زفة مطرب

زفة مطرب

زفة مطرب

 العرب اليوم -

زفة مطرب

بقلم: د. محمود خليل

لو كان الناس ينشغلون بالمواهب العلمية قدر ما ينشغلون بالمواهب الغنائية لأصبحنا فى حال غير الحال.

لفتتنى حالة الاهتمام الجارف الذى أبدته مواقع التواصل الاجتماعى وبعض منصات الإعلام بالشاب الذى يعمل نقاشاً ويغنى وهو يؤدى عمله، ولست هنا فى سياق تقييم صوته، فقد سمعت له أغنية «بكرة يا حبيبى»، وكان إحساسى بها محملاً بإحساسى بوردة الجزائرية -رحمها الله- صاحبة هذه الأغنية، وقد يكون الحكم عليه أصوب حين يغنى مادة غنائية ولحنية خاصة به.

احتفاء غريب وعجيب قوبل به الشاب، عبّر هو شخصياً عن مفاجأته به، ومع كامل احترامى له ولموهبته ولعمله المبدع، أسأل: ماذا لو كان هذا الشاب مخترعاً، أو حقق إنجازاً علمياً استثنائياً، هل كان سيلقى نفس القدر من الاهتمام والحفاوة؟ التجربة تقول لا. فكم من شباب مخترع وقدم إسهامات مميزة فى المجالات العلمية داخل وخارج مصر، سمعنا عنهم بشكل عابر، ولم يلقوا الاهتمام الذى يستحقونه، والرعاية التى يتوجب على المجتمع ومؤسساته شمولهم بها.

المسألة هنا ليست مسألة ترجيح كفة العلم على الفن، أو العكس. فالمجتمع يحتاج إلى كليهما، وهما معاً يُعتبران مقياساً لحيوية المجتمع وقدرته على التطور. الفن بكل ألوانه مهم، وله وظيفته فى حياة البشر، لكن للعلم مكانته وأدواره فى نهضة المجتمعات، ولكى أكون أكثر تحديداً أشير إلى أن العلم هو الأصل، فالإنسان -منذ عصر آدم- بدأ رحلته فى الحياة بالتفكير والبحث عن حلول للمشكلات التى تواجهه وطرق تؤمّن احتياجاته، بعدها اخترع الناى وجلس يغنى.

ولو أنك قرأت حكاية «أدهم» ضمن رواية العالمى نجيب محفوظ «أولاد حارتنا»، فستجد أن الرجل كان يخلد إلى الراحة فى الحديقة والاستماع إلى أناشيد طيورها ويعزف على الناى تعبيراً عن سعادة نفسه حين كان يعيش فى البيت الكبير، ناعماً آمناً على قوته وسبل معيشته وراحته، وتبدلت أحواله حين قرر الأب طرده من البيت الكبير إلى الخلاء، ساعتها وجد نفسه أعزل فى مواجهة الحياة، فبدأ يجتهد حتى يقيم معيشته، ويرعى زوجته وابنيه، وأصبحت الحديقة والناى بالنسبة إليه ذكرى لأيام خوالٍ عاش فيها الراحة ونعم فيها بالرضا.

فالعلم الذى أصبح سلاح الإنسان الأول فى مواجهة مشكلات الحياة وتحدياتها له الأولوية على ما عداه، والأوجب أن يهتم المجتمع ومؤسساته بمن يجيدون فيه، ويجتهدون فى ساحته، خصوصاً إذا كان مجتمعاً يواجه العديد من المشكلات والتحديات، وأن يحتفى ناسه بمن يسهمون فى هذا السياق، أما الزفة التى شعر بها المصريون جميعاً مع اكتشاف «المطرب الجديد» فلا تعبّر عن إحساس حقيقى بالأولويات التى يجب أن نتبناها وأن ندافع عنها.

الفن تعبير عن حالة المجتمع، والمجتمعات المتقدمة المتنورة هى الأقدر على إنتاج فن حقيقى يساهم فى بناء وجدان عام أكثر نضجاً وارتكازاً، أما المجتمعات التى تختلط فيها الأولويات، ويزيغ فيها البصر، بحيث لا يستطيع أن يميز الأهم من الأقل أهمية، فهى تنتج فناً مختلطاً عشوائياً، وهى فى كل الأحوال مضطرة إلى أن تحن لقديمها وتستدعى أغانى الماضى، حين كان الفن يعبّر عن حالة أكثر تماسكاً وسلامة

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زفة مطرب زفة مطرب



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:16 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ميمي جمال تكشف سبب منع ابنتها من التمثيل
 العرب اليوم - ميمي جمال تكشف سبب منع ابنتها من التمثيل

GMT 06:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الحكومة والأطباء

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 11:18 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

رسميًا توتنهام يمدد عقد قائده سون هيونج مين حتى عام 2026

GMT 13:28 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

5 قتلى جراء عاصفة ثلجية بالولايات المتحدة

GMT 19:53 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

أوكرانيا تعلن إسقاط معظم الطائرات الروسية في "هجوم الليل"

GMT 10:05 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

شركات الطيران الأجنبية ترفض العودة إلى أجواء إسرائيل

GMT 19:00 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

أوكرانيا تؤكد إطلاق عمليات هجومية جديدة في كورسك الروسية

GMT 10:12 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

انخفاض مبيعات هيونداي موتور السنوية بنسبة 8ر1% في عام 2024

GMT 11:11 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

إقلاع أول طائرة من مطار دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد

GMT 18:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هوكستين يؤكد أن الجيش الإسرائيلي سيخرج بشكل كامل من لبنان

GMT 07:25 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

استئناف الرحلات من مطار دمشق الدولي بعد إعادة تأهيله

GMT 10:04 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

البيت الأبيض يكتسى بالثلوج و5 ولايات أمريكية تعلن الطوارئ

GMT 08:21 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يتعرّض لهجوم جديد بسبب تصريحاته عن الوشوم

GMT 06:39 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

زلزال قوي يضرب التبت في الصين ويتسبب بمصرع 53 شخصًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab