الستر وعيشة الأعيان

الستر.. وعيشة الأعيان

الستر.. وعيشة الأعيان

 العرب اليوم -

الستر وعيشة الأعيان

محمود خليل
بقلم - محمود خليل

يعيش «الحرافيش» من البسطاء بالأمل فى حياة يجللها الستر، بعضهم ينتعش فى حالات الفوضى، ويجد فيها مرتعاً وخماً، وبعضهم الآخر يطمح إلى الصعود نحو منصات الأعيان ليعيش عيشة الكبراء، لكن الغالبية لا تطمح إلا للستر، وترضى بأبسط الأشياء، وتحمد ربها مانح الخير، وتدعو لمن أعطاها وجعله الخالق سبباً فى رضاها، تعرف مبلغ ضعفها وعندما تظلها يد قوية بحمايتها ترفعها فوق الأكتاف، وتدفع بها إلى أعلى عليين، ولو تنكرت لها هذه اليد بعد ذلك فإنها لا تحزن ولا تندم، لا لشىء إلا لأنها تعلم أن التنكر سمة من سمات المتحولين الذين بدأوا مغازلة الحرافيش بالقوة النبيلة، حتى إذا صعدوا إلى ما يريدون تبدل حالهم واتجهوا إلى لعبة «القوة الغشومة».

تلخص رحلة «سليمان الناجى» حفيد عاشور الكبير -القصة الثالثة من ملحمة الحرافيش- عملية التحول تلك التى وقعت لأحد حرافيش الحارة. أعده أبوه «شمس الدين» لاستكمال الرحلة، ونجح فى البدايات، وسار على درب جده القوى النبيل، لكن سرعان ما انقلب على عقبيه، وتاق إلى عيشة الأعيان، انضم إلى كبرى عائلات الحارة «عائلة السمرى» وتزوج من «سنية السمرى»، وأنجب منها ذكرين، وأنشأ بمال العائلة وكالة كبيرة، وأصبح من وجهاء الحارة.

عبر البوابة التى طرق عليها «سليمان» ليخرج من جلده الحرفوشى ويحقق طموحه بالانضمام إلى «أعيان الحارة» كان مقتله. فالفتونة والوجاهة لا تجتمعان. والفتوة الذى يسير فى اتجاه العيش الفاخر يقضى على نفسه، فالشرارة المقدسة المشتعلة بالقوة النبيلة تخبو فتخور قوة الساعد ويترنح الجسد القوى تحت وطأة النعيم. وذلك ما حدث لسليمان حين انتشرت فضائحه وفضائح بيته فى الحارة فبدأ الحرافيش يترحمون على عهد عاشور الناجى، وبداوا يتضجرون ويتجمعون مطالبين بحقوقهم، حاول «سليمان» رشوتهم، كما تعود منذ أن أصبح تاجراً، لكن ذلك لم يخفض من منسوب الغضب العام.

نشر نجيب محفوظ رواية الحرافيش عام 1977، وهو عام شديد الدلالة فى حياة البسطاء من أهل بلادنا حينذاك. فهل يمكن الارتكان إلى سياق حقبة السبعينات والقول بأن نجيب محفوظ كان متأثراً بتجربة الرئيس الراحل أنور السادات وهو يرسم شخصية «سليمان الناجى»؟.

بدأ السادات رحلته فى الحكم معلناً ولاءه الكامل لمبادئ عبدالناصر والمفاهيم التى بنى على أساسها علاقته بالبسطاء من عمال مصر وفلاحيها، خاض الحرب وانتصر، وبدأ يدشن لشرعية جديدة، وسمات مجتمع جديد، ظهر ميله إلى طبقة رجال الأعمال من أهل مصر، وتشابك معهم فى علاقات شديدة التركيب، ومنحهم فرصاً كبيرة للتمدد داخل المجتمع، وبمرور الوقت ضاقت فرص الحياة أمام البسطاء من حرافيش مصر، واتسعت المساحة أمام القطط السمان. ولا أجدنى بحاجة إلى تذكيرك بالأحداث التى عبَّر فيها حرافيش المحروسة عن غضبهم من التحولات الجديدة التى طرأت على المجتمع.

إنه خطأ انصياع الذات لرغبات أكبر من إمكانياتها أو قدراتها، وشغفها بما فى أيدى غيرها، وعدم الرضا بالواقع، حتى ولو كان «حرفوشياً»

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الستر وعيشة الأعيان الستر وعيشة الأعيان



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:50 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أزمات قانونية تنتظر عمرو دياب في العام الجديد
 العرب اليوم - أزمات قانونية تنتظر عمرو دياب في العام الجديد

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab