أطفال «سيد قطب»

أطفال «سيد قطب»

أطفال «سيد قطب»

 العرب اليوم -

أطفال «سيد قطب»

بقلم: د. محمود خليل

علاقة بعض أطفال الستينات والسبعينات بسيد قطب وما ارتبط به من حكايات ارتقت فى بعض الأحوال إلى منصة الأساطير علاقة تثير العجب.

استمع «أيمن الظواهرى» مثل بعض أطفال الستينات والسبعينات إلى بعض الكبار وهم يتحدثون عن سيد قطب. الأحاديث داخل الأسر المصرية حول الرجل اشتعلت بعد القبض عليه عام 1965 وتصدَّر مانشتات أخبار التحقيق معه الصفحات الأولى للجرائد اليومية، وكذلك نشرات الأخبار بالراديو والتليفزيون، وظلت الحال كذلك حتى صدر الحكم عليه واثنين من رفاقه بالإعدام، وعبر وسائل الإعلام تابع الناس خبر تنفيذ الحكم فيهم.

موضوع محاكمة سيد قطب ثم إعدامه شغل بعض الأسر فى مصر، ربما تجد صدى لذلك فى تلك الحوارات المستترة التى كانت تدور داخل أسرة «حامد أفندى برهان» فى رواية «الباقى من الزمن ساعة» للمبدع نجيب محفوظ. ستجد نجله المحامى الإخوانى محمد ينفجر فى وجه زوج شقيقته بعد 1967 متحدثاً عن قتل المسلمين!. وهى ذات العبارة التى تجد «لورانس رايت» يذكر أن أيمن الظواهرى قذف بها فى وجه حسين الشافعى نائب رئيس الجمهورية حينذاك، عندما عرض على أيمن وشقيقه وهما صغيران توصيلهما، حين رآهما يسيران فى أحد شوارع المعادى، حيث كان يسكن «الشافعى» أيضاً، قال أيمن له: «إننا لا نريد أن يقلنا الرجل الذى شارك فى المحاكمة التى قتلت المسلمين». ويشير «رايت» إلى أن هذه الواقعة ربما تكون حدثت بعد إعدام سيد قطب رحمه الله.

الأحاديث عن سيد قطب داخل الأسر المصرية أواخر الستينات والسبعينات كانت مختلفة المشارب، فهناك أسر كانت تتبنى رؤية «عبدالناصر» وثورة يوليو فى النظر إلى الإخوان كرأس حربة للرجعية العربية، وترفض الأفكار الملغمة التى احتشد بها كتاب «معالم فى الطريق»، والتى تحدثت عنها بعض الصحف. وهناك أسر أخرى لم تنشغل بأفكار سيد قطب أو تنظيمه، ولم تهتم بالمعرفة عنهما، قدر ما انشغلت بالحديث عن جانب المأساة فى إعدام رجل ستينى مريض، بالإضافة إلى التهامس بما تعرض له من تعذيب، رغم أن صوره التى كانت تنشرها الجرائد، أو سجلتها كاميرات التليفزيون لا تشى بذلك، بل تقدم لنا رجلاً يسير على قدميه بكامل هيئته ولا يبدو عليه وهو يقف فى قفص الاتهام آثار تعذيب.

أغلب الأسر التى أبدت تعاطفاً مع سيد قطب لم يكن أفرادها -على الأرجح- يعرفون شيئاً عن أفكاره، واعتراهم نوع من التشكك فيما تنشره الصحف حول اعترافاته وأفراد تنظيمه من تخطيط لقلب نظام الحكم، وكان يحركهم فى الأغلب نوع من الرفض لنظام ثورة يوليو، فأبدوا نوعاً من التأثر بسياقات إعدامه، وما لاكته بعض الألسنة من حكايات حول تعذيبه ورفاقه فى السجن.

حكايات كثيرة ألهبت خيال بعض أطفال ذلك الوقت، ومنهم أيمن الظواهرى، حول ما سمعوه من الكبار عن سيد قطب، وهى حكايات لم يقلل من تأثيرها زيادة مساحات الخيال بها، بل على العكس زادت منه، حكايات عن الرجل الذى ردد حين عرض عليه رسل جمال عبدالناصر كتابة اعتذار عما فعل: «إن الأصبع التى تشهد بالوحدانية لله تأبى أن تكتب اعتذاراً لجمال»، وأنه قال للشيخ الذى أراد تلقينه الشهادة قبل الإعدام: «وهل ساقنا إلى منصة الإعدام غير الإيمان بلا إله إلا الله!»، أو ذلك الكلام الذى ردده البعض بعد 67 من أن «الله لا ينصر من أعدم سيد قطب فى معركة يدخلها».

لا خلاف على الدور الذى قامت به جماعة الإخوان فى تغذية هذه الحكايات التى لا نعرف الصادق من الكاذب فيها، لكن رائحة الخيال تفوح منها لأى عقل متأمل، وهو خيال يتحول إلى لهيب فى عقل ووجدان طفل، يمنحه من حوله شعوراً بالعظمة والعبقرية كما كان يفعل المحيطون بأيمن الظواهرى، بالإضافة إلى غرامه الذاتى بالتفوق على الجميع.

ومن اللافت أن تجد أن أغلب من تأثروا بهذه الحكايات وهم أطفال هم من ترجموا أفكار سيد قطب إلى لهيب ونار (صالح سرية - شكرى مصطفى - عصام القمرى، وغيرهم) عندما شبوا وخرجوا عن الطوق.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أطفال «سيد قطب» أطفال «سيد قطب»



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 15:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

"يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة
 العرب اليوم - "يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة

GMT 06:31 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ثريدز تختبر إعلانات وصور بين المنشورات للمستخدمين
 العرب اليوم - ثريدز تختبر إعلانات وصور بين المنشورات للمستخدمين

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

حكومة غزة تحذر المواطنين من الاقتراب من محور نتساريم

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية

GMT 11:21 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

جريمة مدبّرة ضد شقيق عمرو دياب

GMT 16:22 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

"برشلونة يمدد عقد جيرارد مارتن حتى 2028"

GMT 16:01 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

ريهام حجاج تخوض تجربة جديدة وتعلن سبب غيابها سينمائياً

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الجيش الإسرائيلي يحذر اللبنانيين من التوجه إلى الجنوب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab