الهجرة والوجع النفسى

الهجرة والوجع النفسى

الهجرة والوجع النفسى

 العرب اليوم -

الهجرة والوجع النفسى

بقلم - محمود خليل

اضطرار الإنسان إلى ترك الأرض التى نبت فيها وعاش فوق ترابها وبين ناسها إلى غيرها أمر شديد المرارة على النفس. على سبيل المثال نحن كمصريين نموذج على البشر المرتبطين أشد الارتباط بمكان ميلادهم ونشأتهم، والفرد منا إذا ترك الحى أو المحافظة التى يعيش فيها يقول: «يا غربتى»، بل إن بعض الأفراد يضجرون إذا جلسوا فى غير المكان الذى تعودوا الجلوس فيه فى صلاة الجمعة داخل المسجد نفسه. ولماذا نذهب بعيداً ونترك الحقيقة التى تقول إننا كشعب ما زلنا نحيا منذ آلاف السنين على ما يقرب من 3.5% من حجم مساحة الأرض التى تتشكل منها بلادنا، والباقى مهجور، ولا يجد من يهاجر إليه.

لك فى ضوء ذلك أن تتخيل العبء النفسى الذى عاشه النبى صلى الله عليه وسلم وصحابته حين كثرت عليهم الضغوط وضاق بهم المقام داخل مكة، فاضطر بعضهم للهجرة إلى الحبشة مرتين متتاليتين، ثم كان القرار الجماعى بالمغادرة إلى المدينة. لقد عاش النبى وصحابته وجعاً نفسياً كبيراً وهم يتخذون هذا القرار، وتمزقوا بين إحساسهم بأن الظروف فى مكة لم تعد مواتية وأن نصرة الإسلام تقتضى منهم الهجرة، والإحساس بالحزن العميق لاضطرارهم ترك أرضهم وديارهم وذويهم ومعارفهم ليذهبوا إلى أرض غريبة عنهم وبشر لا يعرفونهم.

حزن النبى وتوجعه صلى الله عليه وسلم لترك مكة كان كبيراً وشهيراً، يكفى هذا النداء الذى صدح به من فوق جبال مكة وقد أوشك أن يدير ظهره لها ليأخذ طريقه نحو يثرب: «أما والله إنى لأخرج منك وإنى لأعلم أنك أحب بلاد الله إلى الله وأكرمه على الله، ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت».

كانت ذكريات الحياة فى مكة تطارد النبى والصحابة بعد سنوات من هجرتهم إلى المدينة. تجد ذلك حاضراً حين سمع حادى الإبل «أنجشة» يغنى بشعر يذكر فيه مكة وجمال مكة وأرضها وناسها، فارتج قلب المحب للأرض والبلد، وهو النبى صلى الله عليه وسلم وقال للحادى: يا أنجشة.. دع القلوب تقر. وما أكثر ما استرجع الصحابة ذكرياتهم فى مكة وحياتهم فيها، واعتراهم الضيق بسبب تركهم لها، ودعوا على من أخرجهم منها إلى غيرها.

الهجرة قرار صعب واختبار شاق من الاختبارات التى يصح أن يعانى منها أى إنسان، وربما فسر لك ذلك الآيات القرآنية الكريمة التى تشجع عليها وتعد من يقدمون على اتخاذ قرار بها بالخير الوفير. يقول تعالى: «وَمَن يُهَاجِرْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِى الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً».. ويقول سبحانه: «يَا عِبَادِىَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِى وَاسِعَةٌ فَإِيَّاىَ فَاعْبُدُونِ».

صلى الله وسلم على صاحب الذكرى محمد بن عبدالله المهاجر الذى تحمل ألم الغربة وضغوطها فى سبيل ربه وما أُنزل إليه من ربه، ورضى الله عن المهاجرين الذين تحملوا عبء القرار، ورضى الله عن الأنصار أحباب رسول الله الذين آووا ونصروا وأعزوا وأكرموا المهاجرين وبددوا عنهم وحشة الغربة.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهجرة والوجع النفسى الهجرة والوجع النفسى



نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:43 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
 العرب اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

بشكتاش يواصل انتصاراته فى الدوري الأوروبي بفوز صعب ضد مالمو

GMT 15:13 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع سعر البيتكوين لـ75 ألف دولار

GMT 16:36 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إيمان خليف تظهر في فيديو دعائي لترامب

GMT 12:58 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

منى زكي تكشف عن تحديات حياتها الفنية ودور عائلتها في دعمها

GMT 15:12 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق أول قمر اصطناعي مطور من طلاب جامعيين من الصين وروسيا

GMT 17:41 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يتسبب فى وقف منصات النفط والغاز فى أمريكا

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف عبدالباقي يردّ على أخبار منافسته مع تامر حسني

GMT 14:28 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يمر عبر جزر كايمان وتوقعات بوصوله إلى غرب كوبا

GMT 14:30 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف حركة الطيران في مطار بن جوريون عقب سقوط صاروخ
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab