طريق «الحسين» إلى «الكوفة»

طريق «الحسين» إلى «الكوفة»

طريق «الحسين» إلى «الكوفة»

 العرب اليوم -

طريق «الحسين» إلى «الكوفة»

بقلم - محمود خليل

تحرك حفيد النبى، صلى الله عليه وسلم، بأهله ونسائه من مكة واتجه صوب الكوفة.فى الطريق لقيه الفرزدق (الشاعر) فسلّم عليه، ودعا له، قائلاً: «أعطاك الله سؤلك وأملك فى ما تحب»، فسأله الحسين عن أمر الناس وما وراءه، فقال له: «قلوب الناس معك وسيوفهم مع بنى أمية، والقضاء ينزل من السماء، والله يفعل ما يشاء».

فقال له: «صدقت. لله الأمر من قبل ومن بعد، يفعل ما يشاء، وكل يوم ربنا فى شأن، إن نزل القضاء بما نحب فنحمد الله على نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء، فلم يتعد من كان الحق نيته والتقوى سريرته».

تروى كتب التاريخ عن الكثير من الشخصيات التى لقيها الحسين فى طريقه إلى «الكوفة» ونصحته بالرجوع، وحاولت إثناءه عن رحلته تلك، ومن بين هؤلاء عدد من كبار أبناء الصحابة، على رأسهم «ابن عباس» و«أبوسعيد الخدرى».

ويشير صاحب «البداية والنهاية» إلى أن «الحسين» بدأ يتشكّك فى ما عزم عليه، وبدأ قراره فى التأرجح بين المكوث والخروج إلى العراق، وهو -فى تقديرى- قول لا ينهض أمام التحليل الموضوعى، خصوصاً إذا أخذنا فى الاعتبار أن «الحسين» سبق ولام أخاه «الحسن» على التنازل عن الخلافة، وكان ينصحه بقتال «معاوية».

وفى ظنى أن أكثر كتاب التاريخ حاولوا لىّ عنق مواقف كبار الصحابة وأبنائهم من مسألة خروج «الحسين» ضد «يزيد»، من أجل تخطئة موقفه، حتى يقللوا من حجم الحدث الجلل الذى وقع فى كربلاء، حين أُعمل السيف فى الحسين وأهل بيت النبى، صلى الله عليه وسلم.

والأرجح أن هؤلاء الكبار لم يمتلكوا الروح الثورية التى امتلكها «الحسين»، وغلبت عليهم الحسابات السياسية، رغم رفضهم الشديد لدولة الملك العضوض التى بدأت أولى ثمارها بتولية يزيد بن معاوية الحكم، ليخرج المسلمون من دائرة «الفتنة الكبرى» إلى دائرة «المحنة الكبرى».

وبمقاييس المُلك وحسابات السياسة، يرى الكثير من المؤرخين والكتاب أن «الحسين» أخطأ بخروجه لمجابهة يزيد بن معاوية، فى قلة من أشياعه وأنصاره، انسياقاً وراء حسابات غير دقيقة بأن أهل العراق ناصروه، وهى وجهة نظر لا تخلو من وجاهة، إذا كان «الحسين» قد فكر من هذا المنظور، لكن المسألة تبدو مختلفة جد الاختلاف، إذا راجعنا مشهد «الثورة الحسينية» جيداً، والتى خرج صاحبها مدفوعاً بحسابات الدين، وليس السياسة، وبقيم النبوة، وليس بقيم الملك.

أصحاب الحسابات السياسية لهم وجهة نظر مدارها الحرص على استقرار الأوضاع القائمة، وعدم المراهنة على هتافات البشر، فما أسرع ما تذوب هذه الهتافات حين تجد نفسها وجهاً لوجه أمام القوة الباطشة، وهى وجهة نظر تهمل أن الاستقرار قيمة مؤقتة، إذا تواصل أثرها فى الواقع أدّت به حتماً إلى الركود والتعفّن بالفساد، أما الشخصية المدفوعة بالحلم ويحركها البحث والدفاع عن المُثل العليا، فقد يؤدى عملها إلى إرباك الأوضاع، وقد يسهل على القوى المسيطرة القضاء عليها بحكم واحديتها، لأن المجموع يتخلى عنها دائماً فى اللحظة الأخيرة، إيثاراً للسلامة، لكن يبقى أنها الأكثر قدرة على تغيير مسارات التاريخ، وقلقلة الساكن، وتحريك الماء الراكد، ويظل حلمها هائماً من جيل إلى جيل حتى يصل إلى لحظة تحقيق.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طريق «الحسين» إلى «الكوفة» طريق «الحسين» إلى «الكوفة»



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام
 العرب اليوم - أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab