«العربية» والتحول الخطير

«العربية».. والتحول الخطير

«العربية».. والتحول الخطير

 العرب اليوم -

«العربية» والتحول الخطير

بقلم: د. محمود خليل

جرى فى نهر اللغة العربية الخالد ماء كثير مع اقتحام التكنولوجيا وتحولها من مجرد مجموعة أدوات تيسر الحياة، إلى الحياة نفسها.

حدث ذلك بعد دخول الإنترنت إلى عالم المصريين أواخر القرن الماضى، ثم أعقبه دخول الموبايل الذكى المتصل بالإنترنت إلى الحياة فقلبها رأساً على عقب وبات هو الحياة نفسها، ولعلك تلاحظ الأجيال الجديدة التى تعيش على وجه التقريب داخل الموبايل، وتمارس كل أنشطتها الحياتية من خلاله، بدءاً من الصداقة، ومروراً بالتعليم، وانتهاءً بالعمل.

ساهمت التكنولوجيا فى إحداث انقلاب خطير فى حياة اللغة العربية، منذ أن أصبحت لغة الشارع المصرى بعد عدة قرون من الفتح العربى.

جوهر هذا الانقلاب تعلق باستخدام الحروف اللاتينية فى الكتابة العربية.

وهو أسلوب أصبح له مصطلح علمى يعبِّر عنه هو مصطلح «أرابيزى»، أى العربية التى تستخدم الحروف الإنجليزية فى الكتابة، بدلاً من الحروف العربية.

هذا الأسلوب فى الكتابة يستخدمه كل الأجيال المعاصرة من الشباب داخل جميع المجتمعات العربية، وليس داخل المجتمع المصرى وحده، تحت زعم أنهم لا يواجهون فيها ما يواجهون من صعوبات تتعلق باللغة العربية.

فى البداية كان الشباب يستخدمون هذا الأسلوب بحثاً عن طريقة سرية فى التعبير لا يفهمها الكبار، ثم أصبح بمرور الوقت لغتهم المعتمدة. ولم يكتف أصحاب هذا الأسلوب بذلك، بل أضافوا إليه المفردات الأجنبية الصريحة والمفردات المعرَّبة كجزء من أدواتهم التعبيرية.

ولكى تعلم خطورة هذا الانقلاب، فيكفى أن أقول لك إن تاريخ «العربية» شهد محاولات عديدة لإحلال الحروف اللاتينية محل الحروف العربية فى الكتابة، وكان الغرض من ذلك تجاوز عقبة التشكيل التى لا بد أن تتوافر فى المفردة العربية حتى يستطيع القارئ الوقوف على دلالتها الدقيقة أو الحقيقية.

على سبيل المثال تحديد دلالة كلمة «لعب» على الفعل أو على الاسم (جمع لعبة) أساسه تشكيل الكلمة. وهذه المشكلة يمكن تجاوزها إذا تم كتابة المفردة بالأحرف اللاتينية، لأن الصياغة هنا ستختلف فى الحالتين بشكل يصيب الدلالة المطلوبة من أقصر الطرق.

عام 1943 عرض عبدالعزيز باشا فهمى مقترحاً على مجمع اللغة العربية بالقاهرة بإحلال الحروف اللاتينية محل العربية كوسيلة للتغلب على الصعوبات المرتبطة بنطق المفردات العربية، وجوبه هذا المقترح بالرفض الكامل، وكيلت الاتهامات لصاحبه، وكان أبسطها العمل لحساب المستعمر والاستعمار.

وظلت الحال كذلك حتى جاء جيل الإنترنت لينفذ المقترح بقدر أعلى من الترخُّص، إذ لم تعد الكتابة العربية بالأحرف اللاتينية وفقط، بل وبالأرقام والمفردات الأجنبية أيضاً.إنها قوة التكنولوجيا وخطرها فى آن واحد.

فأية فكرة لا يوجد لها شفيع تكنولوجى يصعب أن تصبح جزءاً من الواقع، لا بد فى البداية أن تتوافر الأدوات التكنولوجية وبعدها تصبح الفكرة أمراً واقعاً. وذلك ما حدث بالضبط مع مسألة إحلال الحروف اللاتينية فى الكتابة العربية، فقد باتت جزءاً من الحياة بعد أن قهرت التكنولوجيا الواقع عليها.

التكنولوجيا هى الأقدر دائماً على التجديد، كذلك تؤكد التجرية.

أما جانب الخطر فيتمثل فى أجيال جديدة، سوف تنسى الحروف العربية بمرور الوقت، لأنك إذا جمعت تأثير التكنولوجيا الجديدة، على أساليب التعليم المعاصرة المعتمدة على التكنولوجيا والتى لا تحضر فيها اللغة كتابة إلا قليلاً (امتحانات البابل شيت تعتمد على الإجابة بالكليك)، مع ضعف الاهتمام بتعليم اللغة العربية وأولوية تعلُّم اللغات الأجنبية عليها، فلك أن تتوقع أجيالاً معزولة كل العزلة عن تراثها المكتوب والمنقول بالحروف العربية، وعلى رأسها كتاب الله الكريم.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«العربية» والتحول الخطير «العربية» والتحول الخطير



نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:10 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

حكيم يرد على شائعة القبض عليه في الإمارات بفيديو من مصر
 العرب اليوم - حكيم يرد على شائعة القبض عليه في الإمارات بفيديو من مصر

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

بشكتاش يواصل انتصاراته فى الدوري الأوروبي بفوز صعب ضد مالمو

GMT 15:13 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع سعر البيتكوين لـ75 ألف دولار

GMT 16:36 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إيمان خليف تظهر في فيديو دعائي لترامب

GMT 12:58 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

منى زكي تكشف عن تحديات حياتها الفنية ودور عائلتها في دعمها

GMT 15:12 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق أول قمر اصطناعي مطور من طلاب جامعيين من الصين وروسيا

GMT 17:41 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يتسبب فى وقف منصات النفط والغاز فى أمريكا

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف عبدالباقي يردّ على أخبار منافسته مع تامر حسني

GMT 14:28 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يمر عبر جزر كايمان وتوقعات بوصوله إلى غرب كوبا

GMT 14:30 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف حركة الطيران في مطار بن جوريون عقب سقوط صاروخ

GMT 14:43 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

كندة علوش تعود إلى الدراما بمسلسل ناقص ضلع فى رمضان 2025

GMT 20:13 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات الأحزمة الفاخرة لإضافة لمسة جمالية على مظهرك

GMT 00:38 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab