«وش النملة»

«وش النملة»

«وش النملة»

 العرب اليوم -

«وش النملة»

بقلم: د. محمود خليل

وجوه المصريين لا تصمت فقط فى حالة الهزيمة أو الانكسار، وإن كانت فى صمتها تنطق، بل ما أكثر ما يتذكرون «وشوش» غيرهم ممن تسببوا فى هزيمتهم أو كسرهم، فيصفونها بأبشع الألفاظ، انطلاقاً من أن وجه الشخص «عنوانه».من أشهر الأحداث التى اقترن بها هذا الفعل فى تاريخ المصريين الثورة العرابية.

وظنى أنه لم يرتبط حدث بالعديد من المقولات الشهيرة والمتوارثة فى حياة هذا الشعب، مثلما وقع مع هذه الثورة. ترددت على ألسنة القطاع المؤيد للثورة، والمصطف وراء «عرابى»، عبارات مثل: «الولس كسر عرابى».. «عرابى زعيم الفلاحين».. وفى مواجهة الخديو توفيق، الذى اعتبره المؤيدون لـ«عرابى» السبب فى الاحتلال الإنجليزى لمصر، اشتهرت عبارة: «يا توفيق يا وش النملة.. مين قال لك تعمل دى العملة».لكل وجه من وجوه مخلوقات الله تعالى سماته وهيأته، والإنسان يستحسن أو يستقبح من بينها ما يراه حسناً أو قبيحاً. ووجه النملة فى نظر المصريين هو من أكثر الوجوه قبحاً، ورغم أن العين المجردة لمن هتفوا بهتاف: «يا توفيق يا وش النملة» لم تدرك تفاصيل وجه النملة المسكينة، فإن الواضح أنهم كانوا يستقبحونه.

وقد قرأت فى أكثر من كتاب أن الهتاف الأصلى كان يتحدث عن وجه آخر لحشرة أشد قبحاً، ولكن يبدو أن الأجيال التالية لجيل العرابيين ارتأت التخفيف من الأمر، فوضعت النملة مكان هذه الحشرة.أراد المصريون أن يعبروا عن غضبهم العارم من «توفيق» وما فعله حين تواطأ مع الإنجليز ضد «عرابى» والعرابيين، فتركوا كل شىء واتجهوا إلى وجهه وشبّهوه هذا التشبيه.

وتشويه الوجه عادة مصرية تظهر حين يغضب شخص على آخر فلا يجد أمامه إلا وجهه، فيقول له: «وشّك فقر».. «وشّك يقطع الخميرة من البيت».. وهم أيضاً ميالون إلى وصف الوجوه حين يرضون، فيقولون: «وشك حلو عليه».. «يا وش الخير يا قدم السعد».. «سيماهم فى وجوههم».. وهكذا.فى كل الأحوال، نفّس الناس عن غضبهم من الخديو توفيق بتقبيح وجهه وتشبيهه بالنملة فى هتافاتهم بالشوارع والأزقة، لكن ذلك لم يغير فى الواقع شيئاً، بل ظلت الوشوش التى تهتف مكسوة باليأس، ومغلّفة بالضعف والهوان، ويبدو أن نظرة المصريين إلى «الوشوش» لم تتغير كثيراً بمرور الأيام، بل ظلت على ما هى عليه أيام العرابيين، والدليل على ذلك أن الأجيال التالية دأبت على تذكّر «وش النملة» فى كل مرة يغضبون فيها على أحد، وما أكثر مَن غضبوا عليه.

الوجه المصرى ليس وجهاً صامتاً بسبب قدرية العقل الجمعى العام، كما ذهب من قبل علماء الحملة الفرنسية، بل هو وجه ناطق كل النطق، وتعابيره وملامحه دالة دائماً على ما يعتمل فى نفسه، أو ما يحاول أن يبديه فى الظاهر ليبقى «اللى فى القلب فى القلب». وهو إذا جمد وتصلب فسيكون لذلك ما بعده.كأن جمود الوجه المصرى فكرٌ قد يعقبه فعل.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«وش النملة» «وش النملة»



ياسمين صبري أيقونة الموضة وأناقتها تجمع بين الجرأة والكلاسيكية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:37 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

تامر حسني وهنا الزاهد ينتهيان من تسجيل أغنية أحلى واحدة
 العرب اليوم - تامر حسني وهنا الزاهد ينتهيان من تسجيل أغنية أحلى واحدة

GMT 11:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

مصر والعرب في دافوس

GMT 11:49 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

ليل الشتاء

GMT 03:28 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

أول عاصفة ثلجية في تاريخ تكساس والأسوء خلال 130 عاما

GMT 15:30 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

الاحتلال الإسرائيلي يواصل العملية العسكرية في جنين

GMT 16:20 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

يوفنتوس يعلن التعاقد مع كولو مواني على سبيل الإعارة

GMT 23:16 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

نوتنجهام فورست يجدد رسميا عقد مهاجمه كريس وود حتى 2027
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab