أفندينا و«نقد الأفندية»

أفندينا و«نقد الأفندية»

أفندينا و«نقد الأفندية»

 العرب اليوم -

أفندينا و«نقد الأفندية»

بقلم: د. محمود خليل

أحدث محمد على نقلة نوعية فى تاريخ التعليم فى مصر، وانتشله من وهدة العصر المملوكى ليضعه فى مربع الحداثة، عبر إنشاء المدارس الأولية والعليا وابتعاث الطلاب للتعليم فى أوروبا.

على المستوى النخبوى، أثمرت تجربة «محمد على» مجموعة من الرموز الكبرى التى تبنَّت رؤية نقدية فى النظر إلى العديد من الأفكار التى تشل قدرة المجتمع على التقدم، وركزوا فى هذا السياق على العديد من الأفكار الاجتماعية البالية التى تصادر على حقوق المرأة وأوضاعها، بالإضافة إلى تقديم فهوم جديدة لبعض الأفكار الدينية المفهومة خطأ لدى المجموع، مثل التفرقة بين مسألتى التوكل والتواكل، ونقد بعض الأفكار والعادات الدينية الشعبوية التى تتناقض مع الفهم العقلانى الرائق للدين، وما يدعو إليه من أخذ بعلوم الدنيا، وما يؤكده من قيم رفيعة تدعو إلى إعمار الحياة.

تجد صدى هذه الأفكار واضحاً لدى رفاعة الطهطاوى، ثم الشيخ الإمام محمد عبده، وتلامذة الإمام، خصوصاً من الساسة، مثل عبدالله النديم وأحمد عرابى ثم سعد زغلول، والمفكرين والأدباء مثل الدكتور طه حسين وأحمد لطفى السيد، وقد تحرك التلامذة هم الآخرون برؤى نقدية، عبرت عن النقلة التى أحدثتها تجربة التعليم الحديث فى عصر محمد على فيما يتعلق بتشغيل «العقل النقدى» فى الواقع، والتفكير الجاد فى رسم خرائط جديدة له.

الأمر على مستوى القاعدة الشعبية التى التحقت بالمدارس كان مختلفاً، فالوالى كان يستهدف من وراء تدشين تجربة التعليم الحديث إيجاد موظفين ينخرطون فى العمل داخل دواوين الحكومة، وقد اتجه كل من وجد فى نفسه القدرة على ذلك إلى الالتحاق بالمدارس جرياً وراء الوظيفة بما تؤمِّنه من دخل ثابت ضد تقلبات الحياة.

هدف محمد على من التعليم كان واضحاً، إذ تمثل فى خدمة أهداف الدولة ودعم مشروعه النهضوى، ولم يكن لديه أحلام فى تطوير الشعب الذى نظر إليه كمجموعة من الشغيلة يتوجب أن يسمعوا له ويطيعوا. أما المواطن فكان هدفه الوظيفة والدخل الذى يؤدى إلى تحريكه إلى أعلى اقتصادياً واجتماعياً، ولا يكترث بما يسمعه عن طموحات الدولة.

لم يكن محمد على يستهدف إيجاد شعب «ناقد» قادر على التفكير قدر ما سعى إلى إيجاد شعب قادر على العمل فى إطار أهداف الدولة، ورغم ذلك فقد مثلت طبقة «الأفندية» المتعلمين وطلاب المدارس العليا، وحتى الموظفين، الذخيرة الحية التى تحركت بها ثورة 1919، وتشكل تيار ليبرالى مدنى بدأ يؤسس لفكر ومرتكزات جديدة يقوم عليها المجتمع، بعد أن هزت النخبة «الناقدة» الكثير من المفاهيم القديمة الموروثة، لكن المشكلة أن بأس أبناء هذا التيار فيما بينهم كان شديداً، فبدأ فى التفكك والتضعضع، وأعملت كل جماعة منهم آلة النقد فى غيرها، لأن المصالح الضيقة كثيراً ما كانت تغلب على الرسالة التى يفترض أن يتبناها الجميع فى نقد القوى والأفكار المعطلة لنهضة المجتمع المصرى ككل.

من المهم أيضاً الالتفات إلى أن تجربة مصر فى التعليم طيلة القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين، لم تكن من الاتساع بحيث تشمل أفراد المجتمع المصرى ككل، فالأمية ظلت معوقاً أساسياً من معوقات التحديث وشحن العقل النقدى، ورغم تميز الخدمة التعليمية التى كانت تقدمها المدارس فى بداية التجربة، فإن المشكلات الاقتصادية التى واجهت الدولة بدءاً من عصر الخديو إسماعيل عطلت قدرة الدولة على توفير التعليم المجانى، فأصبح بمصروفات، وباتت مسألة الرجوع إلى المجانية هماً أساسياً من هموم النخبة الناقدة، وبدأت المناداة بالمجانية تأخذ أبعاداً سياسية، صرفت الكثيرين عن التفكير فى المسألة الخطيرة المتعلقة بـ«جودة الخدمة التعليمية».

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفندينا و«نقد الأفندية» أفندينا و«نقد الأفندية»



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:16 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ميمي جمال تكشف سبب منع ابنتها من التمثيل
 العرب اليوم - ميمي جمال تكشف سبب منع ابنتها من التمثيل

GMT 06:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الحكومة والأطباء

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 11:18 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

رسميًا توتنهام يمدد عقد قائده سون هيونج مين حتى عام 2026

GMT 13:28 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

5 قتلى جراء عاصفة ثلجية بالولايات المتحدة

GMT 19:53 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

أوكرانيا تعلن إسقاط معظم الطائرات الروسية في "هجوم الليل"

GMT 10:05 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

شركات الطيران الأجنبية ترفض العودة إلى أجواء إسرائيل

GMT 19:00 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

أوكرانيا تؤكد إطلاق عمليات هجومية جديدة في كورسك الروسية

GMT 10:12 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

انخفاض مبيعات هيونداي موتور السنوية بنسبة 8ر1% في عام 2024

GMT 11:11 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

إقلاع أول طائرة من مطار دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد

GMT 18:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هوكستين يؤكد أن الجيش الإسرائيلي سيخرج بشكل كامل من لبنان

GMT 07:25 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

استئناف الرحلات من مطار دمشق الدولي بعد إعادة تأهيله

GMT 10:04 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

البيت الأبيض يكتسى بالثلوج و5 ولايات أمريكية تعلن الطوارئ

GMT 08:21 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يتعرّض لهجوم جديد بسبب تصريحاته عن الوشوم

GMT 06:39 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

زلزال قوي يضرب التبت في الصين ويتسبب بمصرع 53 شخصًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab