من «الخشب» إلى «الكرتون»

من «الخشب» إلى «الكرتون»

من «الخشب» إلى «الكرتون»

 العرب اليوم -

من «الخشب» إلى «الكرتون»

بقلم: د. محمود خليل

أوائل السبعينات ألف أستاذ الصحافة الراحل الدكتور "ابراهيم عبده" كتاباً عنوانه: "ومن النفاق ما قتل"، وكما يظهر من عنوانه يعالج الكتاب حالة الضياع التي تعيشها الأمم التي يسودها النفاق، والمآلات الكارثية التي تنتهي إليها.وقبله كتب الراحل "صلاح جاهين" رباعية يقول فيها: "علم اللوع أضخم كتاب في الأرض.. بس اللي يغلط فيه يجيبه الأرض"، ملوحاً إلى الخطر الذي يمكن أن يحيق بالمجتمعات التي يسودها "اللوع"، وتختفي فيها قيم المصارحة والمباشرة، فما أسهل ما تنكشف أمام أصغر "غلطة"، وفي مواجهة أضعف خصم أو عدو.ونبه القرآن الكريم -من قبل ومن بعد- بالدور الذي تلعبه كتائب النفاق والمنافقين في إتلاف الواقع وإفساده، وتهيئته للسقوط والانهيار، وقد جعل الله تعالى المنافقين في الدرك الأسفل من النار: "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار".المنافقون داخل أي مجتمع هم الأشيك والأقدر على الخداع باللغة.. إنهم صور قد تأسر العين، لكنهم صور بلا معنى ولا قيمة ولا فائدة، بل هم مصدر الضرر الأكبر على المجتمعات.يقول الله تعالى واصفاً المنافقين: "وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون".كذلك المنافقون في كل زمان ومكان، يصفهم "ابن كثير" في تفسيره للآية الكريمة السابقة: "صور بلا أحلام وأشباح بلا عقول". إنهم كائنات خشبية، بليدة الإحساس، ينصرف تفكيرها إلى ما يحقق مصالحهم، يرخص في أعينهم خراب المجتمعات التي يعيشون فيها في سبيل ما يحصدونه من مغانم، مهما كانت صغيرة.ولأنهم يعرفون أنفسهم، ويعلمون أنهم مفضوحون أمام البشر الذين يعيشون بينهم، فإنهم يتوجسون من أي تلميح يشير إليهم.. أو بالتعبير القرآني: "يحسبون كل صيحة عليهم".. إنهم من الصنف الذي ينطبق عليه المثل المصري الشهير "اللي على راسه بطحة"، وما أكثر البطحات التي تتسكع فوق أدمغتهم.حذر القرآن الكريم النبي صلى الله عليه وسلم من المنافقين بصورة خاصة: "هم العدو فاحذرهم"، بسبب الخطر الذي مثلوه عليه وعلى المجتمع الذي شيده. ومصدر خطر المنافقين يأتي من وجودهم وسط غيرهم من البشر العاديين، ما أكثر ما يزعمون الحرص عليهم، أو يدعون أنهم الأكثر ولاءاً للمجموع، والأشد دفاعاً عن مصالحه، وحاضره ومستقبله. وغالباً ما ينجحون لبعض الوقت في خداع الناس، إذ أن أمرهم لا يتكشف بسهولة، إلا أن يشاء الله فضيحتهم، ذلك بالنسبة للمنافقين العتاة الذين نقرأ عنهم في كتب التراث، لكن الأجيال التالية اتسمت بقدر كبير من الضحالة، وضعف القدرات حتى فيما يتعلق بالنفاق، وإذا كان منافقو الماضي مجموعة من التماثيل الخشبية المسندة، فقد خلف من بعدهم خلف من المنافقين الأشبة بالكائنات الكرتونية.في كل الأحوال وجود المنافقين مقدمة أساسية من مقدمات التراجع في الأداء وتردي الأوضاع، ونذير بالنكسات والانكسارات وسوء العواقب..لم يخطىء الدكتور ابراهيم عبده -رحمه الله- حين قال "ومن النفاق ما قتل"، لأن هذا الداء يشبه القاتل الصامت الذي يفتك بالمجتمعات دون أن تدري.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من «الخشب» إلى «الكرتون» من «الخشب» إلى «الكرتون»



نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:10 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

حكيم يرد على شائعة القبض عليه في الإمارات بفيديو من مصر
 العرب اليوم - حكيم يرد على شائعة القبض عليه في الإمارات بفيديو من مصر

GMT 09:19 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً
 العرب اليوم - أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

بشكتاش يواصل انتصاراته فى الدوري الأوروبي بفوز صعب ضد مالمو

GMT 15:13 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع سعر البيتكوين لـ75 ألف دولار

GMT 16:36 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إيمان خليف تظهر في فيديو دعائي لترامب

GMT 12:58 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

منى زكي تكشف عن تحديات حياتها الفنية ودور عائلتها في دعمها

GMT 15:12 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق أول قمر اصطناعي مطور من طلاب جامعيين من الصين وروسيا

GMT 17:41 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يتسبب فى وقف منصات النفط والغاز فى أمريكا

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف عبدالباقي يردّ على أخبار منافسته مع تامر حسني

GMT 14:28 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يمر عبر جزر كايمان وتوقعات بوصوله إلى غرب كوبا

GMT 14:30 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف حركة الطيران في مطار بن جوريون عقب سقوط صاروخ

GMT 14:43 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

كندة علوش تعود إلى الدراما بمسلسل ناقص ضلع فى رمضان 2025

GMT 20:13 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات الأحزمة الفاخرة لإضافة لمسة جمالية على مظهرك

GMT 00:38 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab