«لا تعايرني ولا أعايرك»

«لا تعايرني ولا أعايرك»

«لا تعايرني ولا أعايرك»

 العرب اليوم -

«لا تعايرني ولا أعايرك»

بقلم - محمود خليل

فى اللحظة التى جلس فيها «محمد على» على سرير ولاية مصر كانت تخايله صورة الضرس المملوكى الكبير محمد بك الألفى، فقد كان يدرك أن الأخير يخطط للإطاحة به والجلوس مكانه، ويرى نفسه أولى بالملك من ذلك اليونانى المغامر، الذى صعد إلى الحكم بسبب سذاجة المشايخ، وبعض الزعماء الشعبيين الذين انخدعوا به.

فى الوقت الذى أصبح فيه «محمد على» والياً شرعياً على مصر، ويسيطر بشكل كامل على القاهرة، كان «الألفى» يسيطر على الكثير من المناطق المحيطة بالجيزة، ويتحرك فيها بحرية كاملة، ويقطع بذلك جنوب مصر عن شمالها، أو قبليها عن بحريها.

وقد تحرك أوائل عام 1806 إلى ناحية كرداسة، وانتشرت عساكره وعربانه بإقليم الجيزة، وأرسل خطاباً إلى عمر مكرم والمشايخ، حدد فيه هدفه من هذا التحرك فى الحصول على القوت والمعاش، وختمه بعبارة: «ونرجو من مراحم أفندينا بشفاعتكم أن ينعم علينا بما نتعيش به كما رجونا منه فى السابق».

أدرك محمد على أن «الألفى» يلين فى القول على سبيل الحيلة، فأراد هو الآخر الاحتيال عليه، فرد عليه بأنه وعساكره يعتدون على أهالى القرى ويفرضون عليهم المغارم، وأنهم يجب أن يتوقفوا عن ذلك أولاً حتى تكون هناك فرصة للتفاوض. وأمام هذا الرد تحركت عساكر المماليك بأعداد كثيفة إلى «إمبابة» ونشبت بينهم وبين عساكر محمد على معركة طاحنة، كانت الكسرة فيها على عساكر الوالى.

بعدها أرسل «الألفى» رسالة جديدة إلى محمد على قال له فيها: «إننا أرسلنا لكم نرجو منكم أن تسعوا بيننا بما فيه الراحة لنا ولكم، وللفقراء، والمساكين، وأهالى القرى، فأجبتمونا بأننا نتعدى على القرى، ونطلب المغارم، والحال أنه والله العظيم ونبيه الكريم، أن هذا الأمر لم يكن على قصدنا ومرادنا مطلقاً، وإنما الموجب لحضورنا إلى هذا الطرف ضيق الحال والمقتضى للجمعية التى نصحبها من العربان وغيرهم، وإرسال التجاريد والعساكر من الأقطار الرومية والمصرية لمحاربتنا وقتالنا، وهم كذلك ينهبون البلاد والعباد للإنفاق عليهم».

لقد رد الألفى على محمد على بالمثل المصرى الذى يقول: «لا تعايرنى ولا أعايرك.. والهم طايلنى وطايلك». فمحمد على الذى كان يلوم «الألفى» على نهب أهالى القرى، وسرقة غلالهم ومواشيهم، وفرض الضرائب عليهم، كان يفعل مثل ذلك وأكثر. ولم يكن له أمام هذا الرد الموجع إلا أن يستجيب ويبعث برسالة إلى الألفى بتخصيص إقليم الجيزة له ولعساكره.

أخذ «محمد على» يجمع عساكره، وفرض على الأهالى ضرائب ضخمة حتى يوفر لهم رواتبهم، وانطلقت الإشاعات فى القاهرة تقول إن الباشا قرر الخروج على رأس قوة كبيرة للقضاء على «الألفى»، وإن النقيب عمر مكرم سينوب عنه فى الحكم مدة غيابه، وإن الأخير رفض ذلك، ولم يكن الأمر أكثر من إشاعة، أو محاولة من محاولات الخداع الاستراتيجى فى المعركة ما بين الوالى والأمير.

فوجئ محمد على بعد ذلك برسائل تأتى من الإسكندرية تقول بوصول وفد من الإنجليز والدولة العلية برسالة تم تسليمها إلى محمد بك الألفى، وفيها أن السلطان عفا عن أمراء المماليك بشفاعة الإنجليز، وهو ما كذَّبه محمد على، واتهم من يروجه بالجنون.

ثم كانت المفاجأة الكبرى بوصول فرمان عثمانى رسمى بفصل محمد على من ولاية مصر، على أن يصبح والياً على «سالونيك»، وتولية موسى باشا مكانه، وقد وصل هذا الخبر أول ما وصل إلى «الألفى» وكان حينها فى البحيرة، فأرسل السعاة به إلى القاهرة، فما كان من محمد على إلا أن قبض عليهم جميعاً، وأشاع أن الرسائل التى وصلت تقول بتثبيته فى منصبه، لكنه صارح المشايخ وحدهم بالحقيقة، وطلب منهم المعونة، فعاونوه، وأرسلوا للسلطان رسالة يؤكدون فيها عدم قدرتهم على التعهد بضمان المماليك، ويرجونه فيها الإبقاء على محمد على والياً على مصر.وأثناء ذلك أخذ محمد على يعد العدة لقتال «الألفى».

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«لا تعايرني ولا أعايرك» «لا تعايرني ولا أعايرك»



جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - سوسن بدر تتحدث عن حبها الأول وتجربتها المؤثرة مع والدتها

GMT 19:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

نابولي يعزز صدارته للدوري الإيطالي بثلاثية ضد كومو

GMT 13:54 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دعوى قضائية تتهم تيك توك بانتهاك قانون الأطفال فى أمريكا

GMT 14:19 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يتجه لتحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ أكتوبر 2022

GMT 13:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع حصيلة قتلى إعصار هيلين بأمريكا إلى 215 شخصا

GMT 15:57 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

اختفاء ناقلات نفط إيرانية وسط مخاوف من هجوم إسرائيلي

GMT 06:22 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الوزير السامي

GMT 10:04 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مصرع 4 وإصابة 700 آخرين بسبب إعصار كراثون في تايوان

GMT 09:20 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف

GMT 13:50 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن غياب موسيالا بسبب معاناته من الإصابة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab