سيدنا الشيخ

سيدنا الشيخ

سيدنا الشيخ

 العرب اليوم -

سيدنا الشيخ

بقلم: د. محمود خليل

يتمتع البعض بأساليب محترفة خاصة فى الكذب على الآخرين، ومن فرط الكفاءة فى الأداء والقدرة على الفهلوة قد تتحول الكذبة فى لحظة ما إلى حقيقة متفق عليها.بإمكانك أن تستخلص هذا المعنى بسهولة من القصة التى حكاها «إدوارد لين» فى كتابه «عادات المصريين المحدثين وتقاليدهم»، ويتناول فى بدايتها قدرات المعلمين ومهاراتهم منتصف القرن التاسع عشر، ويصفها بالتواضع، إلى حد أن بعضهم لم يكن يجيد القراءة والكتابة، ومع ذلك يتصدى لتعليم الصبية داخل الكتاتيب، كما كان بطل قصتنا.

بطل القصة شيخ معمم امتلك مهارة وحيدة، هى القدرة على الحفظ، مكنته من حفظ الكثير من سور القرآن الكريم، كثيراً ما كان يرددها فى جلساته مع غيره من أهالى منطقته، فقدّروه ووقّروه، ودفعوا بأبنائهم إلى «كتّابه» ليقوم بتعليمهم مبادئ القراءة والكتابة والحساب وحفظ القرآن الكريم.خلال فترات العمل فى تعليم الصبية أحياناً ما كانت الأمور تتطلب الكتابة على الألواح التى يتعلم عليها الصبية، والشيخ لا يجيدها بالطبع، لكنه وجد مخرجاً من هذا المأزق، حين كان يوضع فيه، فينادى على «العريف» أو «العارف» الذى يعمل تحت سلطانه، ويطلب منه أن يكتب بالنيابة عنه، لأن نظره ضعيف، ولا يحسن رؤية ما يكتب، وكان هذا الأمر مثار عجب من حوله، ممن يعلمون حدة بصره، وأن عينيه مفتوحتان بحجم فنجانين.

ولأن الحجر الدائر لا بد عن «لطه» فقد حدث أن وصل خطاب إلى إحدى سيدات الحى الذى يقبع به كتّاب سيدنا، وكان من ابنها الذى كان يؤدى فريضة الحج يطمئنها فيه أنه بخير، وأتمَّ مناسك الحج بسلام، وأنه فى طريقه إلى المحروسة مصر وسيصلها قريباً.. وما كان من السيدة إلا أن ذهبت إلى سيدنا، وترجته أن يقرأ لها المكتوب.أمسك الشيخ بالورقة وأخذ يحملق فيها، دون أن ينبس بكلمة، طال انتظار الأم المتشوقة إلى سماع أخبار ابنها، وبدأ القلق يتسرب إلى قلبها، وهى تنظر إلى وجه الشيخ الجامد المتخشب أمام الورقة.

خمنت السيدة أن أخباراً سيئة هى السبب فى صمت الشيخ، سألته السيدة: «أصوّت؟».. فأومأ إليها بالإيجاب، ثم أردفت: «أشق هدومى؟»، فقال لها أن تفعل.انطلقت السيدة إلى منزلها وهى تلطم وتحثو التراب فوق رأسها، واستقبلها نسوة البيت وجاراتها بمثل ما تفعل، واشتعل الحزن.لم تمض سوى أيام معدودات حتى عاد الابن من رحلة الحج، ولم تصدق السيدة نفسها وهى ترى ولدها يقف أمامها.

أخذته ومعها أهل الحى وذهبت إلى الشيخ، بعد أن عرفت مضمون الجواب من ابنها، وسألته لمَ فعل هذا؟.. فأجابها بحسم: «الله وحده يعلم الغيب والمقدر.. كان من الأفضل لكِ أن تظنى ابنك ميتاً ولا تتعلقى بأمل عودته لتفرحى حين تجدينه أمامك.. بدلاً من أن تظنيه بخير فتتعلقى بالأمل لتفجعى بعدها بوفاته».إجابة عجيبة!.. لكنها أقنعت الأهالى بأن هذا الشيخ الجاهل بالقراءة والكتابة يملك حيلاً لا يملكها غيره، فظلوا على محبته وتوقيره.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيدنا الشيخ سيدنا الشيخ



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية
 العرب اليوم - نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 العرب اليوم - أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية

GMT 06:31 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ثريدز تختبر إعلانات وصور بين المنشورات للمستخدمين
 العرب اليوم - ثريدز تختبر إعلانات وصور بين المنشورات للمستخدمين

GMT 03:25 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

جيش الاحتلال يعتزم مواصلة الانتشار جنوبي لبنان

GMT 03:17 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

زلزال قوي يهز إثيوبيا بقوة 4.7 ريختر

GMT 03:24 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

الحصبة تتفشى في المغرب 25 ألف إصابة و120 وفاة خلال 16 شهرا

GMT 11:32 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

يسرا اللوزي تتحدّث عن الشخصية التي تتمنى تقديمها

GMT 08:46 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

في ذكرى صاحب المزرعة

GMT 09:25 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

ألوان ديكورات 2025 تعيد تعريف الفخامة بجاذبية جريئة

GMT 08:44 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

كيف ستكون علاقتنا مع ترمب؟

GMT 08:42 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

مناخر الفضول وحصائد «فيسبوك»

GMT 14:00 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

أخطر سلاح في حرب السودان!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab