آلام «النبي»

آلام «النبي»

آلام «النبي»

 العرب اليوم -

آلام «النبي»

بقلم - محمود خليل

صوَّر القرآن الكريم النبى كإنسان يعيش فى كنف الله، تمضى حياته من أقدار الله إلى أقدار الله: «قُلْ إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ». إنها الحقيقة الإنسانية الكبرى التى مهما يشرد أو يضل الإنسان عنها فإنه يدركها فى ختام الأمر، حقيقة أننا نحيا الحياة بمشيئة خالق الحياة ونتركها بقدره. فليتمرد الإنسان ما شاء له هواه، لكنه سيسجد للحق فى النهاية. حياة محمد، صلى الله عليه وسلم، كانت تمثل ترجمة أمينة لهذه الحقيقة: «قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِى نَفْعاً وَلَا ضَرَّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ».

من هذا المنظور تحرك النبى خلال رحلته الدعوية، يتفهم أن مهمته فى الحياة هى البلاغ: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَالله يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ الله لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ»، ويستوعب أن الهدى هدى الله: «مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيَّاً مُّرْشِداً». فى لحظات كان النبى يشعر بالأسى وهو يحاول الارتقاء بمن حوله، فى وقت يأبون فيه ذلك ويرضون بالخلود إلى الأرض والانغماس فى أردأ قيم الحياة.

شعور النبى، صلى الله عليه وسلم، بالأسى على أصحاب النفوس الضالة يجد تفسيره فيما تمتع به من رحمة وعطف على البشر، عذابات النبى كانت كبيرة على كل نفس لا يستطيع أن يصل إليها برسالة التوحيد، يكاد الأسف على عدم توفيق الله له فى مهمته أن يهلكه: «فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفَاً»، وتكاد الحسرة أن تدمى قلبه وهو يرى عزوف أهل الأرض عن السماء إلى حد أن يصدر له توجيه إلهى ينهاه عن الحسرة: «فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ» أو الأسى: «فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ» على من شاء له هواه الضلال.

عامل مشركو مكة النبى بالكراهية والتسفيه، واتهموه بكل نقيصة، وكان يرد عليهم بابتسامة رحمة ودعاء لربه بأن يهديهم سواء السبيل.

سمع من يرميه بالشعر والكهانة والجنون، هزأوا به، حاولوا قتله، لكن عين الله الساهرة حفظته بحفظه، هاجر إلى أرض جديدة بحثاً عن إنسان جديد يحمل معه الرسالة، وحين عاد إلى من طردوه، صرخ أحد أصحابه: «اليوم يوم الملحمة»، فاستوقفه النبى قائلاً: «بل اليوم يوم المرحمة»، فالإنسان الذى يعيش فى كنف الله لا يعرف الثأر لنفسه، ولا يغضب من أجل نفسه، وكذلك كان النبى، فصفح عن كل من اتهمه أو استهزأ به أو أساء إليه، احتضن النبى الجميع وشملهم بعطفه.

لم يكره النبى أحداً، لأنه ببساطة كان إنساناً مكتمل الإنسانية، عرف منذ البداية أن طريقه إلى الله يمر بتمهيد سبل الهداية للإنسان، وأن الرحمة بالبشر هى الطريق الأقصر للهداية، والدعاء لمن أبى عليه هواه الهدى هو الطريق الأحكم لمن فهم الدنيا. فالحياة خط متصل وقلوب العباد بين إصبعى الرحمن يقلبها كيف يشاء. وليس أدل على ذلك من أن خالد بن الوليد الذى قاد المكيين وانتصر بهم على المسلمين فى معركة أحد، هو من خاض فيما بعد الملاحم دفاعاً عن الإسلام.

 

 

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آلام «النبي» آلام «النبي»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!

GMT 11:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab