وكر الموظفين

وكر الموظفين

وكر الموظفين

 العرب اليوم -

وكر الموظفين

بقلم - محمود خليل

اجتمع عدد من الموظفين ليبحثوا حال زميلهم "فتحي أنيس" الذي يشحت السجاير من عملاء المؤسسة، ويستلف من زملائه ثمن ساندوتش الفول الذي يفطر به. قرروا عد تركه هكذا، عطفاً عليه من ناحية، وحماية لسمعتهم كفريق عمل يعد "فتحي" عضواً فيه، من ناحية أخرى.

فكر أحدهم بعمق ثم اقترح الحل: "ألحقوه بوظيفة يمكن أن تدر عليه رشوة!"، تلقف أعضاء الفريق الاقتراح بنوع من الترحيب السخرية أيضاً، ولكن سرعان ما نحّوه جانباً لأن "فتحي" لا يمتلك مؤهلاً يمنحه فرصة عمل في المستخدمين أو الحسابات أو المخازن أو المشتريات.

المخازن والمشتريات وخلافه تعد من "المواقع المقرشة" الغنية بالمنافع لأصحاب الضمائر المطاطية والذمم الستريتش.

وهي مواقع بعرفها الراسخون في علم الوظيفة في مصر منذ أن دخلت العصر الحديث للوظيفة، أيام محمد علي باشا الكبير وما بعدها. وهي الفكرة التي استدعاها نجيب محفوظ في رواية "المرايا" وهو يرسم شخصية "فتحي أنيس".

فمن طرف خفي وفي سياق كوميدي لطيف أشار إلى الكيفية التي تتحول به بعض بيوت الوظيفة إلى وكر يجمع مجموعة من المنتفعين وليس النافعين للناس، ويصبح جل همهم نفع بعضهم البعض، وتمرير المصالح إلى بعضهم البعض، فيما يشبه الوكر.

أراد أعضاء وكر الموظفين حل مشكلة "فتحي أنيس" على حساب "صاحب المحل" ففكروا في تعيينه في أحد المواقع الوظيفية التي تتوافر بها رشاوى أو مساحات للنهب، وأبرزها المشتريات والمخازن، لكن حال دن ذلك عدم حصوله على شهادة، وكأن نجيب محفوظ أراد أن يقول أن الفساد في بلادنا أحياناً ما يكون بـ"شهادة".

لكنه من ناحية أخرى بيّن لقارئه عبر شخصية "فتحي أنيس" أن الدنيا في بلادنا ليست شهادات وفقط، بل قد تكون حظاً أيضاً، بل إن أثر الحظ في إنعاش الحياة يتفوق في اغلب الأحيان على "الفساد بشهادة"، وقد كان "نجيب" يتحدث عن الشهادة في زمن تمتعت فيه ببعض القيمة.

فريق الموظفين الذين كان يسعى بالأمس لحل مشكلة المسكين "فتحي أنيس" بات أكثر اقتناعاً بدور الحظ في الحياة، لما وجد "فتحي" يدخل عليهم ذات يوم معرشاً ومكرشاً، وكل ما فيه وما عليه ينطق بالنعمة.

وكان السر في ذلك "زيجة" تزوجها، باع فيها شبابه لأرملة عجوز، ماتت عقب الاحتفال بالزواج بوقت قصير، وتركت له ثروة عريضة، أخذ ينعم بها، ولم يستطع أن يخفي فرحته بالتحول "الحظي" الذي أصابه، رغم مضي أيام قليلة على وفاة ربيبة نعمته.

عاش فتحي أنيس أطول مما عاش مغبطوه أو حاسدوه داخل وكر الموظفين الذي كان يعمل فيه، واستمتع بحياته أكثر وأكثر، رغم ما سادها من بوهيمية، وانتهت به الحال إلى إقامة علاقة بفتاة إيطالية فاتنة، وهو التحول الذي أرهق أعصاب فريق الموظفين أكثر، خصوصاً وأن الرجل كان قد بلغ الـ66 من عمره، فازاداد مغبطوه غبطة وحاسدوه حسداً له.ويختتم نجيب محفوظ حدوتة فتحي أنيس متسائلاً: "فهل سمعت عن عاشق في مثل هذه السن؟".. ولكنه الحظ.. ألف ليلة وليلة، وكل ما عداه باطل.

arabstoday

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وكر الموظفين وكر الموظفين



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:38 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
 العرب اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 14:00 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
 العرب اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة  بالروسي

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 15:07 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

كاف يعلن موعد قرعة بطولة أمم أفريقيا للمحليين

GMT 19:03 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيروس جديد ينتشر في الصين وتحذيرات من حدوث جائحة أخرى

GMT 13:20 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

برشلونة يستهدف ضم سون نجم توتنهام بالمجان

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 08:18 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مي عمر تكشف عن مصير فيلمها مع عمرو سعد

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 09:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

الصحة العالمية تؤكد أن 7 ٪ من سكان غزة شهداء ومصابين

GMT 08:54 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

محمد هنيدي يكشف مصير مشاركته في رمضان

GMT 23:13 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 5.5 درجة على مقياس ريختر يضرب مدينة "ريز" في إيران

GMT 08:44 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

بشرى تكشف أولى مفاجآتها في العام الجديد

GMT 09:35 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

شهداء وجرحى في قصف متواصل على قطاع غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab