوك».بينه وبين نفسه كان «آدم» يعرف أن أباه يحترم ذكرى جده.. ويؤمن أن البشر جميعاً يحترمون عظام موتاهم.. توقف كثيراً أمام تلك الشخصية التى نحتها «جارثيا ماركيز» فى روايته «مائة عام من العزلة».. شخصية «ربيكا».. تلك الفتاة التى اقتحمت أسرة «جوزيه» و«أمارنتا» وهى تحمل صندوقاً يحوى عظام أبيها وأمها، بعد أن قررت الهجرة من مسقط رأسها إلى أرض جديدة، فأصرت على حمل عظام راحليها معها.. فكيف تعيش فى وطن لا يستقر عظام أبيها وأمها فى ترابه؟.

المسألة لم تكن فى العظم فى ذاته بل فى رمزيته.. إنه تعلق بالأرواح التى ذهبت واستقرت تحت التراب من جانب روح لم تزل تسعى فوقه.

عظام الأب والأم المستقرة فى الصندوق الذى دخلت به «ربيكا» إلى قرية «ماكوندو» حمل معنى خاصاً لم تكن تفهمه إلا تلك الأعجمية التى كان لها عادات غريبة فى الطعام والشراب والحديث، فبدت غريبة بينهم، لكنهم توحدوا معها وتوحدت معهم فى الولاء لعظام الأجداد.

لقد فهم آدم الجملة التى كتبها جده فى أحد كتبه وقال فيها: «إن الجسد كساء مؤقت فلا تكترث الروح به أكثر من اكتراث السجين بسلاسله».. إنها مسألة تتعلق بالشعوب القديمة التى تفوز فيها الروح على الجسد، والموت على الحياة، والآخرة على الأولى.

نظر فى المرآة ثم تخيل نفسه وهو يدخل بيته حاملاً صندوق جده لأول مرة، فوجد فيها «ربيكا» وهى تدخل «ماكوندو» لأول مرة حاملة صندوقاً يحتضن عظام أمها وأبيها.

اكتشف «آدم» روحه فى «العزل».. مثلما اكتشفت «ربيكا» روحها فى «العزلة».

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فوق التراب وتحته فوق التراب وتحته



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
 العرب اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 06:36 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
 العرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 06:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
 العرب اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 20:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 02:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

النيران تلتهم خيام النازحين في المواصي بقطاع غزة

GMT 17:23 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنتر ميلان الإيطالي يناقش تمديد عقد سيموني إنزاجي

GMT 16:59 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يتوعد الحوثيين بالتحرّك ضدهم بقوة وتصميم

GMT 17:11 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة الجزائري يوقف حكمين بشكل فوري بسبب خطأ جسيم

GMT 02:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 10 ركاب وإصابة 12 في تحطم طائرة في البرازيل

GMT 06:45 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

انفجار قوي يضرب قاعدة عسكرية في كوريا الجنوبية

GMT 17:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

.. قتلى في اصطدام مروحية بمبنى مستشفى في تركيا

GMT 11:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab