«الفلاح الفصيح»

«الفلاح الفصيح»

«الفلاح الفصيح»

 العرب اليوم -

«الفلاح الفصيح»

بقلم: د. محمود خليل

قبل حركة يوليو 1952 كان الكل يُجمع على أن الفلاح الذى عاش على شاطئ النيل هو أبوالمصريين، وما أكثر ما كانت تشيد به الأغانى وتحتفى بمآثره ودور القرية فى إطعام المدينة، وتغنى فى عيد حصاد القمح (القمح الليلة ليلة عيده)، وحصاد الليمون (آه يا لمونى). ورغم كل هذه الدغدغات الشعارية -وهى بالمناسبة استمرت أيضاً لما بعد العام 1952- كانت طبقة الحكم (التركية الجركسية) تنظر إليه باستعلاء، وجوهر استيعاب الفلاح المصرى لذلك ارتبط بعمق حكمته فى النظر إلى الحياة التى جعلها الله دار كبَد، وقد تعلّم من طول ما عانى أن يقابل القهر أو الغصب بالرضا، وإن فاض به الكيل شكا، تماماً مثلما فعل جده الأول «الفلاح الفصيح» فى العصر الفرعونى.قامت حركة يوليو على أيدى مجموعة من أبناء الريف المصرى. عبدالناصر وُلد ونشأ فى قرية «بنى مر» بأسيوط. وقرية ميت «أبوالكوم» بالمنوفية مسقط رأس «السادات»، وقرية «أسطال» مركز سمالوط بمحافظة المنيا مسقط رأس عبدالحكيم عامر، وقس على ذلك. وقد مثلت خطوتهم نحو السيطرة على الحكم استكمالاً لمسيرة طويلة بدأت مع الزعيم أحمد عرابى ابن قرية «هرية رزنة» بالشرقية، وتواصلت -وإن كان بشكل مختلف- مع سعد باشا زغلول ابن قرية «إبيانة» بكفر الشيخ، سعى فيها فلاحو مصر إلى إثبات وجودهم أمام طبقة الحكم المتعالية عليهم، وبعد أن تمكنوا من الوجود بداخلها، كما فعل عرابى، ثم سعد باشا، استطاعوا أن يسيطروا على السلطة كاملة مع فجر 23 يوليو 1952.تفاءل أغلب الفلاحين المصريين بحركة الضباط وتعشموا فيها خيراً، وكانوا أول من تغنوا بالوثبة التى مكَّنت المصريين من حكم أنفسهم عبر مصرى مثلهم، وليس تركياً أو جركسياً أو يونانياً، وكانت الحركة عند حسن ظنهم، فأصدرت قانون الإصلاح الزراعى واستولت على أراضى مَن وصفتهم بـ«الإقطاعيين»، ووزعتها على الفلاحين.العجيب أن الحركة، التى تحول مسماها بعد ذلك إلى ثورة، وزعت الأرض على الفلاحين تحت قانون عنوانه «الإصلاح الزراعى»، وبعد ذلك بسنوات تبنت رؤية عجيبة بدأت تبثها عبر أجهزة الإعلام والتعليم تغرس فى الأجيال الجديدة والقديمة موضوعة تقول إن «الزراعة» فكرة استعمارية، وإن المحتل هو الذى أراد أن يجعل من مصر دولة زراعية ليحولها إلى مصدر للمواد الخام الزراعية، ويستعملها بعد ذلك كسوق يبيع فيه منتجاته، وإن طبقة الحكم الجديدة ستجعل من مصر دولة صناعية، كجزء من صراعها مع الاستعمار.طبعاً الأجيال الجديدة التى نشأت فى حضن الثورة وشعاراتها تأثرت بفكرة التحول الصناعى، وبحالة الريبة التى نسجها الخطاب الإعلامى والتعليمى حول الزراعة كعصب للاقتصاد المصرى، وأنها تعكس خطاباً استعمارياً. يكفى فى هذا السياق أن نتأمل مستويات الإقبال على كليات الزراعة طيلة العقود الماضية، وحتى الآن، فـ«الرزاعة» تقبل من مجموع أقل من غيرها، وقد قرأت عدة تحقيقات مع طلاب رفضوا الالتحاق بها من منظور أنها واحدة من كليات «البُلده».لقد تحول أمر التوجه نحو الزراعة من «إرادة مستعمر» إلى «مُستعمرة البُلده»!.. ومؤكد أن الكلية العظيمة لا تستحق هذا الوصف.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الفلاح الفصيح» «الفلاح الفصيح»



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 04:47 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 25 إبريل / نيسان 2025

GMT 17:02 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

صعود طفيف لأسعار النفط بعد انخفاض 2%

GMT 10:33 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي

GMT 08:58 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

هزتان ارضيتان تضربان تركيا بقوة 4.5 و4.6 درجات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab